سباق التنمية والتسلح باليمن.. فقراء مدججون بالسلاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: ما زالت زيارة الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح، الأخيرة إلى موسكو تثير الكثير من الجدل حول ما تخللها من مواقف تختص بالإشادة بدور روسيا في المنطقة، والدعوة لمشاركتها بشكل أكبر في مواجهة القرصنة البحرية، وما أعقبها من وصول قطعة بحرية روسية إلى عدن، في زيارة وضعتها صنعاء بإطار "التعاون الأمني." غير أن الأبرز كان الإعلان عن صفقة الأسلحة التي طلبتها اليمن من موسكو، والبالغ قيمتها مليار دولار، الأمر الذي لفت نظر الخبراء بسبب التحديات الأمنية التي تعترض صنعاء من جهة، وواقع أن اليمن يصنف ضمن أفقر الدول في العالم من جهة أخرى.
وكان صالح قد زار موسكو الخميس، حيث نقلت وكالة الأنباء اليمنية أن بين أبرز نتائج زيارته، التي وصفتها بـ"الناجحة"، عقد صفقة أسلحة وتجهيزات عسكرية روسية من مختلف التشكيلات البرية والبحرية والجوية "لتعزيز القدرة الدفاعية لليمن، في مجال مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية." وتشمل تلك الصفقة، التي قالت الوكالة إن قيمتها تبلغ حوالي مليار دولار أمريكي، "عددا من طائرات الميغ 29 المحدثة، وطائرات الهيولكبتر المقاتلة وللنقل، بالإضافة إلى دبابات (تي 80) الحديثة و(تي 72) المطورة، ومدرعات (بي تي آر 80 ) الحديثة، وزوارق بحرية وأجهزة اتصال حديثة، وناقلات جند وغيرها من المعدات والتجهيزات العسكرية الحديثة."
بالمقابل، نقلت وكالة نوفوستي الروسية مقابلة أجراها صالح مع صحيفة "فريميا نوفوستيه"، قال فيها إن اليمنيين "معجبون بالعتاد العسكري الروسي، وخصوصا الطائرات القتالية." وقال الرئيس صالح، إنه تم تحديث وتطوير ما يمتلكه بلده من طائرات "ميغ-29" في روسيا قبل أعوام، وإنه ينوي شراء المزيد من هذه الطائرات، وأيضا طائرات "ميغ-35"، علما أن محادثات تجري حاليا لشراء طائرات مروحية وزوارق.
وعما إذا كان اليمن يملك ثمن ما يريد الحصول عليه من روسيا، رد الرئيس اليمني بالإيجاب، وأضاف أنهم سيشترون المزيد من الطائرات بالضرورة إذا ساعدهم الروس على اكتشاف المزيد من النفط والغاز والمعادن. ونقلت الوكالة عن البروفيسور اناتولي يغورين، رئيس مركز "الحوار الروسي العربي" في تصريحات لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، أن اليمن نجح في تنمية قدراته خلال الأعوام القليلة الماضية، ويرى، مع ذلك، أن له مصلحة في الحصول على الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي من روسيا، في حين أن لدى روسيا مصلحة في استخدام الموانئ اليمنية.
ورأى يغورين أن المساعدة التي "يمكن بل يجب" أن تقدمها روسيا إلى اليمن، يمكن أن تحقق لموسكو فوائد سياسية تساعدها على استعادة هيبتها في العالم العربي. غير أن الوكالة أوردت تقريراً يصب في إطار مغاير حول الطريقة التي تعتزم صنعاء من خلالها تمويل الصفقة، فقالت إن هناك "معلومات" مفادها أن صالح "يأمل في إسقاط ديون روسية في ذمة اليمن بقيمة 1.2 مليار دولار مقابل أن تمنح صنعاء موسكو عقودا لتحديث الجيش اليمني تقدر قيمتها بـ4 مليارات دولار."
وأضافت أن اليمنيين يتطلعون للحصول على طائرات ومدرعات ووسائل الدفاع الجوي وراجمات الصواريخ، غير أنهم لا يملكون ثمن ما يريدون اقتناءه بشكل كامل. لهذا فقد أسفرت مباحثات يمنية روسية عن اتفاق لتوريد نحو 100 من ناقلات الجنود و300 شاحنة ونحو 50 مدفع هاون عيار 120 ملم، بقيمة تقارب 250 مليون دولار فقط لليمن. غير أن الوكلة استبعدت أن تحظى الخطوة بموافقة موسكو، باعتبار أن "هناك من يرى إن إسقاط ديون بقيمة 1.2 مليار دولار تنازل كبير لا يتيح مجالا للحديث عن مزيد من التنازلات والتسهيلات."
وتابعت نوفوستي بالإشارة إلى أن اقتراح صالح "يمكن أن يحظى بتأييد القيادة العسكرية الروسية، إذ تتطلع البحرية الروسية إلى إحياء قاعدتها في جزيرة سقطرة اليمنية، وهو ما يتيح لها وضع قسم كبير من المحيط الهندي تحت مراقبتها." ويواجه اليمن مجموعة من التحديات الأمنية في البر والبحر، حيث عاد ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية" إلى تنظيم صفوفه انطلاقاً من أراضيه. وإلى جانب خطر القاعدة، تستمر مسألة التمرد الشيعي لمجموعة الحوثيين الزيدية في منطقة صعدة، وقد خاض الجيش اليمني معارك طاحنة في المنطقة على مدار سنوات، أعلنت بعدها صنعاء "الانتصار"، وهو أمر يشكك فيه خبراء ومراقبون.
أما بحراً، فتنشط قبالة السواحل اليمنية عمليات القرصنة التي ينفذها بحارة انطلاقاً من السواحل الصومالية المقابلة، وقد تحول مضيق باب المندب في الأشهر الأخيرة إلى "كابوس" للملاحة البحرية، بعد خطف عشرات السفن، رغم الوجود الأمني الدولي. كما تعتبر سواحل اليمن مقصداً أساسياً للهجرة غير الشرعية القادمة من سواحل أفريقيا الشرقية، حيث يتم بين الفينة والأخرى الإعلان عن غرق مراكب أو العثور على جثث مهاجرين، أو توقيف سفن مخالفة.
غير أن قضايا التنمية تبقى الأساس في اليمن، حيث تبلغ نسبة الزيادة السنوية للسكان، بحسب أرقام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكي لعام 2008 قرابة 3.46 في المائة سنوياً، بينما يتراجع معدل العمر إلى 62.9 عاماً بين السكان الذين يتجاوز عددهم 23 مليون نسمة. وتحذر الوكالة من مخاطر صحية كبيرة في اليمن، إذ كانت نسبة النمو خلال 2008 أقل من ثلاثة في المائة، مع تراجع أسعار النفط الذي ينضب بسرعة في البلاد، وتصل نسبة البطالة إلى 35 في المائة، في حين يعيش أكثر من 45 في المائة من السكان دون خط الفقر، مع توقع ازدياد تدهور الوضع بسبب تراجع المساعدات الدولية جراء الركود العالمي.