أخبار

روسيا تخوض لعبة دهاء مع أميركا بشأن قرغيزستان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

موسكو: بدأت روسيا لعبة سياسية تنطوي على مجازفة مع الرئيس الأميركي الجديد باراك اوباما عبر اجبار حليفتها قرغيزستان على اغلاق قاعدة عسكرية أميركية مع الاحتفاظ بالمبادرات الرامية الى اقامة علاقات أفضل مع واشنطن. وقاعدة ماناس الجوية قرب عاصمة هذه الدولة الواقعة في اسيا الوسطى مركز امداد رئيسي للقوات الأميركية التي تقاتل في افغانستان وهي الحملة التي حددها اوباما كأولوية أساسية.

وقال رئيس قرغيزستان كرمان بك باقييف وهو يقف الى جوار الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في مؤتمر صحفي عقد بموسكو يوم الثلاثاء انه سيغلق القاعدة بعد الحصول على معونة مالية ضرورية للانقاذ تتجاوز قيمتها ملياري دولار من روسيا. وجاءت هذه الخطوة المفاجئة وسط مبادرات ميدفيديف لاوباما التي تهدف الى رفع العلاقات الثنائية من الحضيض الذي وصلت اليه بعد الحرب الباردة حيث ضعفت منذ ايام الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

وقال اليكسي مالاشينكو من معهد كارنيجي للسلام وهو مؤسسة بحثية "ما كان المرء ليختار لحظة أسوأ لهذه الخطوة." وصرح مسؤولون روس بأنهم تلقوا اشارات ايجابية من واشنطن بشأن نقاط خلاف أساسية - خطط الولايات المتحدة لنشر أجزاء من نظام دفاعها الصاروخي في شرق اوروبا وقضية عضوية كل من اوكرانيا وجورجيا الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين في حلف شمال الاطلسي.

لكن الضغط الروسي على قرغيزستان لاغلاق قاعدة ماناس يبدو غريبا حيث يرى محللون أن جهود حلف الاطلسي لهزيمة طالبان هي أحد المجالات القليلة التي تلتقي فيها مصالح واشنطن مع مصالح موسكو الى حد كبير. فروسيا التي تخشى احتمال تدفق التطرف الاسلامي من افغانستان الى اسيا الوسطى المجاورة تؤيد الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في افغانستان منذ بدئها عام 2001.

وقد أشارت الى أنها يمكن أن تسمح بمرور الامدادات غير العسكرية لقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان عبر أراضيها وهي ملتزمة بالاقتراح على الرغم من تجميد علاقاتها مع الحلف بعد الحرب التي خاضتها في اغسطس اب ضد جورجيا. ومن المنتظر أن يلتقي ميدفيديف مع اوباما في ابريل نيسان على هامش مؤتمر لندن الذي يشارك فيه 20 اقتصادا بارزا. ويجتمع وزراء دفاع وخارجية الجانبين قبل هذا ومن المتوقع أن تكون أفغانستان بندا مهما على جدول الاعمال.

وقال مالاشينكو "من المستبعد أن يؤثر الرحيل من ماناس على خطط اوباما في افغانستان لكنه قد يسبب مشاكل في المحادثات (مع روسيا)... اذا كانت هذه مسألة مبدأ بالنسبة لروسيا فهذه سياسة حمقاء." غير أن محللين اخرين يعتقدون أن روسيا ربما تتبع استراتيجية اكثر عمقا. وسارع ميدفيديف الى قول ان روسيا وقرغيزستان ستواصلان التعاون مع واشنطن بشأن افغانستان.

وأضاف "لا أحد يحاول التهرب من المسؤولية... لكن يجب الاتفاق على أشكال التعاون مع الشركاء." لكن موسكو في حين تدعم الحملة التي تقودها الولايات المتحدة أصبحت قلقة في الاونة الاخيرة من أن ادارة الغرب للعملية لم تسهم الا في زيادة انعدام الاستقرار بافغانستان. وأشار ميدفيديف الى أنه يجب أن يكون لروسيا والصين وحلفائهما باسيا الوسطى رأي اقوى في الجهود الدولية لتحقيق السلام في افغانستان.

وأيدت روسيا فكرة عقد قمة عن افغانستان في اطار منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم الصين والجمهوريات السوفيتية الاربع السابقة باسيا الوسطى وقرغيزستان واحدة منها. ويقول المحلل المستقل اركادي دابنوف ان من الممكن تفسير قرار اغلاق قاعدة ماناس على أنه عرض من موسكو على اوباما لمراجعة القواعد الاقليمية للعبة. وأضاف "لدي شعور بأن روسيا تريد عرض شكل جديد للتعاون تتحدث فيه روسيا بالنيابة عن المنطقة في الاتصالات مع الولايات المتحدة... يمكن أن تتم المساومة على هذا الاساس."

وتعتبر روسيا أن اسيا الوسطى جزء من منطقة نفوذها التقليدي ويساورها القلق بشأن الوجود المتنامي للغرب هناك. ويحرص الزعماء الاقليميون - الذين يعدهم الدبلوماسيون الغربيون الذين يتوافدون على المنطقة بعلاقات سياسية وتجارية وثيقة - بشكل متزايد على انهاء اعتمادهم على موسكو. وتتخذ روسيا خطوات لتعزيز سيطرتها على المنطقة التي توجد بها عقود مربحة للطاقة فضلا عن تحسين التعاون العسكري والامني .

وقال مالاشينكو "عرض المساعدات على قرغيزستان اليائسة مقابل ماناس فرصة مثالية لموسكو لبسط سيطرة كاملة على البلاد." وكان رد الفعل الاولي للولايات المتحدة على قرار قرغيزستان خافتا. وقال الجيش الأميركي انه يواصل المحادثات مع حكومة قرغيزستان بشأن مبلغ التعويض عن استخدام القاعدة مما يترك مساحة للحلول الوسط.

وتغازل واشنطن الان قوة أخرى باسيا الوسطى هي اوزبكستان حتى تتيح لها استخدام قاعدة كارشي الجوية مجددا وهي منشأة اكثر قوة ترجع الى الحقبة السوفيتية وكانت تستخدمها في بداية الحملة الافغانية. ومن الممكن أن يكون في هذا تعويض يجعل فقد قاعدة ماناس أقل ضررا.

ويقول محللون اقليميون ان الرئيس الاوزبكي اسلام كريموف الذي طرد الجيش الأميركي من قاعدة كارشي بعد تنديد الغرب بالحملة الدموية التي شنها ضد المعارضة في انديجان عام 2005 ربما يعيد النظر الان في قراره. وقال دابنوف "بموجب شروط تأجير القاعدة ما زال هناك ستة أشهر على انتهائه... هذا وقت للمساومة."


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف