تنصيب أحمدي نجاد يرفع الغطاء عن شروخ النظام الإيراني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إعداد عبدالاله مجيد: كتب روبتر ورث ونازلة فتحي تعليقا في صحيفة "نيويورك تايمز" الصادرة اليوم الخميس يتناول التحديات التي تنتظر الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بعد مراسم تنصيبه وشروعه في تعيين طاقم ادارته الجديدة. وجاء في التعليق: جرت مراسم تنصيب الرئيس محمود احمدي نجاد لولاية ثانية يوم الاربعاء بمقاطعة خصومه ونشر قوات كبيرة من الشرطة بعد نحو شهرين على الانتخابات التي انقسم البلد بسببها وأوقعت ايران في اعمق ازمة منذ قيام الثورة الاسلامية قبل 30 عاما.
نُظمت احتجاجات متفرقة في الشوارع المحيطة بمبنى البرلمان في طهران حيث جرت المراسم. ولكن بنزول آلاف من قوات الشرطة وميليشيا الباسيج الى العاصمة لم يُعقد الاجتماع المليوني الحاشد الذي دعت اليه المعارضة.
مراسم التنصيب نفسها رفعت الغطاء عن شروخ عميقة في صفوف النخبة الايرانية الحاكمة. وكانت عدة مقاعد شاغرة بعدما قاطع الاحتفال غالبية اعضاء الكتلة الاصلاحية في البرلمان ، بحسب موقع "برلمان نيوز" الاصلاحي. وانسحب عدة اصلاحيين حضروا الاحتفال عندما بدأ الرئيس يلقي كلمته. كما غاب عن الاحتفال قياديون في حركة المعارضة بينهم المرشح الرئاسي مير حسين موسوي والرئيسان السابقان علي اكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي. وأُغلقت المحطات والمتاجر الكائنة في محيط البرلمان في مؤشر الى الخوف من وقوع اعمال عنف.
يتعين على السيد احمدي نجاد ان يشكل حكومة في غضون اسبوعين وسيكون في خياراته ما يكشف عن اتجاه ولايته الثانية. ومن المرجح ان يواجه الرئيس معارضة متزايدة من داخل معسكره المحافظ نفسه ، كما حدث خلال النزاع الذي نشب حول اول تعييناته. كما ستصارع حكومته من اجل اخماد حركة معارضة تواصل تحديها له قائلة ان اعادة انتخابه بأغلبية ساحقة في 12 حزيران/يونيو كانت مزورة ، واستمرت في تنظيم احتجاجات في الشوارع. وقد تزداد مهمة ضرب المعارضة صعوبة عندما تبدأ السنة الدراسية ومواسم الالعاب الرياضية في الشهر المقبل متيحة فرصة جديدة للاجتماعات الجماهيرية.
لكن السيد احمدي نجاد رغم كل التحديات التي تواجهه ، يبقى مسيطرا على زمام الأمور بدعم واضح من مرشد ايران الأعلى آية الله علي خامنئي الذي صادق رسميا على رئاسته بمراسم دينية يوم الاثنين الماضي. وهو يحظى بتأييد غالبية برلمانية كبيرة ، والحرس الثوري ذي السطوة ، وصمت المؤسسة الدينية الايرانية ـ إن لم يكن تأييدها السافر.
حين سُئلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون عن مراسم التنصيب خلال مؤتمر صحفي في كينيا قالت "ان التواصل مع الايرانيين ما زال مطروحا على الطاولة" رغم ان هذا لا يعني ان الولايات المتحدة لا تفكر في خيارات أخرى. واضافت كلنتون كلمة اعجاب بحركة المعارضة الايرانية قائلة "اننا نقدر ونبدي اعجابنا بالمقاومة المستمرة".
حركة المعارضة مستمرة ولكن السلطات عمدت في الأيام الأخيرة الى تكثيف مساعيها لترهيبها وتكميمها. ويوم الثلاثاء اعتُقل مير حميد حسن زادة مدير موقع موسوي الالكتروني ، كما افادت وكالات انباء ايرانية. في هذه الأثناء تجري محاكمة أكثر من 100 اصلاحي دفعة واحدة....وحذر الادعاء العام من ملاحقة كل مَنْ يشكك في شرعية المحاكمة ، كما فعل العديد من اقطاب المعارضة. ولمح بعض البرلمانيين الكبار في الأيام الماضية الى امكانية القاء القبض على موسوي وغيره من قادة المعارضة في وقت قريب ، وإن تعذر التوثق مما إذا كان هذا مجرد تكتيك هدفه التخويف.
ولكن لا يبدو ان المعارضة همدت. وفي الاسابيع الأخيرة إذ ترددت انباء عن مقتل محتجين في السجن بعد اعتقالهم ، تحدث السيد موسوي وآخرون بلهجة أقوى من اي وقت مضى متهمين الحكومة بارتكاب اعمال وحشية واجرامية. وامتدت مشاعر الغضب الى بعض المحافظين البارزين دافعة الحكومة الى اتخاذ عدد من المبادرات التصالحية بينها الافراج عن اكثر من 140 معتقلا وغلق مركز اعتقال بأمر شخصي من المرشد العلى.
كانت مثل هذه الإيماءات التصالحية تتناوب مع تجدد حملات البطش بالاحتجاجات في الشوارع حيث يُدفع بأعداد أكبر فأكبر من قوات الشرطة في طهران والمدن الأخرى لترهيب المحتجين وتفريقهم. وقد استمرت الاحتجاجات بل وتكيَّف المتظاهرون: في الأيام الأخيرة بدأوا يستخدمون تكتيكات يشكلون فيها تجمعات صغيرة ويرددون هتافات مناهضة للحكومة ثم يذوبون بهدوء في الحشود المحيطة ما ان تقترب قوات الشرطة.
من الواضح ان السلطات تأمل بأن يضع تنصيب احمدي نجاد نهاية لاصرار المعارضة على مطالبها بالغاء الانتخابات أو اجراء استفتاء على شرعيتها. ولكن يبدو واضحا انها قلقة إزاء استمرار الاحتجاجات في الأسابيع والأشهر المقبلة.
عدا المعارضة ، من المرجح ان يواجه احمدي نجاد طائفة من التحديات السياسية من منافسيه المحافظين أنفسهم. وكان نزاع مرير اندلع الشهر الماضي عندما أقدم على تعيين شخصية خلافية نائبا اولا للرئيس ، ثم أُجبر على التراجع بعد تدخل آية الله خامنئي. وإذ يبدأ الرئيس تسمية اعضاء حكومته الجديدة في الأيام القادمة فان من المرجح ان يسعى منافسوه الى انتزاع مزيد من التنازلات مسلطين الضوء على استمرار الانقسامات داخل معسكر المحافظين.