أخبار

مبادرة جنيف.. هل تتحول إلى قاعدة لحل شرق أوسطي؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

جنيف: تعرف "مبادرة جنيف" التي تم التوصل إليها قبل ستة أعوام بين مفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين برعاية سويسرية دفعا جديدا هذه الأيام بعد الإنتهاء من صياغة ملحقات تشتمل على 470 صفحة فُصّلت فيها مختلف الحلول لنقاط الخلاف الجوهرية القائمة بين الطرفين.

وهو المشروع الذي يُحتمل أن تناقشه وزيرة الخارجية السويسرية مع نظيرتها الأميركية هيلاري كلينتون (من بين نقاط أخرى تشمل قضية مصرف يو بي أس) في لقاء يجمعهما يوم الجمعة 31 يوليو الجاري بواشنطن، رغم أن وزارة الخارجية اكتفت بالتوضيح في بيان صدر في برن أن "اللقاء سيتطرق للقضايا الثنائية والدولية" بين البلدين.

وكانت أصوات متفائلة من الإدارة الأميركية ذهبت مؤخرا إلى حد اعتبار أن "مبادرة جنيف قد تصبح قاعدة الحل المرتقب لصراع الشرق الأوسط"، بعد أن تم تفصيل نقاط الخلاف الجوهرية التي لا زالت قائمة بين الطرفين (عودة اللاجئين، وقضايا الأمن، وتقاسم المياه، ومستقبل القدس وغيرها).

مشروع الحل السلمي "الأكثر تفصيلا"

إذا كانت الحلول السلمية المقترحة لحل النزاع المزمن في منطقة الشرق الأوسط لا تُحصى لكثرتها، فإن "مبادرة جنيف" التي اشترك في بلورتها في بداية العشرية الحالية ممثلون غير رسميين من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني برعاية سويسرية وجرى التوقيع عليها يوم 1 ديسمبر 2003، هي الخطة التي ذهبت إلى أبعد الحدود في تفاصيلها.

وفي تصريحات أدلى بها يوم 29 يوليو إلى الإذاعة السويسرية الناطقة بالفرنسية، يرى بيار ألان، (Pierre Allan) أستاذ القانون الدولي بجامعة جنيف وأحد المشاركين في تحرير مبادرة جنيف إلى جانب الأستاذ اليكسي كيللر، أن "مبادرة جنيف تقوم على أساس تطوير لعدد من مبادرات السلام الممتدة من مخطط سلام جامعة الدول العربية وغيرها من المبادرات. والميزة التي تتميز بها مبادرة جنيف أنها هي الحل السلمي الوحيد الشامل والعملي الذي تطرق لكل القضايا بالتفصيل. وقد كان ذلك متوقعا منذ أن تم التوقيع في جنيف في 1 ديسمبر 2003 على مبادرة جنيف التي يمكن أن نطلق عليها اسم "الدستور" (المكونة من 47 صفحة). أما اليوم فقد تم تقديم قواعد حلول لكافة القضايا من خلال ما هو معروض في الملحقات المتضمنة في وثيقة تشتمل على 470 صفحة".

وأضاف بيار ألان، الذي واصل المشاركة في جلسات الحوار والتفاوض محل أليكسي كيللر، أنه "تم خوض مفاوضات حول الأمن منذ حوالي عام ونصف بحضور 3 جنرالات إسرائيليين البعض منهم متقاعد وعدد من القياديين الفلسطينيين والشخصيات المهمة الذين توصلوا إلى التفاهم حول تفاصيل محددة وهذا ما هو مهم، لأن كل طرف يرغب في السلام ولكن السلام الذي يحدد هو معالمه. ومن هذا المنطلق من الأهمية بمكان أن نتوصل الى صياغة مفهوم سلام منطقي بين أناس منطقيين وعقلانيين وهم موجودون حتى في منطقة الشرق الأوسط ومن الطرف الإسرائيلي مثل الطرف الفلسطيني. وهذا ما هو مطروح على الطاولة في الوقت الحالي وهذا ما تمت مناقشته خلال الأسابيع الماضية في دواوين الحكومات الغربية وفي موسكو أيضا".

في انتظار ردود الفعل من واشنطن

وفيما تتجه الأنظار الآن إلى واشنطن لمعرفة ردود الفعل على تفاصيل المبادرة وملاحقها، تؤشر تصريحات تم تداولها منذ تولي باراك أوباما الرئاسة في الولايات المتحدة إلى وجود إمكانية للإستفادة من مبادرة جنيف كأرضية لحل سلمي مرتقب.

وفي هذا السياق، نـوّه الأستاذ بيار ألان اعتمادا على ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية بان "رامي مانويل رئيس فريق رئاسة أوباما في البيت الأبيض صرح بأن معالم حل سلمي في الشرق الأوسط ستقوم على أسس هذه المبادرة (مبادرة جنيف)".

ويرى الخبير السويسري المشارك في مفاوضات مبادرة جنيف أن "الدفع الجديد قد يأتي من إدارة الرئيس أوباما، لأن السلام بين تل ابيب ورام الله وغزة يمر لا محالة عبر واشنطن"، كما ذكّر بأن إدارة الرئيس بوش قد وضعت الكثير من العراقيل في هذا المسار رغم أنها كانت تدعم الرباعية.

عراقيل ناجمة عن التطرف الإسرائيلي

إذا كانت نقطة ضعف "مبادرة جنيف" عند توقيعها في ديسمبر 2003 تتمثل في كونها تمت بين أطراف إسرائيلية وفلسطينية بعيدة عن سدة الحكم آنذاك، فإن التحديات التي تواجه المبادرة اليوم ترتبط بالظروف القائمة على الميدان التي تتميز بحكم يمين متطرف في إسرائيل، وانقسام فلسطيني بين حركتي فتح في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة، بالإضافة إلى غياب شخصية بحجم وتأثير الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي دعم المبادرة.

ففيما يتعلق بإقناع حكومة نتانياهو بالقبول بالتفاوض، تتجه الأنظار إلى استمرار الإدارة الأميركية الحالية في التمسك بمبادئ الحل العادل والمقبول من الجميع، ومدى استعدادها للضغط على الحكومة الإسرائيلية وعلى المتطرفين فيها للقبول بحل الدولتين وببعض الترتيبات الواردة في مبادرة جنيف.

ويقول البروفسورر بيار ألان بهذا الخصوص "لا يمكن توقع الكثير لأن هذه الحلول تفرض تحت الضغط. وما يمكن توقعه من سياسي محنك في نظري، هو أن يستطيع تغيير الاتجاه، وأملي أن يغير السيد نتانياهو اتجاهه، أو أن يتم تنظيم انتخابات جديدة، أو أن يعود حزب كاديما الذي تتزعمه وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني للحكم بتحالف جديد".

لكن الخبير السويسري يرى في المقابل أن "الجمهور الإسرائيلي مثل الجمهور الفلسطيني يوافق في معظمه على الخطوط العريضة التي حددتها المبادرة سواء فيما يتعلق بالقدس أو اللاجئين وغيرها من النقاط".

جهود سويسرية

التحدي الثاني القائم حاليا بوجه مبادرة جنيف (وبوجه أي حل في الشرق الأوسط) هو الإنقسام الداخلي الفلسطيني ما بين سلطة حركة فتح في الضفة الغربية وسلطة حركة حماس في غزة.

ولمحاولة تفادي تأثيرات هذا الانقسام على قبول حلول محتملة للصراع في المنطقة، موّلت سويسرا تنظيم مفاوضات عبر مؤسسات مختصة في حل النزاعات، وبمشاركة مبعوثها للشرق الأوسط جون دانيال روخ، بمشاركة ممثلين عن حركة حماس. وهي المفاوضات التي جلبت لها الكثير من الانتقادات من قبل إسرائيل، رغم أن البعض منها تم بمشاركة أوروبية وأميركية. إذ هاجمت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية الموقف السويسري على اعتبار "أنه خروج عن الإجماع الإسرائيلي الأوروبي الأميركي المعتبر أن حركة حماس حركة إرهابية". لكن وزيرة الخارجية السويسرية ردت على تلك الاتهامات بالقول أن حركة حماس "لاعب مهم لا يمكن تجاهله في محاولات البحث عن حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

وكانت آخر هذه المفاوضات مع حركة حماس تلك التي تمت في سويسرا يومي 16 و 17 يونيو 2009، (أي أثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لمحاربة العنصرية) قد شملت، حسب جريدة الحياة اللندنية الصادرة بتاريخ 28 يوليو 2009 ،"عضو المكتب السياسي في حماس ووزير الخارجية السابق في الحكومة المقالة محمود الزهار، ووزير الصحة باسم نعيم، والناطق باسم الحكومة طاهر النونو، وممثل الحركة في بيروت والناطق باسم الحكومة أسامة حمدان".

وأضافت الصحيفة أنه "حسب المعلومات المتوفرة، شارك في اللقاءات كل من وكيل وزارة الخارجية الأميركي السابق توماس بيكرينغ، ومسؤول برنامج الشرق الأوسط في "مجموعة الأزمات الدولية" روبيرت مالي، والسفير البريطاني السابق في نيويورك وبغداد جيريمي غرينستوك، ووزير الخارجية السابق هوبير فيدرين، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني روبيرت لولينز، إضافة الى باحثين وخبراء أوروبيين وأميركيين آخرين عُرفوا بتأييدهم الإنخراط مع حماس"، حسب معلومات مراسل "الحياة" في دمشق.

وعلى الرغم من رفض حركة حماس لمسألة "الإعتراف بإسرائيل"، إلا أن خبراء غربيين يشيرون غلى تصريحات أخيرة لعدد من شخصيات بارزة في الحركة أبدت بعض المرونة فيما يتعلق بقبول حل الدولة "في حدود عام 1967"، والتوصل إلى "هدنة طويلة الأمد"مع الدولة العبرية، وقبول "الإتفاقيات الموقعة من قبل".

وسبق لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أن صرح في خطاب علني أن "الحركة لن تُعطل أي حل سياسي جدي يُطرح في المنطقة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف