ما يحدث في أوغادين أتعس مما يقع في دارفور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جنيف: نظمت مجموعة من أبناء إقليم أوغادين المقيمين في سويسرا ملتقى في جنيف للتعريف بمعاناة سكان الإقليم التابع لإثيوبيا والذي يقطنه سكان من أصول صومالية ومطالبة المجموعة الدولية بوضع حد لما وصفوه "أزمة إنسانية منسية". وتؤكد فوزية عبد القادر، الناشطة في حقوق الإنسان أن المشكلة تتلخص في أنهم "يُعانون معاناة مزدوجة: تمييز النظام الأثيوبي من جهة، ولامبالاة المجموعة الدولية من ناحية أخرى".
لقد جاءوا من كل مناطق سويسرا - رغم قلة عددهم - للإستماع الى شهادات عن الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء شعبهم في إقليم أوغادين على ايدي القوات الإثيوبية. إنهم أبناء الجالية المنحدرة من إقليم أوغادين ذي الغالبية الصومالية، الذين لا يتعدى عددهم في سويسرا 150 شخصا.
ويقول المشاركون إن همهم يتمثل في البحث عن السبل الكفيلة بتحريك ضمير الرأي العام الدولي ومحافل حقوق الإنسان للإهتمام بالإنتهاكات اليومية التي يتعرض لها السكان من أصل صومالي في اقليم أوغادين الواقع تحت السيطرة الإثيوبية وهو محل نزاع مع الجارة الصومال منذ عقود.
أتعس مما هو معروف في إفريقيا
عندما تلتقي بناشطة في حقوق الإنسان مثل السيدة فوزية عبد القادر المهتمة بشؤون الإقليم ضمن الجالية المهاجرة من أوغادين والمقيمة في أوتاوا بكندا، التي كانت المدعوة للقيام بمداخلة في الندوة التي انعقدت في جنيف يوم 25 يوليو 2009، وتسألها عن حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في الإقليم فإنها لا تتردد في الإجابة بأنها "أتعس حتى مما هو معروف في بلدان إفريقيا الواقعة ما وراء الصحراء".
وتُرجع ذلك إلى أنه - بالإضافة إلى العوامل المؤدية إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان في بلدان افريقيا ما وراء الصحراء والمتوفرة أيضا في وضع اقليم اواغادين من فقر وتخلف - فهناك "تمييز تعرض له، وما زال يتعرض له سكان الإقليم من أصل صومالي على أيدي الأنظمة الإثيوبية المتعاقبة"، وتضيف بأن أوغادين "هو الإقليم الأقل نموا حتى بالنسبة لمستوى التنمية في إثيوبيا، وهو الإقليم الذي يتوفر على أقل عدد من المستشفيات والمدارس".
عزل مقصود...
إقليم أوغادين الذي يقطنه حوالي 4،5 مليون نسمة من أصل صومالي مسلم، يوجد محط صراع بين الصومال وإثيوبيا منذ أكثر من ثلاثين عاما. ولكن التدخل الأثيوبي في الصومال والهزيمة التي لحقت نظام المحاكم الإسلامية في مقديشو أدى الى تحول قوات هذه المحاكم إلى ميليشيات تحارب النظام الإثيوبي في الصومال وفي مناطق أوغادين.
ولا شك في أن أكبر مجموعة مقاومة مسلحة معروفة في منطقة أوغادين هي "الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين"، التي دخلت القوات الإثيوبية في مواجهة مباشرة معها في شهر يونيو 2007 بعد أن تعرضت محطة لاستخراج النفط إلى هجوم أدى إلى مقتل 74 شخصا من بينهم 9 صينيين.
وتشير السيدة فوزية عبد القادر أن "رد فعل النظام الإثيوبي الحالي مثل سابقيه كان دوما العزل والإقصاء للمنطقة الصومالية وعدم معاملتها كإقليم تابع لإثيوبيا، وهذا ما جعل سكان الإقليم يعيشون على هامش المجتمع الإثيوبي".
... وانتهاكات متواصلة
فقد قامت لجنة حقوق الإنسان بمنطقة أوغادين منذ العام 1995 بتوثيق الانتهاكات المرتكبة في الإقليم. وإذا كانت تقارير هذه المنظمة تُعدّ سنويا، فإن الناشطة فوزية عبد القادر ترى أن "إصدار منظمة هيومان رايتس ووتش، مؤخرا، لتقرير بعنوان (عقاب جماعي وجرائم حرب في أوغادين)، ومع أنه لم يأت بشيء جديد لا نعرفه، فإنه سمح بإخراج هذه الانتهاكات للعلن".
وتقول السيدة فوزية إن هذه الإنتهاكات "تشمل الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية"، وتؤكد أن "السنوات الأخيرة عرفت زيادة حالات الاغتصاب بحيث سجلنا في عام واحد أكثر من 2000 حالة اغتصاب قام بها أفراد الجيش الأثيوبي في حق نساء وفتيات من كل الأعمار".
ومن المضاعفات الناجمة عن عمليات الاغتصاب في غياب رعاية صحية ملائمة هناك "تزايد حالات الإصابة بفيروس الإيدز"، على حد قول السيدة فوزية التي عددت انتهاكات أخرى في إقليم أوغادين تشمل "عمليات الحبس التعسفي والإغلاق التعسفي للمحلات التجارية ومصادرة قطعان الماشية والمحاصيل الزراعية".
صمت مُطبق..
ومن الظواهر المثيرة للقلق التي دفعت أفراد الجالية المقيمة في سويسرا إلى القيام بهذا التحرك رغم قلة الموارد، الصمت المطبق الذي يُحيط بأوضاع سكان إقليم أوغادين رغم علم الجميع بما يحدث فيه من انتهاكات.
وتقول السيدة فوزية عبد القادر "لا يمكن القول أن المجموعة الدولية تجهل ما يحدث على الساحة في أوغادين، إنهم يدركون جيدا ذلك ولكن ما ينقص هو عدم اتخاذ إجراءات عملية لتحسين الأوضاع. لذلك نقوم بتحركات من هذا النوع للتعريف بأن ما يحدث عندنا هو أتعس مما يحدث في دارفور رغم الدعاية الكبيرة التي تلقاها أوضاع دارفور، ولو أنني لست متأكدة ما إذا كان سكان دارفور قد استفادوا من هذه الدعاية الكبيرة".
وعما إذا كانت رغبة سكان الإقليم (أو على الأقل رغبة الحركات التي تقود المواجهة العسكرية في الإقليم مثل الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين)، تتمثل في الانفصال عن أثيوبيا، تكتفي السيدة فوزية بالتطرق بصفتها ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان إلى "الرغبة أولا في وضع حد للإنتهاكات التي يتعرض لها السكان، ووضع حد لموت السكان جوعا في منطقة غنية بالمواشي وبالزراعة وليست صحراء"، ثم تختتم حديثها مع swisinfo.ch بالقول: "إن ما يمكن قوله في هذا الإطار هو الرغبة في فتح حوار من أجل التوصل الى تقرير للمصير بالنسبة لسكان الإقليم إما عبر الإستقلال أو في البقاء مرتبطين بأثيوبيا كمواطنين كاملي الحق في المواطنة... وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بتدخل دولي مثلما حدث في جنوب وغرب السودان".