ايطاليا: الديموقراطي المسيحي بين طموحات وأوهام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
طلال سلامة من روما: شتتت الأزمة التي يمر بها الحزب الديموقراطي اليساري ناخبيه الذين ينصب لهم ائتلاف برلسكوني أكثر من فخ للهيمنة على أصواتهم. من جانبه، طالما اختار "بيار فرديناندو كازيني"، رئيس الاتحاد الديموقراطي المسيحي، استراتيجية الانتظار كونها الأمل الوحيد لتعزيز قوة حزبه الانتخابية. إذ يكفي متابعة تقلبات أوراق "البوكر" السياسية هنا بانتظار اللحظة المواتية لدخول هذا الحزب منعطفاً لا مثيل له. ويري المحللون أن الحظ حالف كازيني الذي بقي حزبه على قيد الحياة، بعد انتخاب رئيس الوزراء برلسكوني في العام الماضي. كما أفلت كازيني من حبل المشنقة في الانتخابات المحلية التي جرت هنا في الشهور الأخيرة. مع ذلك، أعطت أزمة الحزب الديموقراطي الزخم اللازم لطموحات وأوهام حزب كازيني. فالدعوة الى التحالف التي تلقاها كازيني من "انريكو ليتا"، مدير السياسات الاجتماعية في الحزب الديموقراطي اليساري، مغرية جداً وأفضل نوعية بكثير من أي تقارب محتمل بين حزب كازيني وحزب "قيم ايطاليا" التابع للمدعي العام السابق "أنتونيو دي بياترو".
حتى لو طالت أوقات التحالف مع أي حزب، يساري أم يميني، فان الاتحاد الديموقراطي المسيحي، وعلى رأسه كازيني، يشعر بانزعاج الشظايا الشعبية المعتدلة، التي طالما انتخبت المعارضة اليسارية في السابق. ان هذه الشظايا الاستثمار الأكبر لبيار فرديناندو كازيني، الذي يراهن على مغنطة(جذب) أصوات الناخبين التي تحررت من عهد فلتروني الفاشل. إنما تكمن مشكلة كازيني، اليوم، في كيفية إنفاق هذه الأصوات! إذ ان استراتيجية حزب كازيني ما تزال محدودة النطاق. وان كان حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي يلعب دور "الدلفين" الصديق مع الحزب الديموقراطي اليساري فان الاتحاد الوطني اليميني، وعلى رأسه "جان فرانكو فيني" رئيس البرلمان الحالي، يلعب دور "الحوت" مع حزب كازيني. فدعوة فيني "المكهربة" الى حزب كازيني بضرورة اختيار الحليف السياسي بوضوح وبأسرع ما يمكن لم يرد عليها كازيني بعد. مما يعكس وجود أعصاب سياسية قديمة "عارية". مما لا شك فيه أن كازيني بدأ يشعر بموقع غير مريح للوسط السياسي بإيطاليا. وهذه علامة شؤم تلوح بخطر ابتلاع حزبه من تيار سياسي أكبر، قد يكون ائتلاف برلسكوني أي حزب الحرية أم حزب داريو فرانشسكيني أي الحزب الديموقراطي اليساري.
علاوة على ذلك، تصل أوهام كازيني الى حدود المجهول. صحيح أنه قادر على استقطاب ثقة فئة من الناخبين اليساريين الذين خيب فلتروني أملهم. لكن وجود منهج برلسكوني المعتدل أمامه يجعله عاجزاً عن تكوين محور سياسي ثالث بروما. أما على صعيد الشؤون الدولية والأخلاقية والاقتصادية، فان كازيني قريب أكثر الى سياسة برلسكوني وبعيد أكثر مما يحاول فرانشسكيني ترويجه كشعارات كلامية مألوفة على الجميع حتى قبل انتخابه سكرتيراً جديداً للحزب الديموقراطي.