أخبار

مقاطعة دوربان 2 لا تفيد إلا الحركات العنصرية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جنيف: أثار الخطاب المستفِـز للرئيس الإيراني في جنيف، المخاوف مجدّدا من احتمال فشل مؤتمر الأمم المتحدة حول العنصرية، الذي تُقاطعه العديد من الدول الغربية. في المقابل، يحذر دودو ديان، المقرّر الأممي السابق حول العنصرية، من تبِـعات سياسة الكراسي الشاغرة.

في أعقاب مؤتمر دوربان 1، الذي التأم في جنوب إفريقيا في سبتمبر 2001، عُيِّـن دودو ديان من طرف الأمم المتحدة مقرِّرا خاصا حول العنصرية ولعب دورا مِـحوريا في الإعداد لمؤتمر المُـتابعة، الذي ينعقد هذا الأسبوع في جنيف.

وقد اقترح هذا المثقّـف السنغالي بالخصوص، أن تُدرَج قضية التّـشهير بالأديان الشائكة جدّا على المستوى التشريعي لمدونة حقوق الإنسان تحت زاوية الحثّ على الكراهية، وهو المقترح الذي سمح بتجاوز إحدى بُـؤر الخلاف الأساسية التي كانت قائمة بين الدول الغربية عموما والدول العربية والإسلامية بخصوص مشروع الإعلان الختامي لمؤتمر جنيف.

كيف تنظر إلى الخطاب الاستفزازي للرئيس الإيراني؟

من جهة، يتّـسم هذا الخطاب ببُـعد استفزازي لجهة تحليله للصّهيونية المُـعتبرة (شكلا من أشكال) العنصرية، وذلك في حين أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، هو نزاع سياسي بعيدا عن هذه القراءة الإثنية والعِـرقية للصراع. أما الجزء السياسي من خِـطابه، فيعكِـس تحليلات عدد من بلدان العالم الثالث بخصوص الرأسمالية ووضع العالم الحالي.

مع ذلك، يشتمل خطاب الرئيس الإيراني أيضا على انفتاح. فللمرة الأولى، يعترف محمود أحمدي نجاد بضحايا الهولوكوست، في حين أن إحدى أهم النقاط التي كان يُـلام عليها، تتمثّـل في إنكار المحرقة. ومن المحتمل أن يكون هذا التطوّر انعكاسا لحالة المباحثات (الجارية) بين إيران والولايات المتحدة.

قررت الولايات المتحدة، على غِـرار بلدان غربية أخرى، عدم المشاركة في القمة الملتئمة في جنيف، ما هو ردّ فعلك؟

إنه قرار غير مفهوم، لأنه توجد وثيقة أساسية، اعتُـمدت يوم الجمعة (17 أبريل) بالتوافُـق، بما في ذلك من طرف البلدان الأوروبية، وهي لا تتضمّـن أيّـا من النقاط التي تـُعتبر غير مقبولة من جانبهم، لذلك، فإن الأسباب المُـقدّمة (لتبرير) عدم المشاركة في المؤتمر، تفتقِـر إلى المِـصداقية.

إن قرار واشنطن بالخصوص، مثير للأسف أيضا، لأنه يصدُر عن بلدٍ (أي الولايات المتحدة) يتوفّـر على واحدة من أقوى التجارب التاريخية في مجال العنصرية وأنجز خطُـواتٍ متقدِّمة وهائلة لمكافحتها، آخرها تمثل في انتخاب باراك أوباما نفسه.

هذا القرار يتناقضُ مع الإرادة، التي عبّـرت عنها إدارة أوباما علنا في الانضمام والمساهمة في أشغال الأمم المتحدة، كما أنه لا يأخذ بعين الاعتبار رأي الأقليات الأميركية، التي تجنّـدت بقوّة، كي تشارك الولايات المتحدة في مؤتمر جنيف، وهو نداءٌ تبنّـاه مجلس النواب.

ألا ترى أن هذا المؤتمر بصدد تعزيز الخلاف القائم بين البلدان الغربية والبلدان الإسلامية؟

هذا الخلاف مُـرتبِـط بالخطاب المتعلِّـق بصدام الحضارات، وهو تحليلٌ في غير محلِّـه. فعلى العكس من ذلك، يُـظهِـر هذا المؤتمر أن حقوق الإنسان تُـمثِّـل مجال الحوار الأساسي بين الحضارات، فانطلاقا من مواقِـف متبايِـنة، تتّـجه مختلف البلدان إلى اعتماد آليات دولية تُـلزم الجميع.

وبطبيعة الحال، فإن هذا المسار شاقٌّ وعسيرٌ ومثير للخلاف، لكنه يُـتيح إمكانية بناء مجموعة دولية على أساس مبادئ مشتركة.

إن ما أظهره مؤتمر دوربان في عام 2001، وهو ما يُـمكن أن يتأكّـد في مؤتمر جنيف (الحالي)، هو أنه من المُـمكن - رغم الخلافات التاريخية والسياسية القائمة في العالم - التفاهم حول مسائل أساسية.

إن جميع البلدان، التي تُـقرر الانسحاب من المؤتمر، ستتحمّـل المسؤولية الخطيرة جدا في إضعاف التجنّـد ضد العنصرية، في الوقت الذي تتفاقم فيه هذه الظاهرة في العالم أجمع، سواء تعلق الأمر بمعاداة السامية في أوروبا وفي قارات لم تكن تعرف هذه الظاهرة تاريخيا، أو بالعنصرية ضد السُّـود أو ضد البِـيض أو تُـجاه المسلمين.

وتبعا لذلك، فإن تيارات (أو قوى) العنصرية، التي تتّـسم بالقوة والتي اكتسحت في العديد من الأحيان المجال السياسي، ستستخلِـص من ذلك أنه بإمكانها الاستمرار في التحرّك، وذلك في الوقت الذي أصبحت فيه جميع بلدان العالم اليوم متعدِّدة الثقافات. فالمفاهيم العتيقة للشمال والجنوب، لم تعُـد تتوفّـر على واقع عميق.

باعتباركم مقررا خاصا حول العنصرية، شاركتم في الأعمال التحضيرية لمؤتمر جنيف، ما هي الدروس التي تستخلصونها من هذه التجربة؟

على مستوى الأمم المتحدة، أصِـبت بخيبة الأمل من نقطتين. فالكفاح ضد العنصرية، يجب أن يُـخاض على جبهتين، الجبهة السياسية والتشريعية للدول والجبهة التي تتيح إمكانية الوصول إلى الجذور الثقافية للعنصرية، أي المجتمع المدني. إن خطأ الأمم المتحدة، يتمثّـل في عدم منحِ المجتمع المدني المكانة اللائقة به في عملية (الإعداد) لدوربان 2.

المسألة الثانية، التي تُـثير أسفي، هي أن الأمم المتحدة لم تُـنجز حصيلة للمشاريع التي أطلِـقت (أو لم تُـطلق) منذ مؤتمر دوربان ضد العنصرية من طرف كل بلد عضو في المنتظم الأممي. واستنادا إلى جدول من هذا القبيل، يُـحصي الإجراءات المتّـخذة على المستوى الوطني، كان بإمكان مؤتمر جنيف أن يخرُج من النقاشات الإيديولوجية، لينكبّ على دراسة الوضعيات الحقيقية، لأن مُـعظم البلدان التي صادقت على إعلان دوربان، لم تُـطبِّـقه على المستوى الوطني.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف