أخبار

كابوس الإمارة الإسلامية في باكستان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: يحذر مستشار بارز لثلاثة رؤساء أميركيين في شؤون منطقة جنوب آسيا من معركة "هرمجدون في إسلام آباد". وهرمجدون هي كلمة جاءت من العبرية هار ـ مجدون أو جبل مجدو، وهي بحسب المفهوم التوراتي المعركة الفاصلة بين الخير والشر أو بين الله والشيطان ،وتحديدا بين اليهود من جهة والمسيحيين والمسلمين من جهة أخرى،وتكون على إثرها نهاية العالم.

وبناء على طلب الرئيس باراك أوباما تولى بروس ريدل الخبير السابق في شؤون المنطقة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" الإشراف على مراجعة السياسة الأميركية حيال أفغانستان وباكستان النووية. وقال ريدل في تقييمه الأخير ان "انتصار الجهاديين في باكستان، أي استيلاء حركة سنية متشددة بقيادة طالبان على البلاد، سيخلق أكبر تهديد تواجهه الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب... وهناك إمكانية حقيقية لحصول هذا الأمر في المستقبل المنظور".

وخلص إلى ان ذلك من شأنه تعزيز قدرات القاعدة بعشرة أضعاف، ومن شأنه أن يعطي الإرهابيين قدرة نووية. وقال ريدل ،وهو عضو رفيع المستوى في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكينغز، في دراسة مطولة في عدد تموز/ يوليو وآب/ أغسطس من مجلة "المصلحة الوطنية" إلى ان قيام باكستان "بإنشاء الجماعات المتطرفة والتواطؤ معها، جعل إسلام آباد عرضة لإنقلاب إسلامي".

والانقلاب الإسلامي لن يكون ممكناً على الأقل من دون تواطؤ بعض وحدات الجيش في روالبندي، الموقع العسكري الواقع على بعد 20 دقيقة من إسلام آباد. علماً ان باكستان شهدت أربعة انقلابات عسكرية في 60 عاماً، وعاشت نصف وجودها في ظل حكم عسكري. بدأت أسلمة باكستان مع الحرب ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في الثمانينيات، على يد الديكتاتور العسكري الراحل ضياء الحق، وحصلت على تشجيع وتمويل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كأداة لمواجهة الإيديولوجية الشيوعية.

وأدى هذا إلى ولادة الآلاف من المدارس القرآنية التي أنتجت آلاف الجهاديين الذين غُسلت أدمغتهم لكراهية "المرتدّين" الأميركيين والهنود والإسرائيليين. كما أدى ذلك إلى إنشاء جماعات إرهابية مثل "عسكر طيبة" و"جيش محمد" تحت إشراف أجهزة الاستخبارات الباكستانية لجبهة كشمير ضد الهند، ولأنها محظورة رسمياً، انتقلت هذه الجماعات للعمل في السر.

وتطوّع أجهزة الاستخبارات الباكستانية النافذة نحو عشرة آلاف من الشباب الجهاديين من منطقة مهمند القبلية لقتال القوات الأميركية في أفغانستان، إلاّ أن حركة طالبان قد انهارت وعاد الشباب غير المدربين إلى باكستان مع نفي جميع الجهات علاقتها بهم. وبعد غزو القوات الأميركية لأفغانستان يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2001، روّجت أجهزة الاستخبارات الباكسانية بين زعماء القبائل في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفدرالية ان "باكستان هي المحطة التالية".

وأبلغ ضابطان استخبارتيان كبيران زعماء القبائل بعد معركة تورا بورا في ديسمبر/كانون الأول 2001 بخطط الولايات المتحدة التالية بعد "الاستيلاء على أفغانستان"،وأوضح أحدهما ان إدارة بوش تخطط للهجوم على باكستان، في محاولة للاستيلاء على ترسانتها النووية و"تركها عزلاء أمام العدوان الهندي". وهناك أكثر من عشر جماعات إرهابية محظورة رسمياً في باكستان ،ولكن يبدو أنها تعمل بحصانة. فقد استهدف الانتحاريون تقريباً وأكثر من مرة جميع المدن الرئيسية . وقتل نحو 8000 شخص عام 2008.

ومن الصعب التمييز بين المرافق التابعة للقاعدة في الملاذات الآمنة على طول 1400 ميل من الحدود مع أفغانستان ومرافق حركة طالبان عندما تتعرض للقصف من قبل الطائرات الأميركية بلا طيار. والرجل الذي أقنع الملايين من الباكستانيين بأن هجمات 11 سبتمبر/أيلول كانت مؤامرة من "وكالة المخابرات المركزية الأميركية والموساد" لإعطاء الولايات المتحدة ذريعة لشن الحرب على الإسلام لم يكن غير حميد غول رئيس الاستخبارات الباكستانية السابق (1987-8819) الذي كان مستشاراً استراتيجياً لأحزاب سياسية ودينية متطرفة.

وغول المعروف بـ"عراب" حركة طالبان، عاد إلى الواجهة للدفع باتجاه محادثات مباشرة بين صديقه الملا محمد عمر، زعيم طالبان الأعور، المختبئ منذ ثماني سنوات والذي عرض مبلغ 10 ملايين دولار لمن يرشد إلى مكانه، للتفاوض على إنهاء الحرب الافغانية.

ويعتقد ان غول، الذي أمضى أسبوعين في أفغانستان مباشرة قبل 11 سبتمبر/أيلول، يعرف مكان الملا عمر ويمكنه الاتصال به. ويعتقد ان الملا عمر يختبئ بالقرب من مدينة كويتا عاصمة بلوشستان التي طالما كانت منطقة راحة لمقاتلي طالبان من أفغانستان. وما دامت المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفدرالية ملاذاً مفضلاً للعدو، فلا يمكن الانتصار في أفغانستان.

ونفى متحدث باسم دائرة العلاقات العامة في الجيش الباكستاني المقابلة التي أجراها الصحافي مايكل وير في شبكة "سي أن أن" مع مدير العلاقات العامة في الجيش اللواء آثار عباس الذي قال ما هو بديهي وهو ان الاستخبارات الباكستانية ما زالت تجري اتصالات سرية مع المجموعات التي تعمل ضد الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الاطلسي في أفغانستان.

وكتب ريدل ان "باكستان الجهادية والمسلحة نووياً" "هي سيناريو يجب علينا تجنبه مهما كان الثمن"، لكنه أضاف "هناك سبب وجيه للتشاؤم. فالتعامل مع الوضع القائم في باكستان قد لا ينجح، ولكن هناك جميع الأسباب التي تدفعنا للمحاولة نظراً لفظائع الوضع البديل". وقال ريدل ان مستويات المساعدات الأميركية لا يجب أن تكون "نتاج نوبات الغضب الملطفة للكابيتول هيل".

وأضاف "يتعين علينا مساعدة باكستان في التعامل مع معدل الأمية المرتفع وذلك لأن النساء اللواتي يعرفن القراءة والكتابة سوف تحاربن طالبان. ينبغي أن نوفر للجيش الباكستاني أسطول مروحيات يحتاجها لمكافحة المسلحين في الأراضي الوعرة غرب البلاد. ويجب أن نتوقف عن محاولة تشريع السلوك الباكستاني عبر وضع شروط على مساعدة النظام هناك، وهو أسلوب فشل مع باكستان في الماضي ويجب أن يكون هدفنا اقناع الباكستانيين بأن التهديد الوجودي لحريتهم لا يأتي من الـ"سي آي إي" أو الهند ، ولكن من القاعدة".

لم يفاجأ متمردو طالبان عبر الحدود في أفغانستان، بزيادة عديد مشاة البحرية الأميركية بـ4000 عنصر، والبريطانيين بـ4000 أيضاً و750 من القوات الافغانية في إقليم هلمند. وكما يفعل المتمردون في أي حرب عصابات، فإنهم يتلاشون أمام القوة المتفوقة. ولم يتوهم وزير الدفاع روبرت غيتس عندما قال انه حتى النجاحات المتواضعة ضد طالبان لن تظهر سوى في السنوات الخمس والعشر القادمة.

ومعظم الحلفاء في الناتو يريدون الخروج بحلول عام 2011. وبريطانيا، التي تنشر معظم قواتها في هلمند، والتي تنوي رفع عديد قواتها من 6000 إلى 7700، تتعرض لضغوط متزايدة في كل من البرلمان واستطلاعات الرأي العام لتحديد جدول زمني للانسحاب. علماً ان ثمانية جنود بريطانيين قتلوا في يوم واحد الأسبوع الماضي وهي كانت الـ24 ساعة الأكثر دموية للقوات البريطانية منذ حرب جزر فوكلاند عام 1982.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف