أخبار

أزمة إيران: لا تسويات بشأن خروج البلاد من قبضتها الحديدية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ازدهار "صحافة المواطن" في شوارع طهران والمعارضة في مأزق
أزمة إيران: لا تسويات بشأن خروج البلاد من قبضتها الحديدية

مخاوف من تحول إيران بسبب أزمتها إلى ديكتاتورية رخيصة

"إيلاف": لازالت أجواء الترقب والتوتر تسود المشهد السياسي في إيران، ما بين متظاهرين ثائرين وقادة يبدو ديكتاتوريين في سياساتهم التي يردون من خلالها على مسيرات الاحتجاج. وبالاتساق مع هذه الظروف والملابسات المشحونة عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد قبل نحو أسبوع، تنوعت اهتمامات الصحف ووسائل الإعلام، كل يرى الأزمة من منظوره الخاص. مجلة الإيكونوميست البريطانية، تعد من جانبها تقريرا ً تحاول أن تسلط الضوء من خلاله على حالة الانقسام التي تعانيه المؤسسة السياسية هناك، فتقول أن المشهد غير المألوف الذي شهدته البلاد خلال الأيام الماضية لتلك التظاهرات التي شارك بها قرابة المليون شخص والذي لم يحدث منذ اندلاع الثورة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه عام 1979، ليثير قلوب عشاق الحرية في جميع أنحاء العالم. وأشارت إلى أنه وفي مقابل الدور الذي يلعبه نجاد في إثارة غضب العامة، بينما يواصل مساعيه للحصول على السلاح النووي، هناك الغرباء الذين لم يخفوا إعلانهم عن دعم المتظاهرين ومساندتهم من منطلق ضرورة معاملتهم بحذر خشية تحقيق عكس ما يعتزمون فعله.

وتابعت المجلة حديثها لتقول أنه وبعد وضع البلاد في قبضة قوية على مدار ثلاثين عامًا، يمر رجال الدين الحاكمين في إيران الآن بحالة من الفوضى. فالمرشح الإصلاحي للانتخابات الرئاسية، مير حسين موسوي، الذي يفترض أنه حل ثانيًا في الانتخابات التي أقيمت الأسبوع الماضي، يبدو أنه كان من يجب أن يفوز على الأرجح، استنادًا إلى كل موجات اللغط التي أحاطت بعمليات فرز الأصوات. كما أكدت المجلة على أن هناك حالة من الانقسام بداخل المؤسسة السياسية في البلاد، في الوقت الذي ينحاز فيه بعض من أبطال الثورة للمتظاهرين. وحتى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، قد أصبح متورطًا في النزاع الانتخابي القذر. وربما يواجه حتى في نهاية المطاف مسألة بقاؤه أو بقاء النظام على قيد الحياة.

واعتبرت المجلة أن ما يحدث في إيران الآن لم يكن أمراً مفاجئاً، لأنها كانت ضحية لكثرة تقمصها دور الوسيط. كما أنها وقعت بين طيات المنافسين الإمبرياليين - روسيا وتركيا وبريطانيا وأميركا - لأكثر من مائة عام. كما سبق للغرب وأن استحوذ على النفط الإيراني لنفسه. وسبق لبريطانيا وأميركا أن قاما بتخريب تجربتها الموجزة مع الديمقراطية في عام 1953، وذلك حسب اعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال كلمته التي ألقاها في القاهرة مخاطباً المسلمين في وقت سابق من هذا الشهر. وأشارت المجلة كذلك إلى الاعتداء الذي تعرضت له إيران من جانب جيش عربي كان يترأسه الرئيس العراقي، صدام حسين، ما أسفر عنه مقتل نحو مليون شخص.

وعاودت المجلة لتؤكد من جانبها على أن وجود تهديد خارجي لا يمكن أن يُبَرِر حالة التفجر الشديدة التي تولدت نتيجة للانتخابات الرئاسية. فإيران ليس عبارة عن كيان ديمقراطي، لكن نظامها، الذي يجمع ما بين السلطة الدينية غير المنتخبة بالسلطة المدنية المنتخبة، قد تم تصميمه لمنح الناس فرصة التنفيس عن أنفسهم من وقت لآخر بداخل مجموعة الحدود الانتخابية التي تم وضعها بعناية. ورأت المجلة أنه ومن خلال تمرير قدر من الهواء إلى داخل النظام الذي قام بخنق الحريات الأساسية، قد يؤدي الرضوخ للمتظاهرين إلى تقويض النظام. وباستخدام القوة، ستتولد مخاطرة تنذر بتحول إيران إلى أي ديكتاتورية أخرى رخيصة. فالنظام الذي يسعى منذ فترة طويلة للمطالبة بالشرعية واحتكار السلطة على حد سواء، قد يكون عليه أن يختار عما قريب أيهما يريد. وبغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها البلاد، قالت المجلة أن على الغرب أن يتعامل مع ما يجري الآن في طهران بكل عناية - مثلما فعل الرئيس باراك أوباما - في رد فعله تجاه الأزمة الإيرانية.

من جانبها، وفي تعليق لها على ما يحدث الآن من تطورات في إيران من أحداث، بالتزامن مع حالة الحظر التي فرضتها السلطات هناك على وسائل الإعلام الأجنبية ومنعها من تغطية الأحداث التي تجري في شوارع العاصمة طهران، أشارت صحيفة النيويورك تايمز في عددها الصادر اليوم إلى أنه ونتيجة لتلك الظروف، ازدهرت بصورة ملفتة ما أطلقت عليه "صحافة المواطن" - حيث باتت الأخبار التي يتناقلها المواطن الإيراني العادي عبر المدونات ومواقع التواصل الإجتماعي "تويتر" و"فايس بوك" هي المصدر الرئيسي الذي يمكن الاعتماد عليه الآن لاستقاء المعلومات في نقل حقيقة الأحداث. وفي محور آخر تحت عنوان "التوترات تتزايد في طهران وسط تهديدات بالممارسات القمعية"، تقول الصحيفة أن حركة المعارضة الممزقة في إيران ما بين المصالحة والأخطار المتزايدة بحدوث عمليات انتقامية وسفك الدماء، يبدو أن قد وصلت لمرحلة هامة اليوم السبت. فقد أشارت إلى أنه وبعد مرور يوم واحد فقط على خطاب خامنئي، كثفت اليوم السلطات الإيرانية من ضغوطاتها من أجل وضع حد لمسيرات الشوارع، ويتردد أن مجموعة من رجال الدين الإصلاحيين قد انسحبوا اليوم من إحدى المسيرات الكبرى. في حين قامت جماعة أخرى يطلق عليها جمعية رجال الدين المقاتلين بإلغاء مسرة كانت تسعى لتنظيمها اليوم السبت. وقالت الصحيفة أن الأمور لم تضح خلال الوقت الراهن بشأن إذا ما كان الأشخاص سيحتشدون بأعداد غفيرة مرة أخرى مثلما حدث على مدار الأسبوع الماضي أم لا.

فيما رأت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن الخطاب الذي أدلاه أمس المرشد الأعلى أية الله على خامنئي وقام فيه بتزكية نتائج الانتخابات، مفندا ً أية مزاعم تتحدث عن حدوث عمليات تزوير، ومطالباً بإنهاء مسيرات الشوارع الحاشدة، يعد بمثابة الخطوة التي من شأنها أن تُصعَّد بذلك من حدة الأجواء المتوترة في البلاد من خلاله تقديم كامل دعمه للرئيس أحمدي نجاد. واعتبرت الصحيفة أن هذا الخطاب يمثل نقطة محورية في تلك الأزمة التي نشبت بالبلاد عقب الانتخابات من خلال موقفه الذي أبدا فيه حالة من عدم التساهل الواضحة تجاه المتظاهرين. ونقلت الصحيفة في هذا الإطار عن محلل سياسي في طهران الذي لم يتم الكشف عن هويته لأسباب أمنية :" هذا كان متوقعاًً، بداية ً من تلك الأنشطة التي شهدتها البلاد على مدار الأسبوع الماضي، ومرورا ً بالقيود والإجراءات القمعية، وهذا كله يشير إلى شيء واحد فقط هو: عدم وجود حل وسط بشأن القبضة الحديدية التي تسيطر على الأمور في البلاد. والشيء المؤكد هو أن خطاب خامنئي يمكن النظر إليه على أنه تحذير أو تهديد، والشيء المتوقع حدوثه هو انطلاق الدراجات البخارية في الشوارع لمعاقبة الأشخاص وإرسالهم لمنازلهم مرة أخرى، حتى إذا كان موسوي سيأتي بشيء مختلف".

اعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف