بوتفليقة: الإستفتاء طريق العفو الشامل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بوادر مشروع رابع لإنهاء المأساة
بوتفليقة: العفو الشامل لن يتم إلاّ عن طريق الإستفتاء
كامل الشيرازي من الجزائر: شدّد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اليوم، على أنّ عفوا شاملا لن يتمدون الاحتكام إلى استفتاء شعبي، وأعطى بوتفليقة في آخر مهرجان جماهيري له برسم حملة الدعاية لانتخابات الرئاسة، إشارات قوية إلى أنّ فترته الرئاسية المقبلة (2009 - 2014) ستشهد ثالث استفتاء منذ توليه شؤون الحكم في ربيع العام 1999.
وفي مقاربته لرابع مشروع قد تعتمده السلطات لإنهاء الأزمة الوطنية المزمنة، بعد قانون الرحمة الذي صدر في عهد الرئيس السابق "اليمين زروال" العام 1995، وقانون الوئام المدني الذي دشّن به بوتفليقة وصوله إلى سدة الحكم سنة 1999 وأخيرا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المزكّى شعبيا في خريف 2005، قال الرئيس الجزائري الحالي أمام مؤيديه وسط العاصمة، إنّ الحسم بالمسألة في يد مواطنيه، ما مثل كشفا لأول مرة عن إمكانية تنظيم استفتاء في الفترة المقبلة للفصل في مسألة تشكل جدلا كبيرا وسط الشارع المحلي.
وكعادته، وجّه "المرشح الحرّ" رسالة كان ممكنا قراءتها بين السطور، حيث ألّح على ضرورة مواصلة مسار المصالحة، وأوعز قائلا "ليس هناك عفو شامل دون العودة إلى الشعب الجزائري من خلال استفتاء شعبي"، مؤكدا "شعبنا هو من يملك العفو ونحن ليس بأيدينا إلا تطبيق قراراته بكل حرية ومحبة والتزام لرأيه"، واستطرد"لا عفو شامل على حساب الشعب ومصلحة الوطن"، مبرزا عدم استعداد السلطات للاستسلام أمام أولئك الذين سيواصلون انتهاج طريق الإرهاب والتدمير، في إشارة إلى غلاة المتمردين.
وبدا الرئيس الجزائري صريحا مع مواطنيه، حينما أشار إلى صعوبة بلورة (العفو الشامل) ولاحظ أنّ الأخير ليس "كلاما بسيطا"، بيد أنّ الرجل قال بثقة:"في حالة تزكية الشعب الجزائري لي، فإنّ فترتي الرئاسية المقبلة ستكون مقترنة بعودة السلم النهائي في البلاد" ملفتا إلى أنّه سوف سيتابع سياسة المصالحة مهما كلفه ذلك (..)، مثلما شدّد على أنه "لن يرضخ لأي ضغوط"، مثلما لم يخف أمنيته أن "يحضر العفو الشامل"، ويقحم فيه عموم الجزائريين بصرف النظر عن مناهلهم ومشاربهم السياسية شريطة أن يتم هذا العفو قبل نزول آخر مسلح من الجبال ، بعدما نجحت خطة المصالحة في استيعاب نحو ثلاثمائة مسلح والعفو عن 2200 من مساجين "الإرهاب".
ولوّح بوتفليقة قبل أشهر باحتمال إقرار إجراءات تكميلية لخطة المصالحة المعمول بها في بلاده منذ مارس/آذار 2006، وقال بوتفليقة في خطاب له منتصف شهر آب/أغسطس الماضي :"يستوجب اتخاذ إجراءات أخرى"، لا تزال بحاجة إلى تعزيز، على حد تعبيره، مركّزا على أنّ استكمال المصالحة سيرسخ صورة بلد متصالح مع ذاته، قوي بأصالة قيمه العريقة ومتفتح علي محيطه الجهوي والقاري والدولي.
وفُهم كلام بوتفليقة على أنّه إحالة على وجود مشروع مبادرة جديدة يجري التحضير لها وقد يتم الإعلان عنها على مواطنيه في غضون الفترة القادمة، ولعل ّ توكيد الرئيس الجزائري في سائر خطاباته على استمراره في انتهاج سياسة المصالحة رغم تصعيد غلاة العنف لهجماتهم، يحمل في طياته نية واضحة من بوتفليقة للذهاب بعيدا في تطوير المصالحة الجزائرية، وتدعيم مسارها بإجراءات مستحدثة.
ولا يستبعد المحامي البارز "مصطفى فاروق قسنطيني"، أن يتم إصدار عفو شامل، ويبدي قناعته بأنّ ترسيم خطوة كهذه تمثل "حلا نهائيا لأزمة طال مداها"، متصورا أنّ الفعالية ستكون مضاعفة إذا ما تمّ معالجة نقاط ظلّ بقيت مبتورة على منوال فئات معتقلي الصحراء ومغتصبات الإرهاب، وكذا فئة المتضررين من الإرهاب ممن جرى سلب أو تدمير ممتلكاتهم، وهو اتجاه يؤيده المرشح الإسلامي "جهيد يونسي"، ويراه "حتمية" في كنف احترام قوانين الجمهورية ونبذ العنف.
وسبق لبوتفليقة أن لوّح بـ"العفو الشامل" في خطابه الشهير بمناسبة إحياء الجزائر عيدها الوطني في الفاتح نوفمبر/تشرين الثاني 2004، قبل أن يتراجع عن ذلك فجأة في تجمع له بمنطقة سطيف أواخر أغسطس/آب 2005، بعدما استبسل على مدار عشرة أشهر طويلة في التسويق لمزايا العفو وأثره في إنتاج مصالحة حقيقية.