أخبار

أوباما وقضايا الحريات الدينية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: في كلمته إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة في الرابع من يونيو الماضي تحدث الرئيس الأميركي "باراك أوباما" عن سبع قضايا رئيسة في الجزء الثاني من خطابه. هذه القضايا السبع هي محور العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي. ومن تلك القضايا السبع قضية "الحرية الدينية" التي احتل المرتبة الخامسة ضمن السبع قضايا التي تحدث عنها "أوباما"، مؤكدًا في كلمته على الحرية الدينية باعتبارها هي الحرية الأساسية التي تُمكن الشعوب من التعايش.

ويأتي إبراز الرئيس الأميركي لقضية الحريات الدينية اعتمادًا على دعوة وتوصية من لجنة الحريات الدينية الدوليةU.S. Commission on International Religious Freedom (USCIRF) التي أرسلت خطابًا إلى باراك أوباما تدعوه إلى إبراز قضية الحرية الدينية في خطابه إلى العالم الإسلامي.

ومؤخرًا، أصدرت اللجنة تقريرها السنوي عن العام الحالي 2009، الذي حمل توصيات إلى الكونجرس الأميركي، وإدارة الرئيس الأميركي "باراك أوباما"، ووزارة الخارجية الأميركية بشأن ثلاث عشرة دولة أسماها التقرير "دول مثيرة للقلق" (CPCs)countries of particular concern. وفي هذا العام أضيفت دولتان، هما: العراق ونيجريا، إلى القائمة السابقة لـ"الدول المثيرة للقلق" التي ضمت الصين، بورما، كوريا الشمالية، إريتريا، إيران، باكستان، المملكة العربية السعودية، السودان، تركمانستان، أوزبكستان، وفيتنام.

نشأة لجنة الحريات الدينية الدولية

أُنشئت لجنة الحريات الدينية الدولية (USCIRF) اعتمادًا على قانون الحرية الدينية الدولية International Religious Freedom Act (IRFA) لعام 1998. وتهدف اللجنة لمراقبة حالة حرية الدين والفكر والمعتقد كما هو منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتأسيسًا على قانون (IRFA) أنشِئُ مكتب الحرية الدينية الدولية Office of International Religious Freedom بوزارة الخارجية الأميركية جنبًا إلى جنب مع لجنة الحرية الدينية الدولية USCIRF. ويصدر مكتب الحرية الدينية الدولية، الذي يرأسه سفير متجول، تقريرًا سنويًّا في الأول من سبتمبر من كل عام عن الحرية والاضطهاد الديني عالميًّا. في حين تصدر لجنة الحرية الدينية الدولية تقريرها السنوي في الأول من مايو. وحسب القانون فإن مهمتها ستنتهي في 2011.

اعتمادًا على تقرير لجنة الحرية الدينية الدولية تُعد وزارة الخارجية الأميركية قائمة بـ"الدول المثيرة للقلق"، وهي تلك الدول التي تعمل أو تتغاضى عن انتهاكات الحق العالمي للحرية الدينية، من خلال تبنيها لسياسة ممنهجة ومستمرة للتعذيب، الاعتقال، الاختطاف والنفي لإنكار الحرية الدينية أو بطرائق أخرى لإنكارها. وتحديد التقرير لتلك الدول يجعلها هدفًا لإجراءات أميركية دبلوماسية واقتصادية. وإضافة على هذا يحدد قانون (IRFA) مجموعة من الأدوات السياسية والدبلوماسية يستخدمها الرئيس الأميركي ضد تلك الدول، وأوصى بتسمية مستشار خاص للحرية الدينية الدولية ليساعد الرئيس في مهمة الحفاظ عليها عالميًّا.

يُعد تقرير اللجنة السنوي بمثابة خريطة طريق لصانعي السياسة الخارجية الأميركية، والدبلوماسيين على حد سواء. ويُعد، أيضًا، وثيقة مهمة بشأن تجاوزات الدول للحرية الدينية والمعتقد والتفكير في كافة أنحاء العالم. ويُقدم التقرير حلولاً للدول التي يصنفها في قوائمه.

أهداف اللجنة

وعن الهدف من إنشاء لجنة الحريات الدينية الدولية USCIRF تقول رئيستها فيليس جاير Felice D. Gaer: إن الهدف من اللجنة هو تقديم رؤية عن أبعاد الاضطهاد والتعصب الديني في الخارج. وككيان فيدرالي مستقل يضم أعضاءً من الحزبين الكبيرين داخل الولايات المتحدة، الحزب الجمهوري والديمقراطي، تهدف اللجنة لتقييم واقتراح سياسات لصناع السياسة الخارجية الأميركية لتعزيز الحرية الدينية والمعتقد والتفكير، وحماية الأفراد المعرضين لخطر انتهاك حرياتهم تلك.

وتضيف "جاير" إن مهمة اللجنة هي أن تصبح توصياتها قانونًا داخل الكونجرس الأميركي وسياسات تتبناها السلطة التنفيذية. وتعمل لجنة الحرية الدينية الدولية على تقديم رؤية وتفكير جدي عن كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتعامل بصورة جيدة مع تحديات التطرف الديني، التعصب، والاضطهاد في كافة أنحاء العالم، لاسيما الدول ذات الاهتمام الخاص على أجندة السياسة الخارجية الأميركية، مثل: باكستان، أفغانستان، العراق، إيران والصين.

لا تفرض اللجنة عقوبات على الدول، ولكن لديها سلطة رصد انتهاكات الحرية الدينية بالخارج، وتقديم توصيات وسياسات للحكومة الأميركية تنتهجها حيال تلك الدول. حق أي من دولتين توقعان على اتفاق ـ كاتفاق الحد من الأسلحة أو اتفاقية تجارية ـ بضرورة وفاء كل طرف بالتزاماته التي تنص عليها الاتفاقية ينطبق على اتفاقيات حقوق الإنسان، بما فيها تلك الاتفاقيات المتعلقة بالحرية الدينية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فبدلاً من إجبار الدول على تنبي القيم والمبادئ الأميركية تُشجع اللجنة الدول على الوفاء بالتزاماتها لحماية الحرية الدينية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية. وليس من حق الدول الاستبدادية التمسك بحجة "الشئون الداخلية" وعدم التدخل في شئونها الداخلية للتنصل من تعهداتها والتزاماتها الدولية لتحقيق الحرية الدينية وحقوق الإنسان.

أعضاء اللجنة

تأسيسًا على قانون الحرية الدينية الدولية (IRFA) يختار الرئيس الأميركي ثلاثةً من أعضاء اللجنة، وأربعة تختارهم قيادات بالكونجرس من الحزب الذي هو خارج البيت الأبيض (أي عكس حزب الرئيس)، وعضوين تختارهما قيادات بالكونجرس من حزب الرئيس.

وحاليًا إنهم يعينون لمدة عامين، ومن الممكن إعادة تعيين المؤهل منهم لفترة ثانية.

وأعضاء اللجنة يعبرون عن أهداف اللجنة وليسوا معبرين عن أفكارهم الخاصة أو المنظمات الدينية التي ينتمون إليها. وأعضاء اللجنة هم فيليس جاير Felice D. Gaer في منصب الرئيس. وإليزابيث برودرومو Elizabeth H. Prodromou ومايكل كرومارتي Michael Cromartie في منصب نائب الرئيس. وعضوية كل من دون أرجيو Don Argue، الإمام طلال عيد Talal Y. Eid، ريتشارد لاند Richard D. Land، ليونارد ليو Leonard A. Leo، ونينا شيا Nina Shea. وسفير اللجنة التابع لوزارة الخارجية الأميركية ليس له الحق في التصويت داخل اللجنة، وحاليًا منصبه شاغر.

وحسب تشريع اللجنة فإنه يتم اختيار أعضاء اللجنة من بين شخصيات بارزة لديهم معرفة وخبرة في المجالات ذات الصلة بمسألة الحرية الدينية الدولية، والشئون الخارجية، وتجربة مباشرة بالخارج فيما يخص قضايا الحرية الدينية، وكذلك معرفة وخبرة بحقوق الإنسان والقانون الدولي. ويختار أعضاء اللجنة لخبراتهم وليس لانتماءاتهم الدينية، ولذلك ليست كل الديانات ممثلة في اللجنة.

إنجازات اللجنة

أوصى تقرير اللجنة هذا العام بإضافة دولتين، هما: العراق ونيجيريا، إلى قائمة وزارة الخارجية لـ"الدول المثيرة للقلق". وفي تقريرها هذا العام أعلنت اللجنة عددًا من الدول في قائمة الدول "تحت المراقبة"، وتضم تلك القائمة هذا العام هذه الدول: أفغانستان، روسيا البيضاء، كوبا، مصر، إندونيسيا، لاوس، روسيا، الصومال، طاجيكستان، تركيا وفنزويلا. لم تصل هذه الدول بعد إلى مصاف "الدول المثيرة للقلق"، حسب قانون IRFA. تحتاج هذه الدول إلى مراقبة دقيقة لطبيعة وحجم انتهاكات الحرية الدينية داخلها وكذلك حالات تغاضي الحكومات عن تلك الانتهاكات.

خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق "جورج دبليو بوش" كان للجنة إنجازات جلية في عديد من القضايا والمناطق. فمع تزايد الأزمة في إقليم دارفور السوداني، كانت اللجنة أول من دعا إلى تسمية مبعوث خاص للسودان، والتي أخذ بها الرئيس بوش بتعيين أول مبعوث أميركي إلى السودان. بالإضافة إلى أن اللجنة عملت على إقناع الكونجرس الأميركي إلى أن قانون السلام في السودان Sudan Peace Act يتطلب ضرورة اتخاذ إدارة الرئيس بوش خطوات لمنع وصول عائدات النفط إلى الحكومة السودانية في حال عدم التزامها بما تمخضت عنه مفاوضات السلام. وبالنسبة لباكستان، عملت اللجنة على إبراز للمسئولين الأميركيين ومسئولي الحكومة الباكستانية الأوجه غير الديمقراطية للنظام الانتخابي بالنسبة لأقليات، والذي ألغي في عام 2002. وفي عام 2001 نجحت اللجنة في أن يبرز الرئيس الأميركي الأسبق "جورج دبليو بوش"، اعتمادًا على توصية من اللجنة، قضية الحرية الدينية كحق عالمي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد فعل "بوش" ذلك من خلال التأكيد على عدم اتخاذ الحكومات الحرب على الإرهاب كذريعة لانتهاك الحرية الدينية.

أوباما وحرية الدينية

مع تولي "باراك أوباما" قيادة الولايات المتحدة، وقبل أن يلقي "أوباما" خطابه للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة في الرابع من يونيو الماضي أرسلت اللجنة برسالة إلى الرئيس الأميركي "باراك أوباما" تطلب منه إبراز قضية الحرية الدينية في خطابه إلى العالم الإسلامي، وبالفعل سمى الرئيس الأميركي قضية الحرية الدينية ـ القضية الخامسة في خطابه ـ كأحد القضايا الخلافية بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، والتي تهدد العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.

عن قضية التسامح في الإسلام أشار "باراك أوباما" إلى نشأته عندما كان طفلاً في إندونيسيا، إذ كان يرى المسيحيين يمارسون طقوسهم الدينية بحرية في ذلك البلد الذي يشكل فيه المسلمون الغالبية. ويقول إن العالم اليوم في حاجة إلى روح التسامح التي شاهدها هناك. فيقول: "إذ يجب أن تتمتع الشعوب في جميع البلدان بحرية اختيار العقيدة وأسلوب الحياة القائم على ما تمليه عليهم عقولهم وقلوبهم وأرواحهم بقطع النظر عن العقيدة التي يختارونها لأنفسهم، لأن روح التسامح هذه ضرورية لازدهار الدين".

ويرى أن هناك تحديات تواجه روح التسامح، فيقول "ثمة توجه في بعض أماكن العالم الإسلامي ينزع إلى تحديد قوة عقيدة الشخص وفقًا لموقفه الرافض لعقيدة الآخر". والتعددية الدينية بالنسبة لباراك أوباما ثروة يجب الحفاظ عليها. داعيًا في كلمته إلى إصلاح خطوط الانفصال في أوساط المسلمين؛ لأن الانقسام بين السنة والشيعة قد أدى إلى عنف مأساوي ولاسيما في العراق، مشيرًا أيضًا إلى ضرورة الحفاظ على حقوق بعض الأقليات الدينية كالموارنة في لبنان أو الأقباط في مصر.

ويرى أوباما في كلمته أن الحرية الدينية هي الحرية الأساسية التي تمكن الشعوب من التعايش، ولذا يدعو إلى البحث عن سبل لحماية هذه الحرية.

مشيرًا إلى أن القواعد التي تنظم التبرعات الخيرية في الولايات المتحدة على سبيل المثال أدت إلى صعوبة تأدية فريضة الزكاة بالنسبة للمسلمين، وهذا هو سبب التزامه بالعمل مع الأميركيين المسلمين لضمان تمكينهم من تأدية فريضة الزكاة.

وفي هذا السياق دعا أوباما في كلمته إلى ضرورة امتناع البلدان الغربية عن وضع العقبات أمام المواطنين المسلمين لمنعهم من التعبير عن دينهم على النحو الذي يعتبرونه مناسبًا، فعلى سبيل المثال تفرض بعض الدول الثياب التي ينبغي على المرأة المسلمة أن ترتديها.

ويقول في كلمته: "إننا بكل يسر لا نستطيع التظاهر بالليبرالية عبر التستر على معاداة أي دين. ينبغي أن يكون الإيمان عاملاً للتقارب فيما بيننا، ولذلك نعمل الآن على تأسيس مشاريع جديدة تطوعية في أميركا من شأنها التقريب فيما بين المسيحيين والمسلمين واليهود".

وفي نهاية كلماته عن قضية الحرية الدينية رحب الرئيس الأميركي بالجهود المماثلة لمبادرة جلالة الملك عبد الله المتمثلة في حوار الأديان، كما رحب بالموقف الريادي الذي اتخذته تركيا في تحالف الحضارات. مضيفًا أن بإمكان الولايات المتحدة القيام بجهود حول العالم لتحويل حوار الأديان إلى خدمات تقدمها الأديان يكون من شأنها بناء الجسور التي تربط بين الشعوب وتؤدي بهم إلى تأدية أعمال تدفع إلى الأمام عجلة التقدم للجهود الإنسانية المشتركة.

وفي خطابه إلى العالم الإسلامي عمل الرئيس الأميركي على إبراز للمسلمين وغير المسلمين الدور والالتزام الأميركي التاريخي بضرورة نشر مبادئ التسامح والحريات بما فيها الحرية الدينية كأحد حقوق الإنسان وهي المهمة الأساسية لجنة الحريات الدينية الدولية التي تسعى بجدية إلى نشرها في كافة أنحاء العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اوباما وقضايا
د محمود الدراويش -

كان خطاب الرئيس اوباما في الجزئية المتعلقة بالحريات الدينية والتسامح ودعوته الغرب لتفهم عقائد الاخرين والتسامح معهم في ممارسة شعائرهم والتعبير عن دينهم مشيرا الى قضية الحجاب خطابا رائعا بكل المقاييس , وان تاثيرات هذا الخطاب في الغرب عامة والولايات المتحدة الامريكية لا يمكن انكاره او تجاهل شانه . ان التاريخ الامريكي وادبياته الرسمية تخلو تماما من التمييز الديني وتضمن للفرد حرية معتقده وشعائره . والماساة التي حدثت في الحادي عشر من سبتمبر في شوارع واشنطن ونيويورك قد اثارت و الهبت بل اشعلت العواطف والمشاعر الامريكية, وكالعادة وجدت اطراف امريكية معروفة ضالتها لتعمق الخلاف مع العرب والمسلمين الى حد اللاعودة والصدام وقادت حملة شيطانية من التشهير والكراهبة والحقد والنقمة والدعوة للانتقام وصرخت تللك الفئات بصوت عال ومسموع في شوارع المدن الامريكية مرددة :اقتلوا العرب اقتلوا المسلمين, و كان هناك عمل منظم منسق لطابور هائل من المتحدثين والمحللين والكتاب والاعلامين ورجال دين واجهزة اعلام جهنمية همها الاول , ضرب العلاقات الامريكية العربية, وتعميق الكراهية بينهم ودفع الادارة الامريكية للعدوان على العرب والمسلمين وتقديم اسرائيل كاقوى وافضل الحلفاء الذين بواجهون خطر الارهاب ,ووصل الحد بهم الى الدعوة لاستخدام اسلحة غير تقليدية في ضرب العرب توفيرا لارواح الجنود الامريكين , وصدرت دعوات من جهات موتورة بضرب مكة والمدينة المنورة, وذهب الرئيس الامريكي حينها الى حد الخروج عن كل المعايير الاخلاقية ومنطق الدولة الكبرى والعقلانية والانسانية ملوحا بالحروب الصليبية وكانت هذه سقطة وجريمة وانحطاط لا تليق بزعيم دولة تدعوا ادبياتها للتسامح والحوار وتناقضا مع ثقافتها وقوانينها وقيمها الانسانية النبيلة, لقد تصرف الرئيس الامريكي كثور هائج مشحون وبرعونة قبضايات الشوارع وزعماء العصابات وارسل جيوشه وقتل ودمر واحدث خرابا هائلا , ونتائج هذه السياسة الرعناء والهمجية معروفة للجميع وهى فشل عسكري وسياسي وازمة اقتصادية طاحنة ومستويات غير مسبوقة من الكراهية والرغبة في الانتقام. ان للادارة الامريكية الحالية تفهما اكبر وتوجها لا يجب على العرب خذلانه بل عليهم دعمه وتعزيزه وتنميته وتطويره, و لا يجوز ان تترك اهم ساحة في العالم لا عداء العرب والمسلمين التقليدين , يؤثرون على سياساتها ومواقفها واصحاب القرار

اوباما وقضايا
د محمود الدراويش -

كان خطاب الرئيس اوباما في الجزئية المتعلقة بالحريات الدينية والتسامح ودعوته الغرب لتفهم عقائد الاخرين والتسامح معهم في ممارسة شعائرهم والتعبير عن دينهم مشيرا الى قضية الحجاب خطابا رائعا بكل المقاييس , وان تاثيرات هذا الخطاب في الغرب عامة والولايات المتحدة الامريكية لا يمكن انكاره او تجاهل شانه . ان التاريخ الامريكي وادبياته الرسمية تخلو تماما من التمييز الديني وتضمن للفرد حرية معتقده وشعائره . والماساة التي حدثت في الحادي عشر من سبتمبر في شوارع واشنطن ونيويورك قد اثارت و الهبت بل اشعلت العواطف والمشاعر الامريكية, وكالعادة وجدت اطراف امريكية معروفة ضالتها لتعمق الخلاف مع العرب والمسلمين الى حد اللاعودة والصدام وقادت حملة شيطانية من التشهير والكراهبة والحقد والنقمة والدعوة للانتقام وصرخت تللك الفئات بصوت عال ومسموع في شوارع المدن الامريكية مرددة :اقتلوا العرب اقتلوا المسلمين, و كان هناك عمل منظم منسق لطابور هائل من المتحدثين والمحللين والكتاب والاعلامين ورجال دين واجهزة اعلام جهنمية همها الاول , ضرب العلاقات الامريكية العربية, وتعميق الكراهية بينهم ودفع الادارة الامريكية للعدوان على العرب والمسلمين وتقديم اسرائيل كاقوى وافضل الحلفاء الذين بواجهون خطر الارهاب ,ووصل الحد بهم الى الدعوة لاستخدام اسلحة غير تقليدية في ضرب العرب توفيرا لارواح الجنود الامريكين , وصدرت دعوات من جهات موتورة بضرب مكة والمدينة المنورة, وذهب الرئيس الامريكي حينها الى حد الخروج عن كل المعايير الاخلاقية ومنطق الدولة الكبرى والعقلانية والانسانية ملوحا بالحروب الصليبية وكانت هذه سقطة وجريمة وانحطاط لا تليق بزعيم دولة تدعوا ادبياتها للتسامح والحوار وتناقضا مع ثقافتها وقوانينها وقيمها الانسانية النبيلة, لقد تصرف الرئيس الامريكي كثور هائج مشحون وبرعونة قبضايات الشوارع وزعماء العصابات وارسل جيوشه وقتل ودمر واحدث خرابا هائلا , ونتائج هذه السياسة الرعناء والهمجية معروفة للجميع وهى فشل عسكري وسياسي وازمة اقتصادية طاحنة ومستويات غير مسبوقة من الكراهية والرغبة في الانتقام. ان للادارة الامريكية الحالية تفهما اكبر وتوجها لا يجب على العرب خذلانه بل عليهم دعمه وتعزيزه وتنميته وتطويره, و لا يجوز ان تترك اهم ساحة في العالم لا عداء العرب والمسلمين التقليدين , يؤثرون على سياساتها ومواقفها واصحاب القرار