خارطة الطريق للسلام بين الهند وباكستان تفقد معالمها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن:ربما استأنفت الهند وباكستان المحادثات بينهما من جديد ولكن حتى هذه اللحظة لا توجد رؤية واضحة لما قد تقود إليه تلك المحادثات.
ونتيجة لذلك يرى كثير من المحللين ان خارطة الطريق التي اتفق عليها سرا قبل عامين ولم يكشف عنها إلا العام الجاري هي على الارجح النموذج الامثل للتوصل لاتفاق سلام.
وقال بروس ريدل الذي قاد مراجعة الاستراتيجية الامريكية في افغانستان وباكستان بناء على طلب الرئيس الامريكي باراك اوباما "انه اتفاق جيد لباكستان وللهند ولسكان كشمير."
وضع الخارطة مستشارو الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ وينطوي الاتفاق على محاولة طموحة للتوصل لاطار عمل لاقرار السلام في منطقة كشمير المقسمة بين البلدين منذ الاستقلال.
ولا ينص الاتفاق على أي تبادل للاراضي ولكنه يقلل من اهمية الحدود من خلال تشجيع حركة الناس والتجارة عبر خط المراقبة الذي يقسم كشمير الى شطرين.
وفي الوقت ذاته تتشكل آلية مشتركة تسمح للبلدين بالاشراف على شؤون كشمير.
وقال مصدر مطلع على الاتفاق ان المؤشرات لا تنم انه كان سيلقى نجاحا فعلى سبيل المثال لم يتم الاتفاق قط على الطبيعة المحددة لتلك اللالية المشتركة.
غير ان عملية التفاوض في حد ذاتها كانت "ماصة للصدمات" بين دولتين تمتلكان قدرات نووية وخاضتا ثلاث حروب وشهدتا توترات كان احدثها عقب هجمات مومباي العام الماضي.
وقال ريدل الذي يعمل حاليا في معهد بروكينجز بواشنطن ان الدبلوماسيين الغربيين يودون ان يعود البلدان للنقطة التي وصلا اليها عام 2007 .
غير أن الامر قد يكون صعبا.
فالحكومة المدنية في باكستان تجد صعوبة في تبني اتفاق تفاوض بشأنه مشرف بعدما ارغمت الجنرال السابق على التخلي عن منصبه العام الماضي.
وقال الصحفي والمحلل ستيف كول وهو أول من كتب عن الاتفاق بالتفصيل "من الناحية السياسية يصعب جدا قبوله كانجاز لمشرف."
وفي الهند لا يوجد دعم شعبي يذكر لتحركات السلام مع إسلام أباد عقب هجوم مسلحين باكستانيين على مومباي على مدار ثلاثة ايام.
وقال برافين سوامي من صحيفة (ذا هيندو) "ثمة تشدد في الموقف. باستثناء مانموهان سينغ لم يتبق حمائم في الحكومة" وان اضاف ان العودة لمباديء عام 2007 سيكون امرا عظيما من وجهة النظر الهندية.
كما تشك الهند في أن يساند الجيش الباكستاني القوي اي اتفاق تبرمه نيودلهي مع حكومة اسلام اباد المدنية مما يضيف نوعا من التعقيد لم يكن قائما مع مشرف.
ومن ثم انخرطت الدولتان في الوقت الراهن في معارك تكتيكية تركز على الشكل أكثر من المضمون.
ورغم اتفاق البلدين في اجتماع عقد في مصر الاسبوع الماضي على اجراء المزيد من المحادثات فقد رفضت الهند دعوة باكستان ان يكون ذلك في اطار ما يعرف باسم "الحوار المركب" أي عملية السلام الرسمية التي أوقفتها نيودلهي عقب هجمات مومباي.
ورغم حديثهما العلني عن التعاون لمكافحة الارهاب فانهما تواجهان وضعا مستحيلا تقريبا.
فالهند تريد تحركا ضد عسكر طيبة الجماعة المتشددة التي تتخذ من اقليم البنجاب الباكستاني مقرا لها والتي تحملها نيودلهي مسؤولية هجمات مومباي.
ولكن في واقع الامر لا يعتقد سوى عدد قليل من الناس ان باكستان ستقدم على نزع سلاح كل مسلحي عسكر طيبة الذين يقدر عددهم بالالاف في وقت يقاتل فيه جيشها طالبان الباكستانية في المناطق القبلية المتاخمة لافغانستان.
وقال أحد المراقبين "يدرك الرئيس (الباكستاني اصف علي) زرداري والحكومة والجيش حدود قدراتهم على التعامل مع كل هذا في وقت واحد."
وبدون اتفاق سلام من المستبعد ان تنزع باكستان سلاح جماعة متشددة رعتها في فترة سابقة لمحاربة الحكم الهندي في كشمير اذ لا يزال ممكنا استغلال كوادرها المسلحة كخط دفاع أول في حالة تعرض البلاد لغزو هندي.
وفي أحسن الاحوال ستتخذ إسلام أباد اجراء محدودا تحت ضغط.
وقال محلل على دراية بالجماعات المتشددة في باكستان "عسكر طيبة جماعة تريد باكستان وقف نشاطها اجلا وليس عاجلا."
ولهذا فان التقدم الحقيقي في المحادثات بين الهند وباكستان يتطلب توازنا محفوفا بالمخاطرة مثلما حدث عام 2007 بحيث تقابل تحركات السلام بفرض قيود على عسكر طيبة وجماعات متشددة اخرى.
وقال ريدل انه ينبغي على الحكومات الغربية الضغط من اجل تحرك ضد عسكر طيبة في جميع الاحوال اذا ينظر اليها على انها لا تمثل تهديدا للهند فحسب بل للغرب أيضا.
ولكنه ذكر ان الهند تحركت ببطء شديد نحو قبول الاتفاق الذي عرضه مشرف عام 2007 قبل ان تطيح به مشاكل سياسية.
وقال "لا يمكن تبرئة ساحة الهند. كان ينبغي ان تتمسك بهذا ( الاتفاق) حين كانت الفرصة مواتية. فوتوا فرصة كبيرة."
وادارة اوباما في أمس الحاجة لتحقيق الاستقرار في افغانستان عن طريق اقناع باكستان بالتحرك ضد المتشددين ومن المرجح ان تواصل الضغط بهدوء كي تستأنف الهند وباكستان المحادثات من حيث انتهت عام 2007 .
ولكن الوقت يمر وهو في غير صالح البلدين فاذا لم يتمكنا من التوصل لاتفاق قريب فانهما يخاطران بنشوب حروب جديدة بسبب المياه لان الجبال الجليدية في الهيمالايا التي تغذي الانهار المشتركة تنحسر بسبب ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الارض.