تأخر إنهاء العنف بين "الإخوة الأعداء" بإيران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن: أفردت الصحف البريطانية الصادرة الأربعاء تغطيات واسعة لتداعيات أزمة الإنتخابات الرئاسية الإيرانية، إضافة إلى قرار الحكومة البريطانية إجراء تحقيق في الملابسات التي أدت إلى حرب العراق. صحيفة الإندبندنت تواصل نشر تغطية مراسلها، روبرت فيسك، لأزمة الانتخابات الرئاسية الإيرانية تحت عنوان "رحل الخوف في أرض خبرت طعم الحرية".
يذكر فيسك كيف أن مستقبل إيران رهن بما ستسفر عنه المواجهات بين معسكر محمود أحمدي نجاد وأنصار مير حسين موسوي، ملاحظا أن 400 من أفراد قوات الأمن الخاصة فقط حالت دون اصطدام أنصار الفائز بالانتخابات الرئاسية وخصمه العنيد الذي رفض التسليم بصحة الانتخابات إذ تعهدوا بالفصل بين الطرفين.
ولاحظ فيسك الذي يغطي المظاهرات الاحتجاجية من طهران كيف أن أنصار موسوي طلبوا من أفراد الشرطة حمايتهم من التعرض لهجوم قوات التعبئة العامة التابعة للحرس الثوري الإيراني المعروفة بقوات الباسيج. ورصد الصحفي أن القوات المسلحة الخاصة للجمهورية الإسلامية التي دائما تتحالف مع قوات الباسيج، أبدت استعدادها هذه المرة لحماية جميع الإيرانيين سواء كانوا من أنصار أحمدي نجاد أو من أنصار موسوي.
ويرى فيسك أن حياد قوات الأمن كان سابقة في عهد الجمهورية الإسلامية علما بأن جيش الشاه سبق له أن رفض عام 1979 إطلاق النار على المظاهرات المليونية التي كانت تطالب بإزاحة نظام الشاه.
ويمضي فيسك قائلا إن ما تشهده إيران ليس ثورة لاستبدال نظام الجمهورية الإسلامية لأن أنصار الطرفين يرفعون شعار "الله أكبر" في ميدان فاناك، ويلاحظ الكاتب أن إمساك قوات الأمن للعصا من الوسط، يدل على أن أحمدي نجاد يواجه متاعب حقيقية. إن قرار المرشد الأعلى، علي خامنئي، الطلب من مجلس صيانة الدستور إعادة فرز بعض الأصوات الانتخابية لم يبدد شكوك وغضب المعارضة الإصلاحية في إيران.
ويتابع فيسك قائلا إن رفض المعسكرين بشكل قاطع التوصل إلى حلول وسط يبعث على الخوف إذ إن أنصار أحمدي نجاد يطالبون بطاعة توجيهات آية الله الخميني والإخلاص لأشباح الحرب العراقية الإيرانية في حين أن أنصار موسوي الذي اكتسبوا جرأة جديدة بفضل المظاهرة المليونية يوم الاثنين ينادون بتوسيع نطاق الحرية.
ويتساءل الكاتب عما إذا كان قد فات الوقت لإنهاء العنف بين الإخوة الأعداء؟ ويرى أن كل طرف من الطرفين يعتقد أن سلامة القضية التي يدافع عنها تصبح أكثر قوة من الحوار العقلاني.
ويقول الكاتب إن الحرية التي عاشها أنصار موسوي - والمتمثلة في تجاهل واستخفاف وكراهية الحكم الديني الذي طالما أذلهم - باتت الآن طاغية ومثيرة بحيث أنهم أصبحوا يواجهون أعدائهم السياسيين في الشوارع بحس فكاهي يتميز بالغرابة والهدوء لكنه يبقى شعورا حقيقيا.
مستقبل إيران
في ركن الرأي وتحت عنوان "اختبار معقد وغير مؤكد بشأن مستقبل إيران"، ترى الصحيفة أن إيران تواجه أكثر أيامها صخبا منذ اندلاع الثورة عام 1979، وتضيف أن من المستحيل التنبؤ بدقة بنتيجة الصراع الدائر، وما إن كان المتعاطفون مع شكاوى المتظاهرين سينتصرون على المتشددين الذين يراهنون على الحل الأمني.
وتقول الصحيفة إن الطلبة قاموا بدور حاسم في الإطاحة بحكم الشاه عام 1979 وقد أصبحوا الآن بفضل ما تتيحه لهم الوسائل التكنولوجية المتطورة من قوة تنظيمية رقما صعبا وخصوصا لو امتدت المظاهرات إلى خارج مدينة طهران التي اقتصرت الاحتجاجات عليها لحد الآن. فحينذاك، لن يمكن إيقاف مد زخم الحركة الطلابية. وتذهب الصحيفة إلى أن بعض الآراء ترى أن حجم الاحتجاجات وتردد السلطات في مواجهتها يطرح علامة استفهام بشأن مدى قدرة النظام على البقاء.
وتمضي الصحيفة قائلة إن هناك أسبابا قوية تستدعي توخي الحذر إذ تلاحظ أن السلطات استطاعت بنجاح قمع مظاهرات الطلبة في أعوام 1999 و 2003 و 2008 ، مضيفة أن النظام الحالي يحظى بشرعية أكبر من الشرعية التي حازها نظام الشاه. وتدعو الصحيفة إلى عدم افتراض أن المعارضة محقة في القول إن أحمدي نجاد سطا على نتائج الانتخابات.
وترى أن النتائج المعلنة يوم السبت الماضي تدعو إلى الشك ولا سيما أن زعيم المعارضة، مير حسين موسوي، يبدو وقد حقق نتائج هزيلة فيما يُتوقع أن يكون معقله. وتتابع أن أحمدي نجاد يحظى بشعبية كبيرة ولا سيما بين فقراء إيران أي سكان المناطق الريفية الذين يشكلون ثقلا في المشهد الانتخابي الإيراني. ولا تستبعد الصحيفة أن تؤدي عملية إعادة فرز الأصوات إلى إظهار أن أحمدي نجاد فاز بالفعل بالانتخابات الرئاسية ولو بهامش أصغر من الأرقام المعلنة في البداية.
وتواصل الصحيفة أن الذين يتحدثون عن ثورة جديدة في إيران لا ينبغي أن ينسوا أن موسوي رغم صراحة وليبرالية زوجته ليس معاديا للنظام القائم علما بأنه كان رئيسا محافظا للحكومة خلال الحرب العراقية الإيرانية، مضيفة أنه مقرب من هاشمي رفسنجاني وهو أحد أعمدة النظام الإيراني الأقوياء.
وتخلص الصحيفة إلى أن ما يحدث هو صراع داخل نظام الجمهورية الإسلامية، مضيفة أن النظام قد يضمن بقاءه من خلال إبرام صفقة تفضي إلى تقليص صلاحيات الرئيس أحمدي نجاد واستحداث دور بارز لموسوي في داخل بنية النظام الإيراني المتشابكة.
إعادة فرز الأصوات
تخصص صحيفة الجارديان تغطية واسعة لأزمة الانتخابات الرئاسية في إيران شأنها شأن الصحف البريطانية الأخرى وتحت عنوان "عرض الحكومة لإعادة فرز الأصوات في إيران لا يلبي مطالب المعارضة" لمراسلها للشؤون الدبلوماسية، جوليان بورغر.
يرى المراسل أن قبول إيران بإعادة فرز الأصوات يمثل تراجعا عن موقف آية الله خامنائي الذي سبق له أن صادق من حيث المبدأ على نتائج الانتخابات عندما أعلن أن فوز أحمدي نجاد يمثل "نجاحا ساحقا" و "نعمة إلهية". لكن إعادة فرز الأصوات لا تلبي مطالب المعارضة إذ إن زعيم المعارضة دعا إلى تنظيم انتخابات جديدة وأبدى تبرمه من إعادة فرز الأصوات على يد مجلس صيانة الدستور الذي يتألف من قضاة محافظين إلى أقصى حد.
وترى الجارديان أن المجلس تعرض لضغوط من طرف المرشد من جهة وبسبب المظاهرات الاحتجاجية من جهة أخرى من أجل إعادة فرز الأصوات لكن الصحيفة تذهب إلى أن غياب حليف للمعارضة داخل المجلس لن يخدم قضيتها.
سرية التحقيق
تخصص صحيفة التايمز في ركن الرأي مقالا للشأن العراقي، لكاتبه، كين ماكدونالد، بشأن قرار رئيس الوزراء البريطاني، جوردن براون، إجراء تحقيق سري في الأسباب التي قادت إلى شن حرب العراق.
ويرى الكاتب أن قرار الحكومة البريطانية شن حرب على العراق انبنى على ادعاء اتضح أنه غير صحيح بالمرة، مضيفا أن هناك بكل تأكيد أسبابا أقوى للحرب لكن بلير اختار التمسك بدعوى وجود أسلحة الدمار الشامل، مما أدى إلى التعجيل ببروز أزمة ثقة في مصداقية السياسيين.
ويواصل الكاتب أن العديد من الأشخاص يعتقدون أن بلير التزم سرا في واشنطن بإرسال الجنود البريطانيين إلى العراق. ويمضي الكاتب قائلا إن قرار براون إجراء تحقيق سري قد يشكل مؤشرا محزنا يدل على أنه لم يستوعب عمق الضرر الذي سببته هذه الأحداث بالنسبة إلى العلاقة بين الشعب البريطاني وحكومته.