أخبار

المشاكل تختمر في دولة منغلقة بآسيا الوسطى

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
طشقند: يميل مراد على الطاولة بمطعم في الهواء الطلق في اوزبكستان ويخفض صوته تجنبا لجذب انتباه الشرطة السرية.وهمس فيما تصاعد الدخان من شي لحم الغنم الذي وضع في أسياخ "مصانعنا تغلق وعملتنا تنهار... ليس لنا مستقبل. الجميع خائفون بشأن مصير أسرهم وأصدقائهم." ويحكم الرئيس اسلام كريموف منذ زمن طويل اوزبكستان التي تتزايد عزلتها عن العالم الخارجي بقبضة من حديد وهو لا يتسامح مع المعارضة في وطنه الذي يحتل موقعا استراتيجيا.وبدأ اقتصادها الموجه يتهاوى وسكانها البالغ عددهم 27 مليون نسمة على شفا الفقر كما يشعر الغرب بالقلق بشأن الاستقرار في البلاد التي تقع على طريق بديل جديد للامدادات الامريكية الموجهة للقوات التي تقاتل في افغانستان المجاورة. ويعكس السوق الرئيسي في عاصمة اوزبكستان - التي اشتهرت ذات يوم بأنها محطة على طريق الحرير القديم - السماوات الاقتصادية التي تزداد قتامة في تلك الجمهورية السوفيتية السابقة التي يغلب على سكانها المسلمون.ويشتري تجار السوق السوداء الدولارات بشغف بأسعار اعلى باكثر من 20 في المئة من السعر الرسمي وهو مؤشر على انخفاض الثقة في العملة الوطنية وهي السوم. ويشكو أصحاب الاكشاك التي تبيع كل شيء من السجاد الى التوابل من سوء أحوال التجارة. وتتسكع مجموعات من الرجال العاطلين على نواصي الشوارع املا في الاستعانة بهم كعمال باليومية.وتشير الارقام التي أعلنتها الحكومة الى نمو بنسبة تسعة في المئة العام الماضي. ويشيد المسؤولون بانتعاش الاقتصاد كدليل على مزايا سياسات الاقتصاد الموجه التي تتبعها والتي يرجع تطبيقها الى عهد السوفييت الشيوعيين. وتحمل الجسور التي تمر فوق الطرق الرئيسية التي تمتد من طشقند الى أنحاء تلك الدولة الغنية بالمعادن شعارات تشيد بكريموف وتمتدح اوزبكستان بوصفها دولة لها "مستقبل عظيم."لكن خصوم كريموف ومعظمهم لا يتحدثون الا بعد طلب عدم الكشف عن هوياتهم وسرا خوفا من العقاب قالوا ان الارقام الرسمية ملفقة لاخفاء الحقيقة القبيحة وهي ازدياد الفقر وارتفاع معدلات البطالة وازدياد التوتر الاجتماعي. وجمع المعلومات او الحصول على تعقيب رسمي صعب. وأقال كريموف مستشاره الاعلامي هذا العام ولم يتم تعيين بديل له في الوقت الذي قام به كاتبا هذه السطور بزيارة البلاد.وأحجم متحدثون من ادارات حكومية عن الحديث قائلين انهم غير مفوضين بهذا. ووافق مصدر رسمي واحد على لقاء سري بمركز تجاري. وفي غياب الحقائق المتفق عليها والمعلومات القابلة للتحقق من صحتها تزخر مباني السفارات والحانات التي يتردد عليها الاجانب بالشائعات.ولفهم اوزبكستان يقول دبلوماسي غربي موجود هناك منذ فترة طويلة وطلب عدم نشر اسمه لانه غير مفوض باصدار تصريحات علنية "عليك مقارنة ما تعرفه وما تظنه وما تعتقد أنه قد يكون حقيقيا." وتدور الشائعات المفضلة في طشقند حول صحة كريموف. هل الرئيس مريض. هل أصيب بجلطة في المخ. هل يتعافي. لا أحد يعلم لكن عند المكوث لبضعة ايام من المرجح أن يستمع المرء الى كل هذه واكثر.وفي دولة يهيمن عليها رجل واحد فانه حتى وزراء الحكومة يخشون كثيرا الادلاء بأي تعليق. وقال دبلوماسي اخر "كريموف مهووس بالسيطرة. انه قوي وحازم ولديه القدرة على ارهاب العاملين معه. هو غير ملتزم باجراء اصلاحات للسوق وهم بمعزل عن النظام المالي العالمي."وعملة السوم الاوزبكية الملونة التي صدرت بعد الاستقلال وكان الدولار يساوي أربعة منها عام 1991 تباع الان بسعر 1850 مقابل الدولار في السوق السوداء وهو انخفاض بنسبة نحو 20 في المئة منذ بداية العام حسبما ذكر سكان. وأضافوا أن الرواتب الحقيقية أقرب الى ما بين 150 و200 دولار شهريا من الرقم الرسمي الذي يشير الى 350 دولارا.ويقول سرعت اكراموف الناشط في مجال الدفاع عن حقوق الانسان الذي ذكر أنه تم ضربه وتهديده وسمه لمعارضته الحكومة "الوضع الاقتصادي في تدهور." ومن شقته الضيقة سوفيتية الطراز يراقب انتهاكات حقوق الانسان ويوثق كلا منها بدقة. على مكتبه صور له بوجه مشوه بعد احدى المرات التي يقول فيها ان أربعة عملاء ملثمين خطفوه وضربوه وربطوه في سيارته وحاولوا اضرام النيران فيها.وأنقذت حياته لان خزان الوقود كان فارغا. ويقول ان كريموف "سيبقى للنهاية. لقد اغتصب قدرا كبيرا جدا من السلطة بحيث لا يستطيع احد تحديه. انه مثل الشيطان وربما أقوى." وتعرف نيجورا خيدوياتوفا زعيمة المعارضة ما يعنيه غضب حكومة كريموف. فقد قتل زوجها بالرصاص عام 2005 في هجوم تنحي باللائمة فيه على الحكومة. واحتجزت شقيقتها نوديرا لعدة اشهر عام 2006. وتحذر من الوثوق في البيانات الاقتصادية الرسمية قائلة "الارقام الحكومية غير حقيقية... كل عام يعلن الرئيس أرقاما على الطراز السوفيتي بشأن محصول القطن ويقول ان أحدث خطة تم تنفيذها." وثلثا سكان اوزبكستان من الريفيين ويعتمد الاقتصاد على القطن الذي تزعم جماعات لحقوق الانسان أنه يتم جنيه بتشغيل اطفال بالسخرة. وتقول الحكومة انها أوقفت استخدام الاطفال.وعلى الرغم من تزايد المشكلات لا يتوقع كثيرون اندلاع تمرد جماعي في البلاد المحكومة بقبضة من حديد منذ فترة طويلة جدا.وقال دبلوماسي اخر "من المرجح أن تستمر اوزبكستان فقيرة ومهمشة وبلا أهمية... الخطأ التاريخي الكبير الذي يرتكبه الاوزبكيون هو المبالغة في تقدير جاذبيتهم لبقية العالم. نسمع المسؤولين يقولون ان الجميع يريدون القدوم الى هنا والاستثمار لكن الحقيقة أنه ليس هناك اي مستثمرين أجانب هنا بالفعل."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف