أخبار

لعبة القط والفأر تدور بين إسرائيل وحماس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إعداد عبدالاله مجيد: نشرت مجلة السياسة الخارجية الأميركية "فورين بوليسي" Foreign Policy مقالاً حول موقف الولايات المتحدة من التعامل مع حركة "حماس" شارك في كتابته الباحث الفلسطيني اسامة ابو ارشيد والاكاديمي اليهودي بول شام. وجاء في المقال: في كانون الثاني/يناير 2006 فازت حركة "حماس" في واحد من أكثر الانتخابات حرية ونزاهة في الشرق الأوسط. وبذلك أصبحت "حماس" ممثل الشعب الفلسطيني الذي جرى اختياره قانونًا وحسب الأصول، ولاعبًا لا مفر منه في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني وكذلك عاملا ضروريا في أي عملية سلام. على الرغم ممّا يتضمنه ميثاق "حماس" الصادر عام 1988 من نصوص دينونية ومعادية للسامية بلا مهادنة، فإن الحركة أشارت إلى وجود رغبة واضحة بصورة متزايدة لديها في التعايش مع اسرائيل في المستقبل المنظور، معترفة بها حقيقة قائمة في المنطقة. وعلى سبيل المثال افادت تقارير (في اواخر تموز/يوليو) ان خالد مشعل زعيم "حماس" أبلغ دبلوماسيًا روسيًا انه "لن يقف في طريق" اتفاقية سلام تُعقد بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية شريطة المصادقة عليها في استفتاء فلسطيني.

على الرغم من إطلاق تصريحات مماثلة في السابق تفادت الولايات المتحدة واسرائيل صوغ سياسة واقعية تجاه "حماس" انطلاقًا من ثلاثة مطالب غير قابلة للتفاوض هي اعتراف "حماس" باسرائيل ونبذها العنف وقبول الاتفاقات الموقعة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وكانت "حماس" قد أبدت استعدادها للدخول في اتفاقات هدنة والاعتراف بالتفاهمات السابقة أو احترامها. لكنها رفضت المطلب الأول رفضًا قاطعًا. وأصرت الولايات المتحدة على أنها لن تتعامل مع "حماس" ما لم تقبل المطالب الثلاثة كلها قبولاً تامًا.

في حزيران/يونيو نشر معهد السلام الأميركي تقريرا خاصا من اعدادنا يسعى الى طرح منظورات بشأن "حماس" غائبة في النقاشات السياسية الحالية. فنحن ثنائي غريب: احدنا يهودي اميركي عاش سنوات في اسرائيل ويؤيد وجودها دولةً يهودية والآخر مسلم فلسطيني طُرد والده من موطنه مع قيام اسرائيل ويعتقد ان هذه الدولة ما كان ينبغي ان تُنشأ. آراؤنا حول العديد من القضايا آراء مختلفة في غالب الأحيان. ولكننا وحدنا معارفنا ومنظوراتنا في محاولة لاسباغ شيء من الواقعية على ما كان في احيان كثيرة نقاشًا يتسم بالدوغماتية.

تقوم محاجَّتنا على ان التواصل مع "حماس" لازم وممكن. ولكي نفهم كيف، من الضروري ان نأخذ في الاعتبار ان الكثير من اقوال "حماس" وافعالها محكومة ومحدَّدة بفهمها للشريعة الاسلامية....ونحن نذهب الى ان "حماس" لا يمكن ان تُفهَم من دون فهم الأصول الشرعية التي ينهض عليها الكثير من سياساتها.

في قراءة "حماس" للشريعة (وهي قراءة تشترك فيها مع الاتجاه السائد بين المسلمين) فإن انشاء دولة اسرائيل غير مشروع وظلم، وان الاعتراف بها حرام على المسلمين. وحتى الآن فإن الدول المسلمة التي اعترفت باسرائيل ـ ومنها مصر والاردن وتركيا ـ اتخذت قرارا سياسيا في اعترافها وليس قرارًا يستند الى الشريعة. وعلى الغرار نفسه فإن مبادرة السلام العربية ـ التي تدعو الى اعتراف الدول التسع عشرة المتبقية كلها اعترافا كاملا باسرائيل مقابل انسحابها الى حدود 1967 وتسوية قضية اللاجئين الفلسطينيين تسوية يُتفق عليها ـ تمثل حلا توافقيا سياسيا وليس حلاً مشفوعًا بفقه الشريعة.

تقول "حماس" ان القبول بشرعية وجود اسرائيل يلغي بالضرورة السرد الفلسطيني الذي يحدد فلسطين بوصفها عربية ومسلمة على النقيض من السرد اليهودي الذي يحدد أرض اسرائيل بوصفها يهودية بوعد من الله وبحق شرعي وبحسب التاريخ. هل يمكن التوفيق بين هاتين النظرتين الى العالم؟ قطعًا لا. هل يمكن ان تتعايش "حماس" واسرائيل سلميا؟ نحن نعتقد ان بامكانهما ان تتعايشا.

اقترحت "حماس" مرارًا انهاء المقاومة العنيفة ضد اسرائيل بواسطة آليات مختلفة تستند الى الشريعة، مثل الهدنة أو التهدئة. كما دعت الى اعتماد مبدأ "الشرعية الفلسطينية" الذي على أساسه ستقبل قرار الشعب الفلسطيني اذا وافق على السلام مع اسرائيل بوصفه قرارًا ملزِمًا لها.
قد يبدو هذا لكثيرين كلامًا مزدوجًا باطنياً بلا جدوى. ولكن هذه المقولات ذات اهمية بالغة في اطار المرجعية التي تعتمدها "حماس". وان أخذَها في الاعتبار قد يكون المفتاح الى انهاء الطريق المسدود القاتل الذي وصل اليه الوضع حاليا.

نحن لا ندعو اسرائيل أو الولايات المتحدة الى الدخول في مفاوضات مع "حماس" على اساس هذه المبادئ. بدلاً من ذلك يمكن للدبلوماسية المتأنية والماهرة، مستخدمة وسطاء، ان تختبر ما إذا كانت "حماس" حقا مستعدة للالتزام بالاتفاقات المطلوبة. ويمكن ان تسفر هذه الاتفاقات في نهاية المطاف عن قبول اميركي واسرائيلي بحكومة ائتلافية تضم "حماس"، قادرة على التفاوض لتحقيق سلام حقيقي مع اسرائيل. وحتى في ما يبدو سلاما حقيقيا سيحتاج الطرفان الى فترة مديدة قبل انهاء التوجس من احدهما الآخر.
نحن لا نزعم بأننا نقدم وصفة تحوي سلسلة من الخطوات التي ستضمن السلام. ولكننا نحث صانعي السياسة على ان يدركوا ان "حماس" اشارت مرارًا الى انها مستعدة للتعايش وان اخذ نظرة "حماس" الى الشريعة في الاعتبار يتسم بأهمية بالغة لفهم ما ستفعله الحركة وما لن تفعله، ولماذا. والى ان يحدث ذلك نعتقد ان الطريق المسدود الحالي سيبقى مسدودًا على الأرجح.

هوامش:

اسامة ابو ارشيد يعد رسالة دكتوراه عن "حماس" في جامعة لافبورو البريطانية وهو مؤسس ورئيس تحرير صحيفة "الميزان" التي تصدر في الولايات المتحدة. بول شام بروفيسور زائر في الدراسات الاسرائيلية بجامعة ميريلاند، كوليج بارك، ومدير معهد غيلدِنهوم للدراسات الاسرائيلي في الجامعة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف