زرداري: رئاستي لباكستان هي أصعب وظيفة في العالم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في مقابلة غير منقوصة له مع صحيفة "صنداي تايمز" اللندنية
زرداري: رئاستي لباكستان هي أصعب وظيفة في العالم
"إيلاف": "يدين الرئيس الباكستاني بمنصبه الحالي إلى زوجته القتيلة بنظير بوتو، وهو يناضل الآن من أجل إنقاذ بلاده من الانهيار قبل أن يتمكن القتلة من الوصول إليه هو الآخر" .. بتلك المقدمة الموجزة والمعبرة، استهلت صحيفة التايمز اللندنية تقرير نشرته بعددها الصادر اليوم الأحد وخصصته لتلك المقابلة المطولة وغير المنقوصة مع آصف على زرداري - الرئيس الباكستاني - والتي تطرقت خلالها للحديث عن ملفات عدة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي على حد سواء. في البداية، لم تخفي الصحيفة حقيقة ما يُقال عن أنّ باكستان تُعرف بأنها أخطر مكان الآن على سطح الكرة الأرضية، مشيرة ً إلى نجاح طالبان في التقدم نحو 60 ميلا ً من العاصمة، ووفقا ً لما يعتقد، فإن أسامة بن لادن وباقي قيادات القاعدة يختبؤون خلال هذه الأثناء في مناطقها الجبلية.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه كثيرون تعرض باكستان للانهيار نتيجة لتزايد معدلات العنف وحدوث عمليات نزوح جماعي كبيرة جراء تلك الأعمال المتواصلة، كانت الأمور أكثر هدوءا ً مع زرداري الذي قام بجولة حول العالم على مدار الأسبوعين الماضيين، حيث ذهب أولا ً إلى ليبيا وبعدها إلى واشنطن ثم نيويورك وبعدها إلى لندن ثم باريس في النهاية. وفي بداية المقابلة التي أجرتها معه الصحيفة، حرص زرداري على تفنيد كافة الإدعاءات التي تقول أنه تخلى عن بلاده في أسوأ المراحل التي تمر بها، وقال " هذه ليست مشكلة باكستان بمفردها، بل هي مشكلة العالم بأسره. فليس من الصالح أن يشعر الجميع بالحرمان. وإذا لم نلحق الهزيمة بالميليشيات، فماذا ستكون واجهتهم المرة المقبلة ؟ ".
وتابع حديثه قائلا ً :" أسافر كثيرا ً وألتقي بقادة العالم عديد المرات لأن ما أريد أن أحققه على أرض الواقع من الممكن أن يُنفذ بصورة أكثر فاعلية عندما أتلقي المساعدة. وإذا لم أسافر، فوقتها لم أكن سأعود وبحوزتي مبلغا ً يقدر بنحو مليار دولار ( 660 مليون إسترليني ) من المساعدات. ومع امتناني لذلك، فإني لا زلت أحتاج للمزيد ". وفي غمرة حديثه عن المعونات والمساعدات والوضعية الأمنية لبلاده، قالت مراسلة الصحيفة التي أجرت الحوار مع زرداري وتدعى كريستينا لامب، أن أحد حراسه الشخصيين قام بصورة متأخرة أثناء إجراء المقابلة بمصادرة هاتفها الجوال، تحسبا ً لاحتمالية احتواؤه على مواد متفجرة. ثم عاودت المراسلة لتشير في سياق الحديث إلى أن زرداري الذي يبلغ من العمر 53 عام مدرك تماما لأخطار مهاجمة الميلشيات المسلحة.
وبصورة تعكس دقة ملاحظتها، أشارت المراسلة كذلك إلى الصورة الفوتوغرافية الخاصة ببنظير بوتو - التي اغتيلت منذ 18 شهر تقريبا ً - والتي كان يضعها زرداري أمامه على المائدة أثناء إجراء المقابلة، حيث قالت أن ما أثار استغرابها هو عدم ذكر زرداري لها بالاسم، بل كان يتحدث عنها بضمير الغائب "هي" أو "الخاص بها". ثم بدأت المراسلة في سرد تفاصيل قصة تعارفهما على كليهما الآخر وحتى قبل زواجهما في عام 1987، حيث لم يكن يتخيل وقتها أي من أقرباء بوتو أن يصبح زوجها هذا ذات يوم رئيسا ً للبلاد. وتعقيبا ً على تزايد أخطار تعرضه للاغتيال ونيل نفس المصير الذي آلت إليه زوجته وأبيها وشقيقيها، خاصةً وأنه مستهدف بالفعل، قال زرداري :" تماما ً كما كانت تقول بوتو ( أعرف أنه لدى عودتي إلى البلاد، تكون هناك رصاصة غدر في انتظاري ) - وهو نفس الأمر الذي ينطبق على ّ. وهذه هي أصعب وظيفة في العالم. لكني أعتقد أني من طلبت ذلك".
وبسؤاله عن حقيقة المشاعر التي تراود أبناؤه الثلاثة الآن حيال تزايد أخطار فقدانه بنفس الصورة التي فقدوا من خلالها والدتهم، رد زرداري بصوت ناعم دون أن تبدو عليه أي مشاعر تأثر تجاه زوجته الراحلة :" أعتقد أنهم أبناء شجعان. كما أنهم يمتلكون جينات شجاعة. فلقد ربتهم ( بنظير ) على إدراك أن الحياة ليست فقط من أجل نفسك، بل من أجل سبب أكبر. وأنا من جانبي لا أريد أن ارحل عن العالم بصورة سريعة للغاية. بل أريد أن أقف وأقاوم، وأن أتأكد من أني أصنع فارقاً في حياتي. لكن عندما يحين الوقت للرحيل، فإني أفضل أن أذهب بأي طريقة غير تلك التي رحلت بها ( بوتو ). فإذا لم يكن قد قاموا بأخذها مني بتلك الطريقة الوقحة، لما عدت مرة أخرى كي أحارب مثلما أفعل الآن، ولا أعتقد أن ابنها كان سيتولى تلك المسؤولية".
وبخصوص موجة الغضب الدولية التي نشبت في أعقاب قيام الحكومة الباكستانية مؤخرا ً بالموافقة على إبرام معاهدة سلام مع طالبان، مانحة ً إياها كامل السيطرة على وادي سوات والسماح لها على ما يبدو بتطبيق الشريعة، علق زرداري ضاحكاً :" لم أسلم لهم شيئا ً. فأنتي لم تضبطيني وأنا أقوم بتسليمهم شيئا ً. وكل الحكاية هو أن حكومة المقاطعة قامت بالتوقيع بالفعل على الاتفاقية، وأنا لم أقم سوى بتمريرها إلى البرلمان، وهناك قاموا بالتوقيع عليها. كما تمثل تلك الاتفاقية خطوة جيدة لأنها تكشف صوفي محمد على حقيقته". وعن التقارير التي ربطت بين زيارته الأخيرة إلى واشنطن والعملية العسكرية التي شنها الجيش الباكستاني على وادي سوات بعد لقائه الرئيس باراك أوباما بيومين فقط، زعم زرداري :" لقد بدأنا العملية قبل ذلك بكثير. ومع واشنطن خلال هذه الأيام، ليس من المفترض أن تكون هناك كي تتعرض للضغوط. فسبل التكنولوجيا الحديثة تعني أنك على اتصال دائم بالعالم".
وعن المبلغ الذي سعى لتسوله من الولايات المتحدة والذي استدعى وجوده هناك بصفة شخصية خلال الزيارة الأخيرة، التي حصل بسببها على مبلغ قيمته 450 مليون دولار وليس مليار كما تفاخر في بداية المقابلة، قال زرداري :" نحن بحاجة لكل شيء". كما عقب على المساعدات التي أقرها رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون خلال لقائه زرداري يوم الأربعاء الماضي في لندن والتي قدرت بنحو 12 مليون إسترليني، وقال :" يحتاج المضارين إلى مبلغ لا يجب أن يقل عن المليار دولار. وعلينا أن نتحدث عن إعادة إعمار منازلهم، لأننا ذهبنا إلى هناك ووجدنا أن معظمها قد دُمر، وفقد الوادي بأسره كافة أنشطته التجارية وانقضي كذلك موسم الحرث. وإذا كان علينا أن نكسب قلوب وعقول هؤلاء الأشخاص، فنحن بحاجة لأن نكون قادرين على إعادتهم مرة أخرى إلى المجتمع المدني، وإعطائهم قروض بدون فوائد لبدء أعمالهم التجارية من جديد. وإذا لم نفعل ذلك، فإنهم سينقلبون على الحكومة وسنفقد حالة الزخم التي تمكنا من خلقها في البلاد ضد طالبان".
وتابع زرداري بالقول :" بعد انتهاء العملية العسكرية، سنكون بحاجة لإرسال قوات من الشرطة كي نتمكن من إحكام قبضتنا على المنطقة. فقد كان هناك 1500 عنصر من عناصر قوات الشرطة في سوات من قبل، أما الآن، فهو بحاجة لـ 15 ألف عنصر بالإضافة لمراكز يتم تصميمها بشكل خاص للشرطة لأن السلاح الجديد هو ارتطام الدراجات بالمباني الخاصة بمراكز الشرطة ثم يبدأ المبني في الانهيار فوق رأسك". كما أوضح زرداري أنه من الصعب تجنيد عناصر في قوات الشرطة في الوقت الذي تقوم فيه طالبان بدفع مبالغ مالية للمسلحين تزيد خمسة أضعاف عن المبلغ المتوسط الذي يتقاضاه العنصر في الشرطة المحلية شهريا ً وهو 50 دولار أميركي.
وأضاف : "نحتاج من العالم أن يساعد في دعم اقتصادنا، كي أتمكن من دفع مبلغاً لا يقل عن 350 دولار شهريا ً للعاملين في قوات الشرطة وكذلك توفير تأمينات ضد الوفاة لأسرهم. كما أني بحاجة لمزيد من المعدات بجميع أنواعها. وأنا بحاجة أيضاً لطائرات آلية تعمل بدون طيار، وأنا أرغب في نقل التكنولوجيا الخاصة بها إلى هنا كي أتمكن من تصنيعها بالداخل وأقوم باستخدامها بنفسي. أما فيما يتعلق بالمخاوف الأميركية المتنامية من احتمالات وقوع ترسانة البلاد النووية في أيدي الإسلاميين، قال زرداري أن بمقدورهم النوم في أمان، مضيفا ً :" يتزايد هذا الهاجس في الصحافة أكثر ما يراود الأشخاص المسؤولين، الذين يعرفون أنه لا يمكن الاستيلاء على دولة باكستان من جانب حركة طالبان، لذا يمكننا القول أن القنابل النووية الخاص بنا آمنة تماماًً - كما يمكنني أن أؤكد للمشككين على أن باكستان لن تتعرض مجددا ً لشبح للانهيار كما حدث عام 1971".
ترجمة: أشرف أبوجلالة من القاهرة