أحمدي نجاد: بين مطرقة الإصلاح وسندان الثورة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أمستردام: لا احد تقريبا، يتوقع سقوط النظام السياسي في طهران، لكن شلل الحكومة، وتشظي القوى السياسية وتزايد هشاشة الشرعيات السياسية يبدو أمراً جد متوقع الآن. مع تنوع الصدام بين النخب السياسية، وإثبات الشارع أنه لا يزال يحفل بمواقد الغضب والاحتجاج حتى بعد شهرين من بدء التوترات.
التوتر مجددا... وإفراجات
بـُعيد إحياء أربعينية السيدة "نداء سلطاني" الخميس، عادت ايران ونظامها السياسي ومعارضتها لواجهة الأخبار، وكانت مشاهد مرئية وصور لمقتل نداء قد أثارت تعاطفا محليا ودوليا عريضا، بل وساهمت كذلك في إلهام المحتجين، على ما وصفوه بتزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد، والتي قادت الرئيس أحمدي نجاد لولاية ثانية. ولكن خلف الاحتجاجات تتعرض البلاد لإشارات أزمة سياسة عميقة.
واستطاعت قوات الأمن في طهران عبر استخدام القوة وقنابل الدخان ومسيلات الدموع، تشتيت الآلاف من المتظاهرين، وفي أماكن مختلفة من العاصمة، وهو ما يحدث لأول مرة منذ التاسع من تموز/يوليو، عندما حصلت مواجهات بين الشرطة ومئات الأشخاص الذين كانوا يحيون ذكرى التظاهرات الطلابية في عام 1999. وفي نفس الوقت تم إطلاق أغلب المحتجزين بسبب الاضطرابات، قيما بقى قرابة 250 سجينا، بينما قالت وسال الإعلام الرسمية أنه سيتم محاكمة حوالي 30 متهما شاركوا في الاحتجاجات، ووجهت لهم تهمة المساس بالأمن الوطني.
لماذا تعثر الاصلاحيون؟
يتفق معظم المراقبين للشأن الإيراني على أن عدم توسع الاحتجاجات بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كان مرده الأساس، عدم رغبة قادته أساسا، في تجاوز الخطوط الحمراء، باعتبار أنهم من رجال النظام نفسه، وإرادتهم التغيير من داخل الهيكل السياسي، لا هدم الهيكل على من فيه!!.
يضاف لذلك محدودية أي تأثير لمعارضة من خارج النظام، وعدم وجود ضغط دولي حقيقي ومؤثر، وكذلك استفادة النظام الأمني الإيراني من تجربة انهيار نظام الشاه، بشكل منحهم القدرة على ضبط الأحداث وتفكيكها بنجاح.
الاحتجاج: من الشارع للنخبة
لكن المشهد الإيراني لم يعد يرسمه الشارع، بل التناقضات داخل النخبة السياسية سواء كانت من أجنحة النظام المتشددة أو المعتدلة، بخاصة بعد التأزم الأخير، بين معسكر المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس محمود أحمدي نجاد، والذي توّج ببيان علني من المرشد ينتقد فيه تعيين نجاد لصهره، الذي وصف الشعب الإسرائيلي بالصديق، نائبا له، بالرغم من أن نجاد وصف نفسه بأنه كالطفل بين يدي المرشد الأعلى. وأقال نجاد وزير المخابرات غلام حسين محسني ايجئي، بسبب اعتراضه على تعيين صهره مشائي، ثم استقال وزير الثقافة محمد حسين سافار هاراندي، وهو احد المحسوبين بوضوح على المرشد الأعلى.
وأنتجت هذه الأحداث تساؤلات حول مبرر هذا التصعيد من قبل الرئيس نجاد، خاصة وأن تجمع معارضيه، بدأ يتزايد. ويقول باقر معين المحلل المتخصص في الشؤون الإيرانية لرويترز: "المحافظون يشعرون أن دعم الزعيم الأعلى لانتخاب احمدي نجاد كلفهم غاليا. ويرجع هذا الى سلوك احمدي نجاد المنفرد برأيه والمتقلب... إذا لم يستطيعوا السيطرة عليه سيتخلصون منه لكن ليس الآن. سيكون هناك ثوران شديد للغاية."
وباتت خيارات الرئيس نجاد في تقديم حكومته الأسبوع القادم تنحصر في طريقين أسهلهما شائك:
الأول: هو الصدام مع البرلمان، الذي سبق له أن اصطدم مع نجاد سابقا، واجبره على تعديلات عديدة في حكومته، خاصة في حالة عدم رضا المرشد الذي تتعين موافقته على الحكومة لتصبح دستورية.
الثاني: تشكيل حكومة تسعى لاحتواء كل الأصوات المؤثرة، من مختلف الاتجاهات بما يجعلها غير متجانسة، مما قد يصيب البلاد بنوبات توتر متكررة على الأرجح.
خيارات وتوازنات
ومع الأزمة الأخيرة زادت التوقعات، التي ظلت خافتة من قبل، بإمكانية أن يتم التضحية بالرئيس نجاد نفسه، خاصة مع انصراف المعسكر المتشدد من حوله، إذا مضى أكثر في تحدي سلطة المرشد الأعلى، والذي قدم له دعما واضحا، اغضب الإصلاحيين، وساهم في بقائه قويا في وجه من اعتبروا حكومته غير شرعية، مثل خصومه في الانتخابات ألأخيرة مير حسين موسوي ومهدي كروبي، دون نسيان زيادة المعارضة ضد نجاد داخل المؤسسة الدينية التقليدية في مدينة قم، العاصمة الدينية للبلاد.
ويقول شاؤول بخش أستاذ التاريخ بجامعة جورج ميسون في فرجينيا لوكالة رويترز عن الرئيس نجاد "من الواضح أنه أضعف موقفه حتى مع المحافظين في البرلمان ولكن حتى منتقدوه داخل القيادة وبين المحافظين لن يريدوا خلق أزمة بهذا الحجم... سيقتضي هذا انتخابات جديدة. أتصور أن خامنئي سيحاول تجنب هذا بأي ثمن تقريبا."