الانتخابات الإيرانية: تأجيل الثورة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وكالات: تستمر في إيران تظاهرات المعارضة الرافضة لنتائج الانتخابات التي أعلنتها السلطات الرسمية. وقد شددت المعارضة، وفقا لما نقله عدد من وسائل الإعلام، شعاراتها. فأخذت تظهر في العاصمة كتابات ـ "يسقط الدكتاتور!" وحتى "يسقط أحمدي نجاد!". وفي جامعة العلوم والصناعة في طهران، ظهرت بلوحة الشرف في مكان صورة الرئيس الذي أعيد انتخابه، الدكتور في العلوم التقنية محمود أحمدي نجاد الذي لا يزال يعيش على راتب البرفسور، كتابة ـ "يسقط الدكتاتور، كان شاها أو دكتورا!".
وإن ظهور كلمة "شاه" في الشعارات، وفر للعديد من الخبراء الدافع للمقارنة بالثورة الإسلامية في إيران عام 1979. فقد فجر الثورة وقتئذ الطلبة أيضا، وكان الرئيس الحالي بالمناسبة، من نشطائها. وإن الوضع الراهن في إيران يذكر بزمن الثورة "الخضراء" بعد أن اختارت المعارضة لون الإسلام الأخضر "رمزا للكفاح ضد استبداد السلطة". ومع ذلك لن تحدث ثورة. لا "خضراء"، ولا "برتقالية". أجلت الثورة، وأجلها المرشد الأعلى، زعيم إيران الديني مدي الحياة الإمام خامنئي. ولماذا حصل هذا؟
لأنه لا يجوز في إيران التشكيك بسمعة "الصالح". لا يجوز وفقا للدستور. صحيح أن الدستور ينص على تمتع الجميع بحق الانتخاب، ولكن لا يتمتع بحق أن ينتخب، إلا "الصالحين". ولا يوجد في إيران في يومنا الراهن "رجل أكثر صلاحا" من أحمدي نجاد بالنسبة لنظام آيات الله. وبالمناسبة، لا يحتاج الغرب الآن إلى حدوث ثورة في إيران!
وقد أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما على سبيل المثال، أنه لا يرى أي فرق بين أحمدي نجاد وموسوي. وخطت إسرائيل أبعد، إذ أعلن ميير داغان، رئيس المخابرات الإسرائيلية "موساد"، أن من مصلحة إسرائيل أن يكون أحمدي نجاد رئيسا لإيران، ذلك أن فوز مير حسين موسوي مجرد يعقد قضية البرنامج النووي الإيراني. كما انضمت روسيا والصين في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في يكاترينبورغ هذا الأسبوع، إلى "كوروس" المشاركين فيها، الذين هنأوا أحمدي نجاد الذي وصل إلى هناك بصفة مراقب، بإعادة انتخابه لفترة ثانية.
وماذا سيحدث؟ على صعيد السياسة الداخلية سيشدد نظام آيات الله بلا ريب، الضغط على خصومه السياسيين. ومع ذلك ستجرى تعديلات معينة باتجاه انفتاح اقتصاد البلد. فإن الاقتصاد كان أضعف نقطة طوال رئاسة أحمدي نجاد. التضخم المتنامي وزيادة البطالة يرغمان النظام على القيام بإصلاحات معينة.
وتشكل قضية أخرى السياسة الخارجية. فإن كل شيء هنا يخضع لإرادة المرشد الأعلى. ومن المستبعد أن يوافق خامنئي على تليين مواقف طهران من إسرائيل، وبشأن التخلي عن تخصيب اليورانيوم. وهذا وذاك بالنسبة للنظام مقدسان. فقد أوصى الخميني نفسه بالسياسة التي تمارس بشأن إسرائيل ، بينما تتوخى إيران من برنامجها النووي أن تصبح دولة إقليمية عظمى.
وفيما يخص العلاقات مع "حماس" وحزب الله"، فإن طهران على الأرجح، بعد خسارة "حزب الله" الانتخابات البرلمانية في لبنان، ستستخلص الاستنتاجات الضرورية. وبالطبع، باتجاه تمتين هذه العلاقات.
العرب صامتون بشكل عام و "صوت أميركا" تساعد الإيرانيين تقنيا
في هذه الغضون، تلتزم بعض الدول العربية المهمة الصمت حيال التظاهرات والتوتر السياسي الذي ساد إيران وربما يعود السبب في ذلك إلى عدم الرغبة في إثارة العداوة مع دولة قوية تدعم منظمات مسلحة مثل حزب الله وحماس، وفقا لتحليل أوردته وكالة أسوشييتد برس.
غير أن هناك أدلة تشير إلى أن الشباب والإصلاحيين في الدول العربية ألهمتهم تلك التظاهرات الشعبية التي تلت الانتخابات.
ونقلت الوكالة عن عبد المنعم إبراهيم وهو إصلاحي شاب وناشط في جماعة الإخوان المسلمين في مصر قوله إن تلك التظاهرات "تجعلنا نشعر بالغيرة".
فهناك فرق شاسع بين مشاهد مئات الآلاف من المتظاهرين في شوارع طهران وما يحدث في بعض الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة مثل مصر، حيث تقابل مزاعم التزوير بالاحتجاجات اللفظية دون أن ترافقها أفعال.
ففي أعقاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المصرية عام 2005 نظم بعض الناشطين تظاهرات صغيرة تم إسكاتها بشكل سريع من قبل قوات الأمن ولم تلق اهتماما كبيرا من قبل العامة. ولم يسمع الكثير من حركة الإصلاح في مصر (والتي تضم ناشطين علمانيين إضافة إلى إسلاميين من جماعة الإخوان المسلمين) منذ ذلك الحين.
ونقلت الوكالة عن إبراهيم قوله "لقد دهشنا بمدى التنظيم والسرعة التي تحركت بها الحركة الإيرانية. أما في مصر، فإن عدد الناشطين يعدون على الأصابع".
وقد نشر أحد كتاب المدونات يكتب بالاسم المستعار "لوزة" صورة لتظاهرة في إيران، وعلق عليها قائلا "هل سيتعلم العالم العربي منهم؟"
ونقلت الوكالة عن جمال فهمي، وهو ناشط مصري علماني معروف قوله: "على الرغم من أن الإيرانيين محكومون من قبل نظام دكتاتوري، إلا أن إيران تسمح بقدر جيد من الليبرالية والحرية". في المقابل فإن الناشطين في مصر مجمدون لأن النظام لا يسمح بأي مساحة من حرية التعبير والاحتجاج، على حد قوله.
وقال: "أظن أن جيلا جديدا من الناشطين سوف يثير إلهامه بالتأكيد ما يراه في الشارع الإيراني، فما يحدث في إيران ليس حاصلا في المريخ. لذا فإن الناشطين المصريين سيشعرون أنهم قادرون على تكرار ما يحدث في إيران في بلادهم".
وعلى الرغم من ذلك، فإن تغطية التظاهرات في إيران لم تلق ذلك الاهتمام في الإعلام العربي كما في الإعلام الغربي.
وقالت الوكالة إن الكثيرين في العالم العربي مقتنعون بأن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد يعود إلى التزوير، لكن يتغاضون عن ذلك لأنه يتمتع بشعبية في العالم العربي بسبب مواقفه المتشددة تجاه إسرائيل والولايات المتحدة.
وأما الحكومات العربية، فلا تريد أن تفتح جبهة مع النظام الإيراني.
على صعيد آخر، يقوم الإيرانيون بالبحث عن وسائل إلكترونية جديدة لتبادل المعلومات بعد أن وضعت الحكومة الإيرانية قيودا على الصحافيين الأجانب وحجبت مواقع وخدمات على الانترنت.
وقد قدمت خدمة صوت أميركا، التي تبث في العادة برنامجا تلفزيونيا شبابيا إلى إيران كل ليلة، وكثيرا ما يركز على أفلام هوليوود والفيديو كليب الموسيقي وأخبار التكنولوجيا، قدمت هذا الأسبوع برامج ركزت على مواضيع أكثر جدية، ومنها كيفية تجاوز القيود الإلكترونية على حرية التعبير.
وقد نقلت صحيفة واشنطن بوست عن غيريث كونوي الذي يعمل في خدمة تلفزيون صوت أميركا الناطقة بالفارسية قوله "ما نراه هو مستوى جديد من الحرب الإلكترونية"، في إشارة إلى حجب الحكومة الإيرانية لخدمات الرسائل النصية ومواقع الإنترنت.
وأضاف "نحن نحاول أن نعطي المشاهدين معلومات عن التكنولوجيا، وكيف يمكنهم أن يواصلوا الاتصال مع بعضهم البعض".
وقالت الصحيفة إن الإيرانيين ومنذ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية أضحوا بسبب القيود يعتمدون من أجل تبادل المعلومات بشكل كبير على شبكة تلفزيون صوت أميركا الناطقة بالفارسية إضافة إلى الخدمة المشابهة من هيئة الإذاعة البريطانية.