كيسنجر يزور موسكو سرًا لتسويق مبادرة لأوباما بشأن الأسلحة النووية

فالح الحمراني من موسكو: قام وزيرة الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسنجر مؤخرًا بزيارة سرية لموسكو حيث إلتقى، بتكليف من الرئيس باراك اوباما، بالرئيس الروسي دمتري ميدفيديف. ووفقًا لمصادر صحفية غربية، فإن كيسنجر حاول اقناع الرئيس ميدفيديف بالموافقة على تقليص الاسلحة النووية. ولا يستبعد أن يكون كيسنجر قد ناقش الموقف الروسي من قضية نشر اجزاء نظام الدفاع المضاد للصواريخ بأوروبا. وقالت المصادر نفسها إن المهمة السرية بموسكو للدبلوماسي الاميركي استغرقت يومين، سعى خلالها اقناع الرئيس الروسي بدعم مبادرة اوباما التي تقضي بأن يبقى لدى كل بلد 1000 رأس نووي.
ويرى المحللون أن اوباما يسعى بهذه الطريقة لمنع معارضة الجمهوريين المحتملة في الكونغرس. والمعروف ان كينسجر يتمتع بخبرة دبلوماسية واسعة وانه يحظى باحترام خاص في موسكو. ووفقا لبعض المعطيات فإن كيسنجر إلتقى ايضًا برئيس الحكومة فلاديمير بوتين.
وكان كيسنجر قد دعا في كلمته امام مؤتمر الامن المنعقد في ميونخ الالمانية الى تقليص الترسانات النووية، ووصف الاقتراح الروسي باستخدام مشترك للمحطات الرادارات في اطار نظام دفاعي مضاد للصواريخ بالاقتراح المهم.وقال ان هناك فرصة لتقليص حجم الرؤوس النووية لدى روسيا واميركا.

تحفظ روسي
في غضون تلقت دوائر المراقبين الروس بتحفظ ما نشرته صحيفة التايمز البريطانية مؤخرًاعن أن الرئيس الاميركي باراك اوباما يعتزم ان يفترح على روسيا مبادرة تقضي بخفض للاسلحة النووية لحد ان يبقى لدى كل طرف 1000 رأس نووي، وعادة ما تكون اراء هولاء الخبراء قريبة او متطابقة مع الموقف الرسمي. وامتنعت وزارة الخارجية التعليق على النبأ وحتى تلقي روسيا نصا رسميا من الادارة الاميركية.
وبرأي ممثل روسيا الدائم في حلف الناتو دمتري روجوزين فان قضية تقليص الرؤوس النووية مرتبطة بمسالة نظام الدفاع المضاد للصواريخ موضحا: " من غير المقبول الاقتراح على روسيا بتقليص الرؤوس النووية وفي الوقت نفسه بناء منصات صاروخية عند حدودها لتدمير صواريخها الباقية".مشيرا الى" ان ألف رأس نووي التي يقترح اوباما ان تبقى في حوزة كل طرف غير كافية للتغلب على نظام الدفاع الاميركي المضاد للصواريخ".
من ناحيته اشار خبير معهد موسكو للتحليل السياسي والعسكري الكسندر خارامتشينكو الى ان " حجم الرؤوس التي يقترحها باراك اوباما لروسيا غير كافية لردع الولايات المتحدة بالاسلحة النووية".منوها بان بوسع الولايات المتحدة تعطيل فعالية الاسلحة النووية الروسية بعد تقليصها حتى من دون ان تستعمل واشنطن لذلك اسلحتها النووية. موضحا "ان الاسلحة النووية الروسية تتألف على الاغلب من الصواريخ التي ترابط في مناجم تحت الارض، وان بوسع اميركا تدميرها بالاسلحة غير النووية التي تصيب اهدافها بدقة متناهية، اضافة الى ان نظام الدفاع المضاد للصواريح سوف يدمر الصواريخ التي تطلقها روسيا وهي في الجو".
هواجس من الصين
وقال خرامتشينكو ان تقليص القدرات النووية سوف يجعل روسيا عاجزة ليس عن مواجهة الولايات المتحدة وانما الصين ايضا. مشيرا الى ان القوة النووية الصينية تتالف بالأساس من الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى التي لا يزيد مداها على 600 كم، وهذه الصواريخ لا تشكل خطرًا على الولايات المتحدة ولكنها تطول روسيا. ووفقًا لتقديراته فان روسيا ستكون عاجزة بعد اجراء تقليص أسلحتها النووية التي يقترحها اوباما، عن إنزال ضربة قاصمة بالصين، وبالتالي فإنها ستحرم نفسها من ردع الصين بالسلاح النووي. واضاف " ان تفوق الصين بالقوة البشرية الى جانب انخفاض حساسية الجيش الصيني بالخسائر البشرية، يمكن ان يغري بكين بتسوية الخلافات حول عائدية الاراضي الحدودية مع روسيا بالطرق العسكرية". ووفقًا لرأي مدير معهد اميركا وكندا سيرجي روجوف فإنه "سيتعين على واشنطن تقديم تنازلات في مسائل معقدة، التي من دونها لا يمكن الاتفاق مع روسيا حول تقليص كبير للاسلحة النووية". منوهًا ان من الضروري الاتفاق ليس فقط على تقليص الرؤوس النووية وإنما على عدد الصواريخ الناقلة للرؤوس النووية. فمن شأن هذا ان يزيل تفوق الولايات المتحدة في هذا المجال ويقلل من خطر تجهيز الصواريخ الناقلة بالرؤوس النووية بسرعة". وربط روجوف ايضًا تقدم المباحثات بتقليص الأسلحة النووية بمسالة نظام الدفاع المضاد للصواريخ. في اوروبا وضم جورجيا وأوكرانيا لحلف الناتو.