المغرب يغير أسلوبه في مكافحة "الإرهاب"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الرباط : تحول المغرب من أسلوب الاعتقالات الجماعية الى المراقبة المُشددة في إطار مكافحته للمتشددين الاسلاميين ويأمل في أن تؤدي حملة جديدة لتعزيز سلطة أئمة المساجد الذين تعينهم الدولة الى الحد من التأييد الشعبي للجهاديين. ومع وصول المتشددين لأعداد أكبر من المشاهدين عبر أقراص الفيديو المدمجة (دي.في. دي) والانترنت سعت الحكومة لهذه المبادرة بمراجعة القوانين التي تحكم المساجد وإضافة المزيد من المجالس الدينية لتشديد الرقابة على الحياة الدينية في الاقاليم.
وتستعد الدولة حاليا لإرسال 1500 مراقب للقرى والمدن لضمان التزام الأئمة بنهج إسلامي معتدل واحترامهم للملك محمد السادس كزعيم لمسلمي المغرب. وكانت هجمات انتحارية في مايو آيار عام 2003 قد قتلت 45 شخصا وهزت سمعة المغرب كبلد ينعم بالاستقرار والتي كانت قد ساعدت البلاد على اجتذاب أعداد متزايدة من السياح ومستوى قياسي من الاستثمارات الاجنبية.
وشهدت الحملة الأمنية النشطة اغلاق مساجد غير مصرح لها بالعمل واعتقال أكثر من ثلاثة آلاف شخص في اتهامات تتعلق بالارهاب. وقال المحلل السياسي المغربي محمد دريف "أجهزة الامن ربما لم تكن مستعدة وهو ما يفسر اعتقال الالوف... والآن بدأوا يتقنوا التعامل مع الوضع ولا يلجأون لاعتقال أي شخص." ومازال نحو ثلث الذين اعتقلوا منذ 2003 في السجون وتقول الجماعات المدافعة عن الاسلاميين ان العديد منهم يحتجزون بناء على أدلة واهية بعد أن أجبروا على التوقيع على اعترافات كاذبة وهو ما تنفيه الحكومة.
ويقول خبراء أمنيون ان السلطات أصبحت تحكم قبضتها بشكل أفضل على الوضع بعد أن جمعت قاعدة معلومات عن الاسلاميين الذين يشكلون مخاطر محتملة وتمكنت من التسلل الى داخل بعض الشبكات لمنع الهجمات قبل وقوعها. ويقول خبراء أمنيون أوروبيون ان الحكومات الاوروبية تحرص على مبادلة المعلومات مع المغرب خوفا من ان يستخدم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ومقره الجزائر المملكة كقاعدة انطلاق لشن هجمات في أوروبا.
ويبدو أن أعمال الاستخبارات قد تطورت فلم يعد يعلن عن اعتقالات بالكثافة السابقة وأعداد المشتبه فيهم بدأت تقل. وأدين اثنان في اسبانيا في تفجيرات قطارات في ضواحي مدريد قتل فيها 191 شخصا وجرح 1857 في مارس اذار عام 2004. وأدانت محكمة في المغرب مُهرب مخدرات في ديسمبر كانون الثاني فيما يتعلق بهذه الهجمات.
ويقول المحللون ان مسؤولي المخابرات الاسبانية يشعرون بقلق متزايد بشأن إقامة معسكرات تدريب لتنظيم القاعدة في عمق الصحراء في دول مثل مالي وموريتانيا. وفي الشهر الماضي اعتقلت الشرطة المغربية خمسة أعضاء فيما يشتبه انها خلية ارهابية كانت تنشط كذلك في اسبانيا حسب مصادر أمنية.
وقال بيتر نيومان المدير بمركز الدراسات الدفاعية في كلية كينجز في لندن " هناك اشتباه في أن أغلب عمليات التهريب تتم عبر المغرب والعديد من الاشخاص المهمين في تسهيل هذه الأعمال يقيمون في المغرب." وفي العام الماضي أبلغ الشيخ محمد المغراوي وهو شخصية دينية بارزة أتباعه أنه بالامكان تزويج البنات في سن التاسعة. وفُسرت تعليقاته على انها فتوى وأدانتها وسائل الاعلام وجماعات حقوق الانسان. وأمرت الحكومة باغلاق عشرات مدارس تعليم القرآن المرتبطة بالمغراوي. وفي المغرب لا يصدر الفتاوى سوى المجلس الأعلى للعلماء.
ويقول مسؤولون حكوميون ان مكافحة الارهاب ليست هي الهدف الرئيسي لبرنامج تدريب الأئمة. ويقولون ان الهدف هو ضمان أن يكون لدى الأئمة المهارات المطلوبة للقيام بعملهم مواكبين الاصلاحات التي تهدف الى تحديث البلاد والتي ينتهجها الملك محمد السادس منذ توليه العرش في عام 1999.
ولم يعد حفظ بعض آيات القرآن كافيا بالنسبة للسلطات لتعيين إمام. فالأئمة سيتدربون على كيفية تقديم النصح والتحكيم في النزاعات والمساعدة في برامج محو الأمية بين الفقراء والاطلاع على قوانين جديدة مثل قانون يعطي المرأة المتزوجة مزيدا من الحقوق. وقال حكيم الغيساسي المسؤول بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية ان هناك أكثر من مجرد استجابة لاحداث 2003 هناك مطالبة من المجتمع اليوم بأن تتخذ الحكومة الاجراءات اللازمة.
وأضاف انه في عصر المحطات التلفزيونية الفضائية لم يعد الناس يتقبلون رؤية مسؤول ديني غير مدرب. ويرسل المغرب كذلك خبراء في شؤون الدين لاوروبا بموجب اتفاقات مع دول منها فرنسا واسبانيا لديها جاليات كبيرة من المهاجرين المغاربة. وتابع ان مجلسا أوروبيا جديدا للعملاء في اوروبا سيساعد في تحسين تعليم الاسلام هناك وضمان تدريب أفضل للائمة ومشاركتهم في الحياة الاجتماعية.
وقال الغيساسي انه اذا تم حرمان الشبان من التعليم الديني اليوم فانهم سيبحثون عنه في مكان آخر مثل المواقع المتطرفة على الانترنت والائمة المتطرفين. ويشكك بعض المحللين في ان تحسين نوعية التعليم الاسلامي سيمنع الشبان المغاربة من الجيل الثاني المقيمين في اوروبا من الاقبال على الجهاد. ويقول اوليفر روي من المركز الوطني للدراسات العلمية في فرنسا "ليست السيطرة على المنظمات الاسلامية هي ما سيضع نهاية للارهاب... الشبان الذين يلجأون للتطرف يفعلون ذلك خارج سياق المساجد."