أخبار

التوترات تثير التشدد الاسلامي في اسيا الوسطى

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اوش (قرغيزستان):يقول رحمتيلو ابراهيموف وهو يرتشف الشاي في مقهى معتم يملؤه الدخان في مدينة اوش بقرغيزستان ان هدف حياته هو اعادة الحكم الاسلامي الى اسيا الوسطى السوفيتية السابقة.
ويقول بابتسامة خجولة تتناقض مع حدة كلماته "يصفوننا بالارهابيين. هذا لانهم يخشوننا... كلما قمعونا زادت قوتنا. لا نريد اراقة دماء. نريد العدالة."

ويشير ابراهيموف عضو حزب التحرير وهو جماعة اسلامية محظورة الى أن الافكار من نوعية افكاره بدأت تلقى رواجا في مدينة اوش مسقط رأسه في وادي فرغانة وهو مرجل للتوتر العرقي والقبلي في قلب اسيا الوسطى.
واوش التي تخترق منارات افقها المترب مرادف لصعود التشدد الاسلامي بعد الحقبة السوفيتية منذ فترة طويلة في منطقة معظمها زراعية وتزرع القطن وتتشاطرها قرغيزستان وطاجيكستان واوزبكستان.

لكن القتال العنيف في افغانستان واعمال الشغب التي شارك فيها مسلمون من اليوغور في الصين الى الشرق تضفي تفسيرا جديدا على تهديدات قديمة في منطقة فقيرة تقع في قلب منطقة صراع جغرافي سياسي بين روسيا والولايات المتحدة.
فقرغيزستان بتضاريسها الغادرة وتحالفات العشائر المتنوعة المعقدة مثار قلق على نحو خاص ولا تزال ذكريات الاشتباكات العنيفة بين الاوزبك والقرغيز قرب اوش عام 1990 التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى حاضرة في الاذهان.

وتضج المنطقة مجددا بالحديث عن الاضطرابات.
في بلدة كاراسو الحدودية وتتكون من عدد صغير من الاكواخ البيضاء المقسمة بين اوزبكستان وقرغيزستان وتفصل بينها قناة صغيرة يقول سكان ان الاحباط المتزايد بسبب الفقر والبطالة أذكى الاهتمام بتفسيرات متشددة للاسلام.

ويقول يوسف الذي يبيع الاواني الفخارية في سوق محلي وهو متاهة من الازقة المتعرجة التي تعج بالناس والخيول وضباط الشرطة "هناك الكثير من الشائعات والجميع قلقون. يقولون ان هناك حربا ما قادمة."
وأضاف فيما جثا بائع اخر على ركبتيه على مقربة ليؤدي الصلاة وراء ستار "نرى نساء محجبات اكثر كثيرا هذه الايام ويذهب رجال اكثر كثيرا لاداء صلاة الجمعة. هذه البلدة كانت اكثر علمانية."

وكانت حكومات محلية قد اتهمت جماعات مثل حزب التحرير باذكاء الاضطرابات وتعهدت بشن حملة صارمة ضد عملياتها.
ومما يبرز القلق العالمي بشأن استقرار اسيا الوسطى يجتمع قادة روسيا وافغانستان وباكستان في طاجيكستان هذا الاسبوع. ومن المقرر أن يزور دميتري ميدفيديف رئيس روسيا قرغيزستان لحضور قمة امنية تدعمها موسكو.

ولا تستطيع اوروبا أن تتصرف بلا مبالاة. ويثير انعدام الاستقرار قلق شركاء تجارة الغاز المحتملين هناك الذين يسعون الى تقليل اعتمادهم على الغاز الروسي باقامة علاقات أوثق مع المنتجين الرئيسيين في المنطقة مثل اوزبكستان وتركمانستان.
ويقول خبراء أمنيون ان مقاتلي طالبان الذين ترجع اصولهم الى اسيا الوسطى ويثيرهم القتال المتزايد في افغانستان وباكستان قد يتسللون عائدين الى المنطقة سعيا الى ملاذ امن بين مجازاتها الجبلية العالية ووديانها النائية.

وعززت سلسلة من الاشتباكات بين قوات الامن وعصابات من المهاجمين المسلحين والتي أسفرت عن مقتل نحو 20 متشددا في انحاء المنطقة في الاشهر الماضية هذه المخاوف.

ويقول بول كوين جادج رئيس المجموعة الدولية لمعالجة الازمات باسيا الوسطى "شعوري الداخلي أن هذا هو ما يحدث... اذا نظرنا الى تلك (الهجمات) يبدو أنها تشير الى أن هناك تفعيلا للحركات الجهادية المسلحة. لكنني أميل اكثر الى الربط بين هذه وبين تحرك طالبان في اتجاه حدود طاجيكستان."
ويقول دبلوماسيون ان الاضطرابات يمكن أن تكون صدى بعيدا لجهود الولايات المتحدة لتمويل المجاهدين والترويج للاسلام في اسيا الوسطى اثناء الغزو السوفيتي لافغانستان في الثمانينات وهي سياسة ربما بدأت الان تأتي بنتائج عكسية في هذه المنطقة.

وقال دبلوماسي غربي في المنطقة "هذا مكان مثالي لجميع الانواع (المتشددين) للاختباء او الارتياح او اعادة تنظيم أنفسهم.
"لا يهم ما اذا كانوا محليين او قادمين من افغانستان. في كلتا الحالتين هذا اتجاه مثير للقلق بشدة."

وقال ابراهيموف الذي طلب من رويترز استخدام اسمه المستعار خوفا من الاضطهاد ان حزب التحرير لا يستخدم سوى الاساليب السلمية ليحقق هدفه الرئيسي وهو اقامة خلافة اسلامية في أنحاء العالم.

وأضاف متحدثا بصوت خافت أن العضوية في ازدياد لكنه رفض الافصاح عن عدد أعضاء حزب التحرير في اسيا الوسطى او الحديث عن خطتهم على المدى القصير. وقال ان هذا سر.
ونفى اي صلة بحركة طالبان لكنه قال ان بعض الناس يستمدون الالهام من قضيتهم. وقال "نحترم طالبان لانهم مسلمون. انهم أشقاؤنا لكننا لا ندعم أساليبهم."

في بلدة كاراسو المقسمة بدا الحراس على الجانب الاوزبكي قلقين عندما اقترب طاقم رويترز من الحدود من على جانب قرغيزستان. وهز بعضهم قبضاتهم وأمكن سماع صرخاتهم المكتومة من على الجانب الاخر من النهر.
وشددت الاجراءات الامنية هنا منذ مايو ايار حين أنحت اوزبكستان باللائمة على متشددين اسلاميين في هجمات وقعت ببلدة خان اباد الاوزبكية القريبة وقالت ان المتشددين جاءوا من قرغيزستان.

وحلقت طائرة هليكوبتر عسكرية وأغلقت نقطة التفتيش الرئيسية امام اي تجارة عبر الحدود وهو اجراء أمني تقول قرغيزستان واوزبكستان انه ضروري لمكافحة الارهاب لكنه سبب احباطا عميقا بين التجار المحليين.

وقال ايلخوم الذي يعمل بسوق محلية "لا أحد يعلم ما سيحدث تاليا. الناس مثلنا هم الذين يعانون."
وقال الامام راشد كمالوف متحدثا داخل مسجد السرخسي المكسو بالحجر الابيض في كاراسو ان السلطات استغلت تهديد الاسلاميين كذريعة لاتخاذ اجراءات صارمة ضد المعارضة السياسية.

وكان والده محمد رفيق كمالوف اماما للمسجد في القطاع القرغيزي من كاراسو لمدة 20 عاما قبل أن تقتله قوات الامن بالرصاص في عملية خاصة عام 2006.

وكان اوزبكيا عرقيا وتم اتهامه بمساعدة متمردين مناهضين للحكومة وهو اتهام ينفيه أنصاره. وما زالت السلطات تنظر الى مسجده بارتياب واحيانا تداهمه.
وقال راشد ومن ورائه صفوف من الكتب الدينية باللغة العربية الموضوعة على ارفف "لا أحد يعلم من سيقتلون المرة القادمة. هذا يظهر مدى شعور السلطات بالارتياب والخوف."

وأضاف راشد أن الحملة لم تؤد سوى الى دفع الناس للتشدد وجعلتهم اكثر ميلا الى اتباع جماعات مثل الحركة الاسلامية في اوزبكستان التي يقودها طاهر يلدشيف وهو زعيم متمرد عقد العزم على الاطاحة بالرئيس الاوزبكي اسلام كريموف.
وقال "حين قتل والدي كثير من الناس عرضوا المساعدة... لو كنت مثل يلدشيف لجمعت مجموعة خاصة بي جماعة ارهابية وسرت ضد الحكومة لكنني قررت الا افعل هذا. ديني لا يسمح لي."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف