قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: بينما تسعى إدارة باراك أوباما إلى الحوار مع إيران، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الأميركية ـ الإيرانية، يسعى النظام الإيراني إلى تقويض المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، وتدعيم القوى المناهضة للولايات المتحدة في كافة أنحاء العالم، من خلال تزويدها بأسلحة ومعدات عسكرية إيرانية، وهذا جلي في دعهما لحركة حماس وحزب الله لزعزعة الاستقرار في مصر، ومساندة المتمردين في العراق".هذه هي خلاصة مقالة نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى Washington Institute For Near East Policy ـ القريب من الأوساط الإسرائيلية واللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة الأميركية ـ تحت عنوان "تعطيل تصدير طهران التكنولوجيا والأسلحة Disrupting Tehran's Export of Technology and Weapons" لمدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخباراتStein Program on Counterterrorism and Intelligence بالمعهد "ماثيو ليفيت Matthew Levitt"، نشرت أمس الخميس (30 من إبريل 2009). يبدأ "ليفيت" مقالته بالإشارة إلى حادثة حجز السلطات القبرصية في منتصف فبراير الماضي سفينة إيرانية تحمل اسم "مونشيجورسك Monchegorsk" محملة بمعدات حربية كانت متجهة إلى سوريا ـ هذا حسب عديدٍ من المصادر الإسرائيلية ـ. ويرى الكاتب أنه ربما يكون هدفها أبعد من سوريا، وهو ما روجت له السلطات الإسرائيلية. ففي ذلك الوقت أفادت عديدٌ من وسائل الإعلام الإسرائيلية أنها كانت متوجهة إلى قطاع غزة، وأضافت أنه يشتبه في أن السفينة تحمل أسلحة لتسليح حزب الله اللبناني أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بغزة. ويخلص الكاتب في مقالته أن تلك التحركات الإيرانية تكشف أوجه القصور في العقوبات الأممية والاتحاد الأوروبي على إيران، ولذا يدعو إلى اتباع نهج جديد أكثر "تشددًا ونظاميًّا" للتعامل مع المساعي الإيرانية لنقل التكنولوجيا والأسلحة إلى حلفائها الراديكاليين ـ من وجهة النظر الإسرائيلية والأميركية ـ في منطقة الشرق الأوسط أو في أماكن أخرى في وقت تسعى فيه إدارة أوباما إلى الحوار مع النظام الإيراني وفتح صفحة جديدة في العلاقات الأميركية ـ الإيرانية.
مونشيجورسك تخترق العقوبات يرصد "ليفيت" في مقالته أن البحرية الأميركية أوقفت سفينة "مونشيجورسكMonchegorsk " بينما كانت تعبر البحر الأحمر في طريقها إلى سوريا، استنادًا إلى معلومات مخابراتية أن السفينة تنقل أسلحة إيرانية، والذي يُعد انتهاكًا لقرار مجلس الأمن 1747. وهو القرار الذي يضع قيودًا على شراء الأسلحة من إيران، وعلى تزويد إيران بالأسلحة الثقيلة. وتجدر الإشارة إلى أن السفينة التي تحمل اسم "مونشيجورسك Monchegorsk"، هي سفينة مملوكة لروسيا تحمل العلم القبرصي، ومستأجرة من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأغراض الملاحة، وكذلك حسب وثائق للأمم المتحدة. وحسب طلب من الولايات المتحدة تحركت السلطات القبرصية واحتجزت السفينة. وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال Wall Street Journal " وجدت السلطات القبرصية أن السفينة محملة بأسلحة منها مكونات قذائف الهاون وأغلفة لقذائف بنادق (mm125) و (mm130)، واعتمادًا على ذلك أفرغت السلطات القبرصية حمولة السفينة واحتجزتها. ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة والسلطات القبرصية تعاملت مع السفينة اعتمادًا على المبادئ القانونية التي تحددها سلسلة قرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن إيران. ففي فبراير وإبريل 2007 فرض الاتحاد الأوروبي عددًا من العقوبات على إيران من أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك فرض حظر على نقل العتاد العسكري الإيراني والأسلحة وتكنولوجيا الصواريخ، وهو ما أكد عليه قرار الأمم المتحدة 1747 الذي صدر في مارس 2007، والذي يدعو الدول إلى بذل جهودٍ لمنع نقل الأسلحة من أو إلى إيران. فضلاً عن قرار مجلس الأمن 1803 والصادر في مارس 2008 الذي يطلب من جميع الدول وفقًا لسلطاتها القانونية الوطنية وتشريعاتها وبما يتماشى مع القانون الدولي إلى تفتيش حمولات خطوط الملاحة الإيرانية IRISL سواء من أو إلى إيران والتي تعبر عبر مطاراتها أو موانيها، ولكن القرار يضيف "شريطة توافر أسباب معقولة للاعتقاد بأن الطائرة أو السفينة تنقل سلع محظورة". وحالات المنع في أعالي البحار لسفن تنقل معدات أو تكنولوجيا محظور من قبل الأمم المتحدة ليس بجديد، فالخبرة التاريخية بها كثيرٌ من الأمثلة والتي أشار الكاتب إلى بعضها.
إيران تدعم أعداء أميركا يرصد "ليفيت" في مقالته الدعم العسكري الإيراني إلى قوى الممانعة ـ حسب تسمية وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس ـ. فيقول إن هناك عديدًا من الأحداث المماثلة للسفينة التي أوقفتها قبرص والتي كان يُعتقد أنها تنقل أسلحة إلى سوريا خلال السنوات الماضية، والتي شملت جهودًا إيرانية لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية بحرًا، برًّا وجوًّا إلى حلفائها وأتباعها في منطقة الشرق. فيشير إلى أنه خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ساعدت إيران في تسهيل شحنات الأسلحة إلى غزة عن طريق حزب الله اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى غزة باستخدام سفينتيتن مدنيتين، الأولى "سانتورينيSantorini"، والتي استولت عليها إسرائيل في مايو من عام 2001. والثانية "كاليبسو 2Calypso 2 ". وفي الثاني من ديسمبر 2001 حاولت إيران تسليم خمسين طنًّا من الأسلحة إلى السلطة الفلسطينية على متن السفينة "كارين إيهKarine A "، والتي استولت عليها البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر. وفي الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف عام 2006، ادعت الاستخبارات الإسرائيلية أن إيران تزود الحركات الشيعية، في إشارة إلى حزب الله اللبناني، عن طريق تركيا. وحسب الكاتب اكتسبت تلك الادعاءات مصداقية في مايو 2007، حيث اكتشفت السلطات التركية أن قطارًا محملًا بصواريخ إيرانية غير معلنة وأسلحة صغيرة ضمن مواد للبناء متجهة إلى سوريا، وذلك بعد تفجير إرهابيين من حزب العمال الكردستاني القطار، وربما لإعادة شحنها إلى حزب الله. وفي الآونة الأخيرة برزت طهران كمصدر رئيس للأسلحة لحركة حماس في قطاع غزة، وإلي الدول المعادية للولايات المتحدة في أميركا اللاتينية. ففي يناير وفبراير الماضيين قصف القوات الجوية الإسرائيلية قافلتين محملتين بأسلحة إيرانية متجهة إلى مقاتلي حماس في قطاع غزة. بالإضافة إلى بعض التقارير التي تفيد أن البحرية الإسرائيلية أغرقت سفينة إيرانية تحمل أسلحة إلى الحركة بالقرب من سواحل السودان في ذلك الوقت. وفي يناير الماضي أيضًا اكتشفت سلطات الجمارك التركية بميناء "مرسين Mersin" شحنة معدات قادرة على إنتاج متفجرات، ومصدر تلك الشحنة إيران، ودخلت تركيا عبر شاحنة وقد كانت متجهة إلى فنزويلا. ومن هذا المنطلق يرى "ليفيت" أن هذه التحركات الإيرانية تُؤكد على تنامي الظهور الإيراني كمورد للعتاد العسكري والمعدات والأسلحة للراديكاليين الإسلاميين والمعاديين للولايات المتحدة، ولحلفائها وعملائها في الشرق الأوسط وخارج المنطقة. ولهذا السبب يُؤكد على أنه من المهم بصورة متزايدة إنشاء نظام شامل للحد من القدرة الإيرانية على نقل أسلحتها وعتادها العسكري لحلفائها وعملائها بحرًا، برًّا وجوًّا، وخاصةً إذا كانت إيران تسعى إلى تسويق تكنولوجيتها النووية للخارج.
مزيد من التأثير على إيران وللتعامل مع تنامي الدور الإيراني في تصدير الأسلحة والمعدات لحلفائها في المنطقة، ولسد الثغرات في السياسات والأدوات للتعامل مع عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى حلفائها وعملائها يدعو "ليفيت" الولايات المتحدة وحلفاءها والمجتمع الدولي إلى اتباع عدد من الإجراءات والسياسات؛ التي نجملها في الآتي:أولاً: تشجيع لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة لحث مجلس الأمن لإصدار بيان للجمعية العامة للأمم المتحدة يُؤكد على التزام جميع الدول الأعضاء، بما فيها إيران وسوريا، والانصياع التام لقرارات الأمم المتحدة لحظر نقل الأسلحة. ثانيًا: العمل مع الاتحاد الأوروبي لتوسيع نطاق سياساته التي تحظر بيع أو نقل أسلحة والمواد ذات الصلة إلى إيران، بالإضافة إلى حظر تقديم المساعدات والاستثمار والخدمات في هذا المجال، لتشمل حظرًا على شراء أو نقل أسلحة أو تكنولوجيا أو خدمات في هذا الصدد من طهران ذاتها. ثالثًا: العمل مع أعضاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لاعتماد تشريعات تتعلق بنقل الأسلحة والتكنولوجيا الإيرانية؛ للوفاء بالتزاماتها داخل أي من المؤسستين. وتشجيع المنظمات الإقليمية في أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا لاعتماد قرارات مماثلة.رابعًا: العمل مع الاتحاد الأوروبي وتركيا ـ التي تعد البوابة الشرقية لأوروبا ـ لتطوير وتعزيز أمن حدودها، ونظامها الجمركي لمنع إيران من نقل الأسلحة والتكنولوجيا من خلال تركيا. خامسًا: اشتراك القطاع الخاص في الحظر والعقوبات المفروضة على إيران؛ لتوجيه انتباه لخطر التعامل مع خطوط الملاحة الإيرانية IRISL وفروعها والكيانات المحظورة. ويشير "ليفيت" في هذا الجزء إلى تصريح لوزارة الخزانة الأميركية مفاده أن البلدين، والشركات بما في ذلك العملاء والشركاء التجاريين، وشركات التأمين والبحرية التي تتعامل مع خطوط الملاحة الإيرانية IRISL قد تساعد بدون قصد في تسهيل أنشطة الانتشار الإيرانية. ويرى الكاتب أنه نظرًا للتاريخ الإيراني الطويل في الخداع المالي والتجاري فإنه لابد من إجراءات إضافية لفحص دقيق للسفن والحمولات التي تخرج من المواني الإيرانية.سادسًا: تشجيع البلدان لجمع بيانات مفصلة ودقيقة وكاملة عن جميع البضائع التي يتم شحنها إلى بلدانها، أو التي تمر من خلالها لاسيما من الدول الخطرة مثل إيران؛ لتقييم دقيق للمخاطر. سابعًا: تشجيع تنفيذ مشروع منظمة الجمارك العالمية World Customs Organization والمعنون بـ"إطار معايير تأمين وتسيير التجارة العالميةFramework of Standards to Secure and Facilitate Global Trade ". تضم المنظمة 174 إدارة جمركية من جميع أنحاء العالم بما فيها إيران التي تشكل مجتمعة 98% من التجارة العالمية. ويرى الكاتب أنه في ظل الإطار المقترح سيطبق اقتراب مواجهة المخاطر على جميع البضائع لتحديد الشحنات عالية الخطورة في أقرب وقت ممكن. وسيستفيد الأعضاء المشاركون في المنظمة من تعزيز الأمن والكفاءة، ويمكن أن يستفيدوا من أقساط التأمين المنخفضة. وفي نهاية مقالته يخلص الكاتب إلى أنه يتعين على واشنطن تقويض التحرك الإيراني لتسليح حلفائها في المنطقة وعملائها المعاديين للولايات المتحدة ومصالحها داخل منطقة الشرق الأوسط وخارجها. وأن القيام بذلك من شأنه أن يعزز نفوذ الولايات المتحدة في المفاوضات المحتملة مع النظام الإيراني، ويُؤكد على ضرورة منع إيران من الإسهام في نشر الأسلحة النووية في المنطقة وخارجها.