صحف بريطانية: المعضلة الإيرانية تزييف مقابل تزوير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لندن: لا تزال المسألة الإيرانية تستحوذ على اهتمام الصحف البريطانية وإن بتركيز متفاوت. كما إهتمت كذلك بخطة الرئيس الأميركي لإصلاح نظام التقنين المالي، وبحكم قضائي سمح بالكشف عن هوية مدون بريطاني.
"الكذبة الكبرى"
يستشهد الكاتب الإيراني الأمريكي المقيم في نيويورك حومان مجد في مقال للرأي في الفاينانشال تايمز بمقتطف من كتاب كفاحي "ينصح" فيه الزعيم النازي أدولف هتلر بافتراء كذبة كبرى لأن الشعوب لا تنقاد إلا إلى من يكذب عليها كذبة من هذا الحجم لا تجرؤ على افتراء مثلها. ومعرض هذا الاقتباس هو النتيجة المعلنة في إيران والتي منحت الفوز للرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد، بمثل هذا الحجم.
ويقول الكاتب إن أقصى ما يمكن أن يفوز به نجاد من أصوات الناخبين الأربعين مليون هو "15 مليونا، أما أن تُضاف إلى هذه الملايين الخمسة عشر 10 أخرى فتلك كذبة كبرى لم ولن تنطلي على الشعب الإيراني". وهذا وحده كفيل -حسب الكاتب- أن يفند مزاعم بعض "المتشددين" في إيران الذين يتهمون جهات أجنبية -"أمريكية وبريطانية"- بتأجيج حركة الاحتجاج في إيران.
ويرى مجد أن ما يعتمل الآن في إيران "ليس لا ثورة بنفسجية ولا ملونة ولا انتفاضة تهدف إلى القضاء على النظام، إنها صيحة استنكار صادقة للدفاع عن الجانب الديمقراطي الوحيد في النظام السياسية، والذي بات مهددا بالنسف." وللتدليل على أن موجة الاحتجاجات لا تحتمل لقب "الثورة"، يلمح الكاتب إلى أنها تحظى بالدعم الخفي رفسنجاني.
ويعتبر المعلق الإيراني الأميركي أن لهذا التأييد الخفي دلالة كبيرة فالرئيس الإيراني السابق يعد ثاني أقوى رجل في النظام بعد مرشد الجمهورية كما يترأس مجلس الخبراء الذي "من بين مهامه مراقبة المرشد وربما الإطاحة به."
وهذه بتلك؟
ويتساءل روبيرت فيسك -مبعوث صحيفة الإندبندنت إلى إيران- من جهته، عن مدى صحة الرسالة التي يتداول نسخها أنصار مير حسين موسوي، والتى وصلت واحدة منها إلى المخرجة والرسامة الإيرانية مرجان سترابي في بروكسل.
"الرسالة" عبارة عن مذكرة "موجهة" إلى مرشد الجمهورية يطلعه فيها وزير الداخلية الإيراني على النتائج "الحقيقية" للانتخابات والتي "تظهر" موسوي متقدما بأكثر من 19 مليون صوت يليه مهدي كروبي بأكثر من 13 مليون صوت بينما لم يحصل أحمدي نجاد سوى على ما يزيد بقليل على 5 ملايين صوت.
ويقول الكاتب إن هذه "الرسالة المزعومة" تثير الكثير من الشك في صحتها. فهي موقعة بالنيابة عن وزير الداخلية كما أن الأرقام التي تضمنتها يصعب تصديقها: فهي تمنح مهدي كروبي عددا من الأصوات لا يتناسب مع وزنه السياسي الخفيف كما تضعه ندا لموسوي حتى يسار إلى تنظيم دور ثاني، وهو ما كان يطمح إليه أنصار موسوي، وإلى جانب هذا وذاك لا يتماشى عدد الأصوات التي تمنحها الرسالة لأحمدي نجاد مع الشعبية التي يحظى بها في المنماطق الريفية ولدى الشرائح الفقيرة. أضف إلى ذلك -يقول الكاتب- أن تزيف الوثائق "قد ساهم في رسم التاريخ في إيران في الحقبة الأخيرة."
ويقول فيسك لعل معسكر موسوي أراد أن يضيف ضغطا على ضغط الشارع خاصة وأن حركة الاحتجاج بدأت تفقد من حماستها ولا أدل على ذلك من "التخبط الذي طبع مسيرة أمس، والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطيح بحكومة". ولعل الهدف من الحركة الاحتجاجية -حسب الكاتب- هو كسر قيد الخوف والرهبة وليس قلب حكومة أحمدي نجاد التي "تمتلك قدرة وإصرارا على البقاء."
تحقيق علني
تقول الإندبندنت في شأن آخر إن رئيس وزراء بريطانيا يواجه "تمردا" على جبهة أخرى هي مسألة التحقيق في ملابسات الحرب على العراق. فبينما يحبذ جوردون براون أن يكون التحقيق غير علني، يرى العديد من نواب البرلمان العماليين ووزيرة في الحكومة كانت إلى حين من بين المقربين إلى رئيس الحكومة البريطانية إلى جانب عدد من قادة الجيش البريطاني أن التحقييق ينبغي أن يكون علنيا على الأقل في جوانب منه.
ويعتبر عضوا مجلس اللوردات هاتون وبتلر أن التحقيق في مصلحة الجميع وليس فقط الجيش، وإضفاء طابع السرية عليه لامعنى له خاصة وأن بريطانيا تخوض ضمن حلف الأطلسي حربا في أفغانستان.
وفي الإندبندنت كذلك كتب باتريك كوكبورن من بغداد متحدثا عما تثيره الصفقتان التي ينوي وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني إبرامهما أواخر الشهر الجاري. ويتعلق الأمر بتفويت عمليات تطوير ستة حقول نفطية عراقية إلى كبريات شركات النفط العالمية وذلك لمدة عشرين سنة. ويقول الكاتب إن موجة الاحتجاجات الغاضبة قد تجهض هذا المشروع.
ويفصل مراسل الصحيفة في بغداد في المعضلة التي تواجه الحكومة العراقية بسبب أسعار النفط المتقلبة وبسبب تعاظم الحاجة إلى الريع النفطي الذي تخصص نسبة 80 في المئة منه لدفع الرواتب، بينما البلاد في حاجة ماسة إلى موارد مالية لإعادة تأهيل البنية التحتية.
أكثر تعقيدا
تعلق صحيفتا الفاينانشل تايمز والإندبندنت على خطة الرئيس الأميركي لتقنين القطاع المالي بغية تجنب أزمة مالية مثل هذه التي يتخبط فيها الاقتصاد العالمي. وترى الفاينانشل تايمز في افتتاحيتها أن الخطة جيدة لكنها ليست بتلك الجودة التي كان يتطلع إليها الكثير. فقد خاب أمل أولئك الذين يأملون أن تطلع الإدارة الأميركية بخطة أكثر إحكاما وتنظيما.
وتقول الصحيفة إن خطة معقدة لن تزيد إلا في تعقيد الأمور: "فكلما أكثرت من المراقبين والمشرفين زدت من الثغرات وإمكانية الزلل." وعلى عكس الفاينانشل تايمز ترى الإندبندنت أن مسؤولية الكارثة المالية التي كادت أن تعصف بالاقتصاد العالمي تقع على عاتق المصرفيين ومن كلفوا بالسهر على مراقبتهم على السواء. وإذا كانت الخطة التي يقترحها الرئيس أوباما لإصلاح نظام التقنين والمراقبة خطة ضرورية وجدية فإنها غير كافية.
وتعتبر الصحيفة في افتتاحيتها أن الإدارة الأميركية لم تبادر إلى معالجة المصدر الثاني المسؤول عن اندلاع الأزمة المالية الحالية، وذلك بتقسيم المؤسسات المالية حتى يُصار إلى التفريق بين جانب المضاربات في هذه المؤسسات المالية وبين الجزء الوظيفي الذي يضطلع بالمهام المصرفية التقليدية.
مكروه لكن ضروري
اهتمت بعض الصحف البريطانية كذلك بقضية مدون بريطاني أذنت المحكمة لصحيفة التايمز بالكشف عن هويته إذا رغبت في ذلك، بحجة أن التدوين الإلكتروني شأن عام ولا يدخل في إطار الحريات الشخصية. والمدون المعني بالأمر هو شرطي من فريق التحقيق أنشأ مدونة أطلق عليها اسم نايتجاك، وكان يكشف فيها عن بعض خفايا المؤسسة الأمنية البريطانية.
وتعتقد الغارديان في إحدى افتتاحياتها أنه لولا هذه الصراحة لما حقق النجاح كمدون ولما انتبه أحد إلى مدونته. "لكن الحكم القضائي كان أمرا ضرويريا حتى ولو كان غير مستحب. فكون السيد هورتون يكتب عبر الإنترنت لا ينبغي أن يكون مدعاة لأن يتمتع بالحماية. لقد عرض معلومات تدخل في إطار العمومي." وتتفهم الصحيفة خيبة أمل المدونين وصدمتهم وهم الذين تعودوا على التمرد على عالم الصحافة التقليدي. "لكن هذا الشعور الخادع بالحرية المطلق قد ولى. ومعه سيختفي نوع من الكتابة الإلكترونية الجادة والمفيدة...إنها ضربة أسدتها للإعلام الجديد وسائل الإعلام القديمة".