مجلة نيوزيوك تناشد إيران الإفراج عن مراسلها مزيار بهاري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إعداد عبدالاله مجيد: وجه محرر مجلة نيوزويك الأسبوعية جون ميتشام مناشدة في صحيفة "واشنطن بوست" إلى السلطات الإيرانية الإفراج عن مراسل المجلة في إيران مزيار بهاري. وجاء في النداء: مزيار بهاري صحافي يعمل مراسلاً لمجلة نيوزويك، وسينمائي تسجيلي وكاتب مسرحي ومؤلف وفنان ، ومنذ 21 حزيران/يونيو سجين معتقل في ايران دون تهم رسمية أو امكانية توكيل محام. ولصقت الصحافة الحكومية الايرانية اسم بهاري بـ"اعتراف" معَد بلغة مبهمة وأزمنة شرطية عن وجود يد خارجية في الأحداث التي شهدتها ايران بعد الاعلان عن اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد في 12 حزيران/يونيو.
بعض الأوساط في حكومة ايران تريد تصوير بهاري على انه مخرب أو حتى جاسوس. انه لا هذا ولا ذاك بل صحافي ، كان يؤدي عمله ويؤديه بنزاهة وحصافة حين أُلقي القبض عليه. فإن مزيار بهاري ليس إلا وكيل الحقيقة في حدود قدرته على رؤيتها، وان مجموعة اعماله تثبت كونه مراقبًا منصفًا يبتعد عن المواقف الايديولوجية لصالح توصيل عمق وتعقيد الحياة الايرانية وثقافتها للعالم الأوسع. وعلى سبيل المثال ان قلة جادلوا جدالاً أوسع وأشد اقناعًا بأن برنامج ايران النووي مسألة اعتزاز قومي وليس مجرد هوس عند القيادة.
درس بهاري (42 عامًا) السينما في مونتريال واصبح مواطنًا كنديًا. ومنذ عام 1998 عمل مراسلاً لمجلة نيوزيوك في طهران حيث كانت تقاريره تعكس خبرته في الشارع وقدرته على الوصول الى مسؤولين كبار في السلطة. ولكنه على الأرجح معروف عالميًا بأعماله السينمائية التسجيلية. ومن افلامه المتميزة فيلم And Along Came a Spider (ثم جاء عنكبوت) الذي يستوحي عمله صحفيا لمجلة نيويزويك. يروي الفيلم قصة سفاح في مدينة مشهد الايرانية ظلت جرائمه في قتل 16 مومسًا بلا حل طيلة سنوات. ومن افلامه الأخرى فيلم عن عازفي الطبول في افريقيا وعن آية الله العظمى علي السيستاني في العراق الى جانب طائفة من الافلام التسجيلية عن ايران وشعبها.
لا احد ولا حتى بهاري نفسه كان قادرًا على التنبؤ بالوضع المتفجر الذي نشأ في ايران بعد انتخابات حزيران/يونيو. وفي اسبوع من الغليان بعد الانتخابات كان بهاري من الصحافيين القلائل الذين وُجهت إليهم الدعوة لحضور صلاة الجمعة التي أوضح فيها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ان استمرار الاحتجاجات لن يُطاق. بعد يومين حضر في الساعة السابعة صباحًا عناصر من أجهزة السلطة حاملين معهم مذكرة اعتقال الى البيت الذي كان بهاري يعيش فيه مع والدته الطاعنة في السن. العناصر الذين لم يعرِّفوا أنفسهم أو الجهاز الذي يعملون فيه عاملوا بهاري وبقية افراد العائلة بأدب ولكن بحزم. صادروا كومبيوتره وأودعوه رهن التوقيف.
ولأكر من يوم لم تتمكن عائلته ومجلة نيوزيوك من معرفة مكان اعتقاله. وبعد يوم آخر سُمح لبهاري بالاتصال بوالدته في البيت. ان مُلُك بهاري ما زالت في الثالثة والثمانين امرأة قوية وصلبة لكن حياتها حياة موسومة بالفجيعة. ففي السنوات الثلاث الماضية نُكبت بموت زوجها وابنها البكر وابنتها. مزيار هو كل ما تبقى لها في هذا العالم ، وكاد اعتقاله يكون فوق ما تحتمله. وهي تقول: "لا أدري متى ستتوقف هذه الاشياء الفظيعة عن الحدوث. ليس هناك سبب لاعتقاله بهذه الصورة".
إزاء طبيعة الحياة الايرانية في عام 2009 تكون محاولات السلطة لممارسة الرقابة على البلد وعلى آراء العالم بما يجري محاولات مفهومة وإن كانت مؤسفة. ولكن التاريخ يعلمنا ان درجة التسامح مع المعارضة مقياس لقوة الحكومة وليست دليلاً على ضعفها ـ وبهاري لم يكن يتظاهر بل ينقل فحسب. لذا نطلب من الحكومة الايرانية بكل احترام ان تمنح بهاري الحق الذي يكفله القانون الايراني: أن يُسمح له بتوكيل محام ، وإذا لم تكن هناك تهم ضده ـ ونحن نعتقد بأنه ينبغي ألا تكون هناك تهم ـ أن يُطلق سراحه على الفور.
نقول مرة أخرى ان بهاري صحافي يتبدى انصافه في اي مراجعة لعمله. وان قضيته فرصة امام الحكومة الايرانية كي تبين انها عضو حسن النيات في أسرة الأمم ، بلد يُأخذ على محمل الجد وكما يرتأي هو. انها فرصة نقول بكل احترام ينبغي ألا تُفوَّت. لم يتمكن بهاري من الاتصال إلا مرتين في غضون اسبوعين. وفي المرة الثانية ، كما الاولى ، اتصل بوالدته. وفي المرتين قال لها ألا تقلق وانه يتدبر أمره. ولكن مُلُك التي كانت واحدة من نساء ايرانيات قلائل درسن في الجامعة في ايران ولديها شهادة في الكيمياء ، لا تنطلي عليها محاولات ابنها الرامية الى طمأنتها. قالت مُلُك يوم اعتقل ولدها: "لا أُريد أكثر من عودة مزيار الى البيت ، لا اُريد سوى عودة ولدي".