أخبار

النازحون العراقيون يحجمون عن العودة مع استمرار العنف

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
السليمانية: فصل الصيف تصبح الحرارة لا تطاق. وفي الشتاء تحول الامطار الغزيرة الخيمة الضيقة التي تسرب المياه حيث يعيش خالد جمهوري مع أسرته الى مستنقع شديد البرودة من الطين.لكن جمهوري لا يريد ترك هذا المخيم المخصص للنازحين في اقليم كردستان بشمال العراق الذي يتمتع بشبه حكم ذاتي والعودة الى المنطقة التي يغلب عليها العرب السنة في بغداد حيث قتل افراد ميليشيات شيعة والديه وشقيقه وابن عمه عام 2006 . ويقول جمهوري النحيل (19 عاما) والذي يتطلع الان الى العمل في مجال البناء لاعالة زوجته وشقيقه وطفله الجديد "في بعض الاحيان أستطيع أن أحصل على بعض المال لجلب طعام لعائلتي وفي احيان أخرى لا أستطيع."وجمهوري واحد من 3.8 مليون عراقي دفعتهم ست سنوات من جرائم القتل الطائفي الى حزم متعلقاتهم والفرار الى مكان امن. وفر نحو 1.8 مليون منهم الى أجزاء مختلفة من العراق اما البقية فرحلوا عن البلاد وتوجه معظمهم الى سوريا والاردن. ومن المتوقع أن تمثل اعادة توطين النازحين العراقيين تحديا كبيرا نحو تحقيق المصالحة وتجنب تجدد أعمال العنف.كما أنها أساسية لتحريك الاقتصاد الراكد وجذب استثمارات اجنبية ثبت أنها مراوغة للغاية للعراق الذي يتمتع بموارد نفطية هائلة لكنه لا يملك صناعة حقيقية تذكر خارج القطاع الذي ينتج كميات غير كافية. وقال المحلل العراقي حازم النعيمي "من باب أولى ان يعود المهجرون والمهاجرون بمن فيهم المستثمرون وأصحاب رؤوس الاموال من التجار العراقيين ويعيدوا معهم استثماراتهم الى العراق وهذا سيكون المشجع الاساسي والرئيسي للمستثمر الاجنبي حتى يقدم على عملية الاستثمار" مضيفا أن المستثميرن يرون مؤشرا مثيرا للانزعاج في مسألة أن معظم النازحين لم يعودوا الى الديار.ولم يعد الا عدد قليل للغاية وهذا دليل على انتشار القلق على نطاق واسع في البلاد التي ما زالت اعمال العنف تهزها وحيث يكمن خطر تجدد الصراع الطائفي تحت السطح. وتقول منظمة الامم المتحدة ان 195 الفا فقط من النازحين العراقيين عادوا الى ديارهم بحلول نهاية عام 2008 لكن مسؤولين يأملون أن يصل هذا العدد الى 400 الف بحلول نهاية هذا العام اذا تحسن الوضع الامني في العراق.لكن هذا غير مضمون على الاطلاق. وانتهى هدوء نسبي في اعمال العنف بموجة من التفجيرات الانتحارية الدموية في أنحاء العراق في الاسابيع الاخيرة لتصل حصيلة القتلى الشهرية الى 290 وهو أعلى معدل منذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي. ويخشى كثيرون من أن تتدهور الاوضاع الامنية حين تنسحب القوات الاميركية المقاتلة من المدن العراقية في يونيو حزيران قبل انسحاب اميركي كامل بحلول عام 2011 وقبل اجراء الانتخابات العامة اواخر هذا العام.ودفعت الهجمات الاخيرة التي استهدفت الشيعة بشكل أساسي بعض النازحين الى اعادة النظر في قرار العودة الى الديار. وتقول افياء شاكر التي فرت الى مصر عام 2006 "لا نريد أن نتعجل العودة. لننتظر ونرى ما سيحدث خلال الاشهر القادمة."وقال جبار محمد علي مدير فرع الهجرة والمهجرين في السليمانية ان ثلاثة او اربعة في المئة فقط من الاسر النازحة البالغ عددها 8500 التي سجلت نفسها في مكتبه عادت الى منازلها. ويستطيع المحظوطون بين النازحين العراقيين تحمل تكلفة استئجار شقق او منازل او يعيشون مع أقارب لهم.اما الاقل حظا فيحتلون مباني حكومية مهجورة او ينتهي بهم المطاف في مخيمات مثل ذلك الموجود في السليمانية. ويتحدث معظمهم عن صعوبة الحصول على الرعاية الصحية او الحاق ابنائهم بالمدارس. وتقدم الحكومة العراقية منحا للاسر النازحة لكن المبالغ صغيرة وكثيرا ما يكون من الصعوبة بمكان الحصول عليها.ليلى عيدان هي ام عزباء وأحد النازحين العراقيين الذين يقولون ان الحكومة لم تف بوعودها. ويشتكي اطفالها من قضاء ليال لا ترى اعينهم فيها النوم في خيمتهم التي تسرب المياه. وقالت "نحتاج الى مساعدة الحكومة."وعرضت وزارة المهاجرين والمهجرين العراقية تقديم اموال للاسر التي تعود الى ديارها. لكن حتى التعويض المتواضع الذي تقدمه الحكومة محل شك حيث ان العراق الذي يعتمد على عائدات النفط في كل دخله تقريبا يعاني من تراجع حاد في أسعار النفط. وقال علي مدير فرع الهجرة والمهجرين في السليمانية "يأتون ويسألون عن المنحة. نحن نقول لهم لا توجد لان المبالغ غير موجودة بسبب انخفاض سعر النفط فيتساءلون هل قيمة الانسان العراقي تصعد وتنزل مع سعر النفط."وكانت بغداد حيث سيطر تنظيم القاعدة قبل بضع سنوات على احياء كاملة وكانت الميليشيات الشيعية تفعل ما يحلو لها دون التفات للاخرين مركز النزوح بالعراق. وبعد أعمال العنف العرقية التي وقعت في الاعوام الاخيرة أصبحت المدينة اليوم اكثر انقساما على خطوط طائفية عما كانت عليه ذات يوم.وتقول الحكومة ان 104 الاف أسرة نزحت من ديارها في بغداد وعادت 32 الف أسرة تقريبا. وقال وزير الهجرة والمهجرين عبد الصمد سلطان "اذا نحن نأخذ بغداد بنظر الاعتبار نحن نرى أنه هناك عودة كبيرة" محاولا اضفاء طابع مشرق على الوضع. في حي الدورة ببغداد يراقب ابو محمد (41 عاما) العمال وهم يصلحون أبواب منزله الذي تم نهبه بعد أن فر الى سوريا عام 2007.وشجعه تحسن الاوضاع الامنية على العودة. ويرجع هذا التحسن جزئيا الى حراس امن متطوعين من السكان المحليين تدعمهم الحكومة ويراقبون المنطقة التي يغلب على سكانها السنة التي كان تنظيم القاعدة والميليشيات الشيعية يمارسون فيها أنشطة تروع السكان. وقال ابو محمد "عندما غادرت منطقة الدورة كانت تبدو كمدينة للاشباح. لا نعرف من هو عدونا. كنا مهاجمين من كل الاتجاهات. الان الاوضاع جيدة جدا."لكن عدد الذين يعودون الى ديارهم صغير. ويريد اياد منفي محمد العودة الى بغداد من المخيم بالسليمانية حيث يعيش منذ احتل افراد ميليشيا شيعية منزله وسرقوا ماله واشياءه الثمينة.وتساءل "لقد أخذوا بيتي كيف أستطيع العودة."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف