الحكومة المغربية تعلق مناقشة "مدونة السير"

أحمد نجيم من الدار البيضاء: أعلنت الحكومة المغربية اليوم الخميس "تعليق مدونة السير إلى غاية التوصل إلى الاتفاق مع ما سماهم وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري "مع الفرقاء الاجتماعيين، انطلاقا من ترجيح المصلحة العليا للبلاد". وأوضح الوزير المغربي في لقاء مع الصحافة بالعاصمة الرباط أن الحكومة "لم تسحب نهائيا مدونة السير"، وقال إنها فعلت هذا "لفتح حوار موسع مع المركزيات النقابية" لأن الموضوع، حسب الوزير "جدي يتطلب المزيد من الحوار"، وفي قراءته لهذه الأحداث المتعلقة بإضراب شل الحركة في البلاد لمدة تسعة أيام، قال عبد اللطيف حسني، الباحث في العلوم السياسية ومدير مجلة "وجهة نظر" إن ما حدث "يظهر العبث الذي وصلته الحياة السياسية المغربية" وأبرز هذا "العبث" في "أن هذا المشروع وافق عليه مجلس النواب بالإجماع، ليتخذ نفس الفرقاء السياسيين بعد ذلك مواقف معارضة له"، وخلص إلى أن هذا، بالإضافة إلى عبثية هذا التصرف، يظهر "عدم تقدير هؤلاء السياسيين للمسؤولة المناطة لهم كممثلي الشعب"، كما أظهر "عبث المؤسسات". وتوقع أن يضر هذا "العبث" بهؤلاء و"يجردهم من المصداقية" وأضاف "لقد وصلنا إلى حالة من الاستهتار بمشاريع القوانين"، بالإضافة إلى ذلك تحدث عن "الآثار الوخيمة على نسبة المشاركة في الانتخابات"، في مقابل عبث السياسيين، قال تحدث عما سماه "إيجابيا" في هذا الحدث، إذ أظهر أن "الجسد الاجتماعي سليم (من خلال الاحتجاجات)، ويمكنه ان يقاوم التشريعات التي تنزل من فوق".

وقد اتخذ قرار سحب المدونة من مجلس المستشارين أبعادا سياسية، إذ عبر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشارك في الحكومة عن رفضه ل"الطريقة المنافية للدستور في تعليق مدونة السير" وقال بيان صادر عن المكتب السياسي بعد اجتماعه الثلاثاء الماضي إن الحزب "يعبر عن رفضه واستنكاره للطريقة المنافية للدستور ولكل الأعراف التي تم التعامل بها مع مشروع قانون معروض على المؤسسة التشريعية" وطالب الحزب ب"الحفاظ على مصداقية المؤسسات وبعدم اعتبار السعي إلى فض النزاعات الاجتماعية سببا لإفراغ المؤسسات من مضامينها الدستورية"، لكن عبد اللطيف حسني، الباحث في العلوم السياسية ومدير "وجهة نظر" رأى أن بيان المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي لا يمكن إلا قراءته قراءة سياسية، موضحا أن البرلمان بغرفتيه "أن يسحب أي مشروع قانون ما لم يصادق عليه".

ويذهب وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في الاتجاه نفسه إذ أوضح في وقت سابق أنه من حق البرلمان أو الحكومة سحب قانون أثناء مساره التشريعي بهدف "التشاور"، وأوضح الناصري، وهو أستاذ قانون كذلك، أنه في حال إذا ما توصلت جميع الأطراف إلى مدونة توافقية مختلفة عن النص الذي عرض على مجلس النواب وأقره، فإن ذلك المشروع سيعود إلى مجلس النواب من جديد للمناقشة. ويؤيد هذا الرأي قيادي في حزب "العدالة والتنمية" المعارض.