تقارب بين تركيا وأرمينيا وخارطة طريق لتطبيع العلاقات قريبا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
المطلوب أن تذلل الدولتان عقبات داخلية وخارجية واسعة
تقارب بين تركيا وأرمينيا وخارطة طريق لتطبيع العلاقات قريبا
ترجمة عبد الاله المجيد: أعلنت كل من تركيا وأرمينيا أنهما قريبتان من التوصل إلى إتفاق على إعادة العلاقات بينهما وفتح الحدود. ولكن مراقبين حذروا من أن التوصل إلى إتفاق نهائي سيتطلب من تركيا وأرمينيا على السواء أن تذللا عقبات داخلية وخارجية كبيرة.وكانت أنقرة ويريفان قد أعلنتا في 22 نيسان/أبريل إتفاقهما على "خارطة طريق" لتطبيع العلاقات وغلق ملف ما تعرض له الأرمن في الأيام الأخيرة من حياة الإمبراطورية العثمانية. وفي هذا السياق إعتبر نويان سوياك نائب رئيس المجلس التركي ـ الأرمني لتطوير الأعمال الذي يتخذ من إسطنبول مقرا له أن "لا تراجع" بعد الإتفاق على التطبيع مؤكدا التزام الطرفين وتحركهما بحرص شديد في هذا الاتجاه. واضاف سوياك ان المسألة الآن هي "مسألة توقيت وتنفيذ وكيف يُقدَّم الاتفاق الى الرأي العام" في البلدين.
كانت تركيا قد قطعت علاقاتها وأغلقت حدودها مع ارمينيا في عام 1993 احتجاجا على حرب يريفان مع اذربيجان حليفة تركيا، في منطقة ناغورنو قره باغ المتنازع عليها. ولكن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في التبادل على مستوى المجتمع المدني فضلا عن النشاط الدبلوماسي الذي تكلل في ايلول/سبتمبر الماضي بزيارة الرئيس التركي عبد الله غُل لمشاهدة مباراة كروية بين منتخبي البلدين.
وفي بيانهما الصادر في 22 نيسان/ابريل قال الزعماء الاتراك والأرمن ان الجانبين حققا، بوساطة سويسرية ، "تقدما ملموسا وتفاهما متبادلا" واتفقا على اطار شامل لعملية التطبيع. وصدر البيان المقتضب نسبيا بعد يومين فقط على احياء ارمينيا ذكرى مجزرة جماعية بحق الأرمن في عام 1915 تعمل يريفان على نيل اعتراف دولي بأنها كانت ابادة جنس.
ورغم فقر البيان لجهة التفاصيل فان مراقبين مطلعين على وقائع المفاوضات اشاروا الى ان بنود الاتفاق تتضمن اقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود وتشكيل لجنة مشتركة تنبثق عنها لجان فرعية لمعالجة القضايا العالقة بين البلدين ، بما فيها ما صنع التاريخ. ويأمل البلدان بأن فتح الحدود والحوار سيؤديان الى توسيع التبادل التجاري وتوطيد الاستقرار الاقليمي ومساعدتهما على تخطي السجال حول دعاوى الابادة ونفيها.
يذهب خبراء الى ان تسوية الخلافات بين تركيا وارمينيا قد تكون الجزء الأسهل من المعادلة. وان اطرافا أخرى ذات علاقة قد تثبت كونها الجانب الأصعب ، كما يرى المعلق سميح اديز في صحيفة "ملييت" التركية. وقال اديز "ان العوامل التي تحتشد لاجهاض ما تحقق أكبر من عوامل ترسيخه. ويتعين ان تستنفد هذه العوامل نفسها في الاسابيع والأشهر المقبلة لسنرى بأي اتجاه نمضي حينذاك".
احدى العقبات الكبيرة التي تعترض التقارب التركي ـ الارمني هي اذربيجان التي تصر على حل مشكلة ناغورنو قره باغ قبل ان تعيد انقرة علاقاتها مع يريفان. وكان الاذريون ردوا بغضب شديد على البيان التركي الأرمني في 22 نيسان/ابريل ملمحين الى ان اي تحرك احادي من جانب تركيا سيُقابَل بتعزيز علاقات باكو مع موسكو. وكانت الرسالة واضحة مؤداها ان اذربيجان قد تكون مستعدة لاعادة النظر بسياستها في قطاع الطاقة ، وتختار روسيا وجهةً مفضلة لتصدير ما لديها من مصادر طاقة بدلا من تركيا.
وقال المعلق التركي اديز ان تركيا لم تتوقع ان يكون رد فعل اذربيجان بهذه القوة. ولاحظ اديز "ان تركيا لن تفرط بأذربيجان. فهناك انابيب وتجارة تربط البلدين ، شاءا أم أبيا ، ولكن فتورا سيطرأ على العلاقات لبعض الوقت".
حاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ومسؤولون آخرون تهدئة باكو بالقول ان اتفاقا نهائيا لن يوقَّع مع ارمينيا قبل ان تكون هناك تسوية لقضية قره باغ. في غضون ذلك تجري ارمينيا واذربيجان مفاوضات تتقدم ببطء حول مصير المنطقة المتنازع عليها في اطار عملية مجموعة منسك التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا.
يقول هيو بوب Hugh Pope خبير الشؤون التركية في مجموعة الازمات الدولية في بروكسل ان ربط فتح الحدود التركية الارمنية بقضية قره باغ خطأ. "وستكون انقرة مخطئة في تجميد التقارب مع يريفان بسبب احتجاجات حليفتها اذربيجان ، بل ان تطبيع العلاقات مع ارمينيا هو في الحقيقة أحسن طريقة تتمكن تركيا ان تساعد بها الاذريين ، ابناء عمومتها في العِرق واللغة. فان ذلك سيجعل ارمينيا تشعر بأمان أكثر وربما يدفعها الى ابداء قدر اكبر من الانفتاح على حل توافقي لقضية ناغورنو قره باغ". واضاف بوب ان "من الواضح ان على تركيا ان تفعل الكثير لاقناع الاذريين بأن موقفهم الحالي ليس مجديا وان الطريق الوحيد لاستعادة ارضهم يمر عبر عملية مجموعة منسك".
في غضون ذلك يواجه القادة الاتراك والارمن سخطا متزايدا في الداخل إزاء امكانية توصل البلدين الى اتفاق. ففي ارمينيا انسحب حزب الاتحاد الثوري الأرمني ، القومي المتشدد ، من الائتلاف الحاكم يوم الاثنين الماضي. وفي تركيا وجه حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري ، المعارضان ، انتقادات الى حكومة اردوغان على مبادراتها باتجاه ارمينيا متهمين اياها بالغدر بأذربيجان.
قال ريتشارد غيراغوسيان ، مدير المركز الأرمني للدراسات الوطنية والدولية ، ان "هذا يبين هشاشة الاتفاق. فلا تركيا ولا ارمينيا ولا اذربيجان فعلت شيئا لتهيئة مجتمعاتها أو تكوين رأي عام تمهيدا للاتفاق". وشدد غيراغوسيان على انه "من دون تأييد الرأي العام لا يمكن الحفاظ على التطبيع أو تحويله الى مصالحة أعمق".
عن مجلة "يوريشيا فيو" Eurasia View