لندن: تفاعل فضيحة تنصت صحيفة الفضائح

طالت سياسيين ومثقفين وتسببت في تعويضات باهظة
فضيحة تطال صحيفة فضائح بريطانية

حنان خالد - إيلاف: عادت قضية تنصت "نيوز اوف ذا وورلد" اللندنية الى الواجهة مجددا بعد ان نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا يفيد أنها كانت تتجسس على هواتف كثيرين من السياسيين والشخصيات العامة، بمن فيهم جون بريسكوت، نائب توني بلير في رئاسة الحكومة. وفي تقريرها فان مجموعة روبرت ميردوخ، "نيوز انترناشونال" التي تمتلك "نيوز أوف ذا وورلد" دفعت حتى الآن اكثر من مليون جنيه استرليني، حسب "الغارديان"، تعويضات بشكل سري لعدد ممن اكتشفوا انهم تعرضوا لتحرش الصحيفة، حتى لا يتطور الأمر الى محاكم، لكن الفضيحة تتفاعل خصوصا ان رئيس تحرير "نيوز أوف ذا وورلد" آنذاك يشغل الآن منصب المسؤول عن التواصل مع الاعلام في حزب المحافظين، وهو ما يسبب حرجا للحزب المعارض. ما تثيره القضية أبعد من مجرد كونها فضيحة تورطت بها صحيفة بريطانية، الا انه من المفترض ان تكون هناك حدود أخلاقية تميز العمل الصحافي، خصوصا في عصر لا حدود لتنوع وسائل الوصول الى الخبر ونشره. وعندما تتحول صورة شخص الى مجرد سلعة تشد اهتمام القارئ، تغيب احيانا النظرة الى الحدود الاخلاقية التي قد يذهب اليها البعض بهدف الوصول الى المعلومة، وهذا ما يميز "الصحافة الصفراء" أو "صحف الفضائح" - الصحافة التي تستمر من خلال نشر أخبار وفضائح تطال أبرز شخصيات المجتمع.

روبرت ميردوخ مالك مجموعة "نيوز انترناشونال"، التي تمتلك "نيوز أوف ذا وورلد"

الأساليب التي تستخدمها "نيوز اوف ذا وورلد " للحصول على المعلومات، ظهرت الى العلن بعدما زج بمراسل الشؤون الملكية لدى الصحيفة كلايف غودمان، بالسجن لـ4 أشهر لاشتراكه في عملية ترمي إلى استراق السمع على اكثر من 600 رسالة صوتية متروكة على هواتف جوالة تعود لثلاثة من كبار المسؤولين في القصر الملكي البريطاني، بطريقة غير قانونية في كانون الثاني / يناير 2007. آندي كولسون، رئيس تحرير الصحيفة آنذاك، أعلن عن استقالته من منصبه. واستهدفت الصحيفة هواتف العديد من الشخصيات العامة من وزراء ونواب وممثلين ونجوم الرياضة للحصول على بيانات سرية - شخصية قد يقف خلفها مكاسب غير مشروعة، بما فيها السجلات الضريبية والاجتماعية، ملفات أمنية، بنود البيانات المصرفية وفواتير الهاتف.

وتشير " الغارديان" الى أن غوردون تايلور، المدير التنفيذي للاعبي كرة القدم المحترفين، تلقى 700،000 جنيه استرليني من مجموعة الأخبار "نيوز انترناشونال". وشملت اللائحة وزيرة الثقافة السابقة جويل تيسا، ليب ديم نائب سيمون هيوز، ماكس كليفورد المسؤول عن العلاقات العامة للمشاهير، ووكيل كرة القدم سكاي اندروز،وغيرهم. الا أن مجموعة "نيوز انترناشيونال" نفت جميع الاتهامات ومعرفتها السابقة بعمليات التنصت، على الرغم من رفع تايلور دعوى ضد المجموعة، في العام الماضي، على أساس أنه لا بد وأنها كانت على اطلاع على ما يجري.

واحد اهداف عمليات الاستماع غير المشروعة عبر الهاتف كان جون بريسكوت، نائب رئيس الوزراء السابق توني بلير، الذي استغرب الدور الذي لعبته الشرطة في القضية، واستغرب وجود قائمة معروفة لديها عن الاشخاص المستهدفة خطوطهم، وقال "للغارديان"، كان يفترض اعلامي بالامر لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، "هذا الامر ينعكس بصورة سيئة على الشرطة"، ودعا للتحقيق في هذه المزاعم.

وكان ديفيد كاميرون صباح اليوم دافع عن كولسون، مدير الاتصالات حزب المحافظين حاليا، في أعقاب دعوات لاستقالته. اذ قال المتحدث باسم الشؤون الداخلية، الليبرالي الديمقراطي، دافيد هانسون انه "على أقل تقديري اندي كولسون، المسؤول عن الصحيفة آنذاك، لم يضبط الصحيفة التي كانت خارج نطاق السيطرة، وأنه في أسوأ الأحوال متورط شخصيا". وقال ان وزير الداخلية الن جونسون قد تحادث بهذا الأمر مع مفوض شرطة العاصمة،و"سوف تحقق في هذه المزاعم وأعود لأبلغ البرلمان بشأن ذلك".

لندن بلا استراتيجية فاعلة للتعامل مع المسلمين

صحافيو البحرين يتجهون لمقاضاة من يعادي حرية تعبيرهم

أما الوزير السابق جيف هون فعلق على الأمر قائلا انه "من الصعب أن نرى كيف في ظل هذه الظروف يمكن أن يستمر اندي كولسون مدير الاتصالات لديفيد كاميرون، في الوقت الذي تشير دلائل الى سمعته السيئة، وعلى ديفيد كاميرون ايضاح ما هي الإجراءات التي ينوي اتخاذها في هذا الشأن".

الا ان لجنة شكاوى الصحافة ذكرت اليوم انها قد تعيد فتح التحقيق في فضيحة عام 2007 وسيجري التحقيق في مزاعم جديدة عن امكانية وجود أي نشاط غير قانوني "دون تأخير". الأدلة التي كشفت عنها صحيفة "الغارديان" تفتح المجال لاتخاذ الاجراءات القانونية المتاحة أمام مئات ضحايا مجموعات الأخبار، وتثير تحقيقات الشرطة الكشف عن الصحافيين الذين شاركوا بها الى جانب كبار التنفيذيين المسؤولين عنها. يذكر ان "نيوز اوف ذا ورلد" اشتهر بالحصول على "الفضائح" الصحافية عبر أساليب صحافية يمكن وصفها في الكثير من الاحيان بالمخادعة.