إستخدام أوباما لغة التخويف قد يأتي بنتائج عكسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: قد يتصور الرئيس الأميركي باراك أوباما ان استخدام كلمات مثل "كارثة" و"أزمة" و" نكبة" ستساعده على تمرير خطط الإنقاذ الإقتصادي التي يتبناها لكن التاريخ الأميركي أثبت أن تكتيكات الترويع قد تأتي بنتائج عكسية. وبعد ان أقام حملته الانتخابية على وعد بالامل والتصدي لما وصفه "بسياسات الترويع" للرئيس الاميركي السابق جورج بوش قد يرتكب أوباما خطأ سياسيا فادحا في حق نفسه وفي حق سياساته اذا لجأ الى نفس التكتيك.
وفي غمار سعيه للضغط على الكونغرس والحصول على تأييد شعبي لمقترحاته المكلفة استخدم الرئيس الاميركي الجديد لغة سياسية بالية للتخويف ورسم سيناريوهات رهيبة على امل اقناع المتشككين بالحاجة الى ضرورة التحرك السريع. وقد يفلح هذا وقد لا يفلح. ويقول كريس ادواردز مدير دراسات السياسة الضريبية في معهد كاتو "التعبيرات التي من شأنها اعطاء الانطباع بأن نهاية العالم قربت ليست جيدة بالنسبة لثقة قطاع الاعمال."
وهاجم منتقدون بوش ونائبه ديك تشيني لاشاعة الذعر بين الشعب الاميركي لتمرير برامج انتهكت الحريات المدنية باسم الامن القومي. واستغل بوش وادارته خوف الاميركيين من حدوث هجمات اخرى على غرار هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 لتبرير الحرب في افغانستان ضد حركة طالبان وتبرير غزو العراق بزعم امتلاكه اسلحة دمار شامل وتبرير اقامة السجن الحربي الاميركي في خليج غوانتانامو بكوبا لاحتجاز مئات الاشخاص الذين تشتبه واشنطن في انهم ارهابيون دون محاكمة.
وتولى أوباما الرئاسة الاميركية في 20 يناير كانون الثاني ليواجه أزمة مختلفة.. انهيار اقتصادي أغرق شركات كبيرة محترمة وأفقد مئات الالاف لوظائفهم خلال شهر ودفع البنوك الى فرض قيود على القروض التي تعتبر مولدا رئيسيا للنمو الاقتصادي. وحتى يخرج الاقتصاد الاميركي من أزمته طرح أوباما خطة انقاذ مالي لتحفيز الاقتصاد كما وضع خطة جديدة لانقاذ البنوك.
وقال أوباما هذا الاسبوع "بذل القليل من الجهد او عدم القيام بأي جهد على الاطلاق سيؤدي الى مزيد من العجز ومزيد من الخسائر في الاقتصاد ومزيد من فقدان الثقة. هذا العجز من النوع الذي يمكن ان يحول الازمة الى كارثة." واستخدام أوباما للغة تلعب على مخاوف الشعب قد يجعل المواطنين الاميركيين يهرولون من الخوف لتأييده لكنها قد تدفعهم ايضا في الاتجاه المعاكس.
وقال داريل وست مدير دراسات الحكم في معهد بروكينجز "انه سيف ذو حدين. انها طريقة للضغط على الكونجرس حتى يتحرك لكن اذا تملك الخوف فعلا من الناس سيحجمون عن انفاق المال وهذا سيطيل امد الكساد. هذا سيف ذو حدين."
وقال أوباما في حديث مع شبكة (ايه.بي.سي) التلفزيونية الاميركية انه يعي تماما انه يسير على حبل مشدود. وقال "أحاول دوما ان اشق طريقي بحذر بين من يثيرون المخاوف وينبهون الى الاخطار وبين حرصي على جعل الشعب الاميركي يعرف الظروف التي نعيشها." ولعب رؤساء أميركيون سابقون بورقة التخويف من قبل وبعضهم خسر من هذه اللعبة.
وحاول الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر تناول أزمة الوقود التي أجبرت كثير من الاميركيين على الوقوف في طوابير طويلة في محطات البنزين ودفعت معدلات التضخم الى عنان السماء في الخطاب الذي القاه عام 1979 "أزمة ثقة." وقال كارتر في خطابه "أزمة الطاقة حقيقية. وهي أزمة عالمية. هي خطر واضح وحالي يتهدد أمتنا. هذه حقائق وعلينا ببساطة ان نواجهها." ودفع هو ثمن "أزمة ثقة" بأن قضى فترة واحدة في الرئاسة.
وفي المقابل حاول الرئيس الاميركي الاسبق فرانكلين روزفلت الذي تولى الرئاسة خلاف فترة الكساد العظيم في الثلاثينات انتشال الاميركيين من قاع اليأس خلال خطاب توليه السلطة حين قال "الشيء الوحيد الذي علينا ان نخاف منه هو الخوف ذاته." وفاز روزفلت في الانتخابات أربع مرات.
وقالت كارلين بومان من معهد المشروع الاميركي ان اللعب بمخاوف الناس "لعبة خطرة جدا" لانه على الرغم من قلق الرأي العام الشديد على الاقتصاد الا ان نحو 20 في المئة فقط يثقون في نجاح المقترحات الخاصة بتحفيز الاقتصاد. وأضافت "الناس الآن متوترون وخائفون للغاية لكنهم أيضا لا يثقون كثيرا في قدرات الحكومة الاتحادية."