هوية فتح تتشكل وبرنامج مؤتمرها يتأرجح بين المقاومة والمفاوضات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إنتهاء عملية الإقتراع لإنتخاب اللجنة المركزية والثوري في مؤتمر فتح بنجاح
دحلان: حركة فتح "مختلفة" بعد الانتخاباترام الله: زاوجت حركة " فتح " في برنامجها السياسي الذي اعتمده مؤتمرها السادس، بين حقيقة قيادتها السلطة الفلسطينية وكونها حركة تحرّر وطني، فنوّعت خياراتها ما بين اعتماد المفاوضات كخيار استراتيجي وما بين المقاومة " المدروسة ".
وحرص البرنامج الذي صاغته في شكله النهائي اللجنة السياسية التي شكلها المؤتمر وضمت 80 عضوا من الكادر السياسي المخضرم للحركة برئاسة نبيل شعت، على التأكيد أن الحركة تأبى الجمود وتسعى من أجل التغيير.
وأكد البرنامج الذي حصلت يونايتد برس انترناشونال على نسخة منه، أن "فتح" رسمت إستراتيجية وطنية حكمت رؤيتها وأولوياتها وحركتها عبر نصف قرن من الزمان ولكنها كانت تضع برامج مرحلية منطلقة من الثوابت في إستراتيجيتها، آخذة بالاعتبار أن العالم الذي تعمل فيه دائم التغيير يحمل لها تطورات مستمرة فلسطينيا وإسرائيليا وعربيا ودوليا.
وعرض البرنامج لمراحل تطوّر الحركة منذ التأسيس انتهاءً بالواقع الحالي بعد خسارتها الانتخابات أمام حركة "حماس" ومن ثم خسارتها عسكرياً قطاع غزة.
وحدّدت "فتح" أهدافها الاستراتيجية في "تحرير الوطن وإنهاء استيطانه والوصول إلى الحقوق الثابتة للشعب"، مبيّنة حدود الوطن المنشود بأنه "الأرض الفلسطينية المحررة التي احتلتها اسرائيل بعد الرابع من حزيران 1967 ".
كما حرصت على التأكيد أنها غير جامدة وقابلة للتجديد والتغيير وأنها "رسمت إستراتيجية وطنية حكمت رؤيتها وأولوياتها وحركتها عبر نصف قرن من الزمان ولكنها كانت تضع برامج مرحلية منطلقة من الثوابت في إستراتيجيتها، آخذة في الاعتبار أن العالم الذي تعمل فيه دائم التغيير".
وبقدر سخونة النقاشات التي دارت خلال المؤتمر السادس بين قيادات وكوادر الحركة والتي تعكس رؤى واجتهادات مختلفة بين راغب بالعودة للجذور ورفع شعارات الكفاح المسلح وبين واقعي يسلم بموازين القوى، جاءت الصياغات حول أشكال النضال التي تتبناها الحركة مرنة وتكاد ترضي جميع الأطراف من دون أن تبلور هوية نهائية وصارمة.
ففي حين أكدت أن "حق الشعب الفلسطيني في ممارسة الكفاح المسلح ضد الاحتلال المسلح لأرضه يبقى حقا ثابتا أكدته الشرائع والقانون الدولي"، قيّدت استخدام هذا الحق بالتشديد على أن "اختيار أسلوب الكفاح في الزمان والمكان يعتمد على القدرات الذاتية والجماهيرية، وعلى الأوضاع الداخلية والخارجية، وحساب معادلات القوى وضرورات الحفاظ على الحركة، وعلى قدرة الشعب على الثورة والصمود، والاستمرار في الكفاح".
أما حركة "حماس" الخصم اللدود لـ"فتح"، فاعتبرت أن مواقفها من المقاومة "يكتنفها الغموض والالتباس"، مشددةً على أن ربط هذه المقاومة بما يسمَّى "الشرعية الدولية" يفرغها عمليًّا من مضمونها.
وقال المتحدث باسم "حماس" سامي أبو زهري ليونايتد برس انترناشونال، إن تصريحات قيادة "فتح" متضاربةٌ في تفسير مفهوم المقاومة، متهماً إياها بأنها "تحاول التلاعب بالألفاظ على أمل خداع الجماهير".
ورأى أبو زهري أن ما يهمُّ الشعب ليس الشعارات ولا الأقوال، مطالباً بإطلاق سراح المعتقلين المقاومين في الضفة وإطلاق يدهم في مواجهة الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.
وأفرد البرنامج السياسي لحركة "فتح" مساحة خاصة لتحديد "أشكال النضال في المرحلة الراهنة"، وهو ما بدى انعكاساً للخلاف بشأن طبيعة وفهم النضال والمقاومة المنشودة.
وحدّدت الحركة أشكال النضال التي "يمكن ممارستها بنجاح في المرحلة الراهنة لإسناد المفاوضات وتفعيلها أو كبديل لها" بما يمكن تسميته النضال السلمي.
فقد شدّدت على "استنهاض النضال الشعبي المناهض للاستيطان ونموذجه المعاصر الناجح هو المواجهة المستمرة في بلعين ونعلين ضد الاستيطان والجدار"، إلى جانب "إبداع أشكال جديدة للنضال والمقاومة عبر المبادرات الشعبية ومبادرات كوادر الحركة، وتصميم شعبنا على الصمود والمقاومة بما تكفله الشرائع الدولية".
وطرحت خيار مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في الداخل، وممارسة أشكال جديدة من العصيان المدني ضد الاحتلال، والعمل على تصعيد حملة دولية لمقاطعة إسرائيل ومنتجاتها ومؤسساتها.
كما طرحت مناقشة بدائل إستراتيجية فلسطينية، إذا تعذر تحقيق التقدم من خلال المفاوضات الحالية، بما في ذلك طرح فكرة الدولة الديمقراطية الموحدة، التي ترفض العنصرية والهيمنة والاحتلال، وتطوير النضال ضد "الأبارتهايد" والعنصرية الإسرائيلية، أو العودة إلى فكرة إعلان قيام الدولة على حدود 1967، وغيرها من البدائل الإستراتيجية.
ووضعت الحركة العودة الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن خياراً ضمن أشكال النضال واستعادة العلاقة المباشرة والقوية بمعسكر السلام الإسرائيلي، وإعادة تنشيطه للعمل من أجل السلام العادل من دون خلط مع التطبيع كسياسة مرفوضة في ظل الاحتلال.
وأكدت "فتح" رفض التطرف والإرهاب بكل أشكاله، ولاسيما "ارهاب الدولة" واستهداف المدنيين من أي طرف، ورفض نقل المعركة للخارج.
وقال الكاتب والمحلل الفلسطيني سميح شبيب ان البرنامج السياسي الجديد، جاء في سياق التطور، والأخذ بالمعطيات، معتبرا أنه "حدد هوية 'فتح' الكفاحية والنضالية على نحو خلاق، وبالتالي لم يسقط الخيارات المتاحة والممكنة، وفي المقدم منها خيار المقاومة الذي تكفله قوانين الشرعية الدولية والقانون الدولي".
وشدّد شبيب على أن البرنامج أسقط المراهنات المتشائمة والقائلة إن ثمة تخلياً عن برنامج المقاومة، وتمهيداً للقبول بحكم ذاتي محدود تحت السقف الاسرائيلي- الاميركي.
وأكدت "فتح" أن استمرار حالة الانقسام بين شطري الوطن تمثل تهديدا خطيرا على مستقبل القضية الوطنية للشعب الفلسطيني.
وحمّلت "حماس" المسؤولية في استمرار حالة الانقسام، لكنها شدّدت على ضرورة المضي قدما لتحقيق النجاح في الحوار الوطني الشامل وفي مقدمته الحوار مع "حماس" على قاعدة إنهاء الانقسام في غزة وقيام حكومة توافق وطني تقوم بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعيه متزامنة، وتوحيد الأجهزة الأمنية كأجهزة وطنية، ومعالجة آثار الانقلاب والانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية والإفراج عن المعتقلين.
وقالت الحركة في برنامجها السياسي "ما زلنا نمرّ بمرحلة تحرّر وطني بكل متطلباتها، ولكننا لن نكون أسرى لقوالب جامدة، فنحن أيضا نعدّ مؤسساتنا لإنطلاق دولة مستقلة كاملة السيادة، والمزج بين متطلبات المرحلتين يخلق تعقيدات لا بد من التعامل معها بحكمة وإبداع".
وحدّدت نقاط الضعف والقوة لتحقيق عملية الانطلاق المقبلة، وقالت ان "هناك نقاط قوة ونقاط ضعف في واقعنا وهناك أخطار علينا مواجهتها أو تجنبها وأهمها الانقسام الداخلي، والتمحور الإقليمي".
واعتبرت ان هناك فرصا عليها اقتناصها، "من بينها الفرصة التي تتيحها هزيمة المشروع الأميركي في الشرق الأوسط، ونهاية حقبة الرئيس (الأميركي السابق جورج) بوش التي استندت الى استخدام القوة المفرطة في إدارة السياسة الأميركية في المنطقة، من خلال رؤية أحادية للعالم ترفض التعددية، والمشاركة الدولية في اتخاذ القرارات، كما أدت سياستها الى محورة المنطقة حول الصراع الأميركي - الإيراني، ما أذكى نيران الفتنة والانقسام في وطننا ومنطقتنا".
ورأت أنه قد تتاح فرصة أفضل في ظل الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الرئيس باراك أوباما، معتبرة انه "قد تتاح فرص قومية وإقليمية جديدة، تتمثل بمصالحة عربية وبدور ايجابي لتركيا وتحسّن في موقف إيران تجاهنا، وهي قوى إقليمية كانت تقف في الماضي الى جانب عدونا وتقيم معه أوثق التحالفات".
وشدّدت "فتح" على أن هدفها المركزي "هو دحر الاحتلال وتحرير الوطن، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وكفالة حق اللاجئين في العودة والتعويض".
واعتبرت أن المهام المرحلية المطلوب أدائها لتحقيق هذا الهدف، هي "مواجهة الاحتلال الاستيطاني والحفاظ على الأرض والمقدسات وعروبتها، وبخاصة في القدس، والعمل على الإفراج عن الأسرى، والتمسك بالثوابت، واستنهاض النضال بأشكاله المختلفة ...وتصحيح المسار التفاوضي دون الاقتصار عليه أو القبول باستمراره دون جدوى، ومحاولة الحصول من
خلاله على تقدم باتجاه الأهداف المنشودة، واستكشاف بدائل إستراتيجية للمواجهة إذا فشلت عملية السلام في شكلها الحالي، والاستمرار في بناء القوة الذاتية لاستمرار هذه المواجهة".
وعلى الرغم من أن برنامج "فتح" حرص على التمسك بخيار المفاوضات كخيار استراتيجي، إلا انه عمل على وضع ضوابط له من خلال التأكيد على أن "استمرار المفاوضات دون إحراز تقدم حقيقي في زمن محدّد يشكل خطرا على حقوقنا ويتحوّل الى عبث يسمح لإسرائيل باستخدامه غطاء لاستمرار الاستيطان ولتعميق الاحتلال".
ورأت الحركة أن تفادي ذلك ممكن من خلال ربط عملية التفاوض بالتقدم الحقيقي على الأرض، أهمها الإصرار على وقف الاستيطان وبخاصة في القدس وقفا كاملا، والتوقف التام عن تغيير معالم القدس وتهويدها، "وهما شرطان لا يجوز استئناف أي مفاوضات بدون تحقيقهما".
كما أكدت وجوب التأكد من وقف إسرائيل للاجتياح والاعتقالات والاغتيالات ورفع الحصار عن غزة وإزالة الحواجز في الضفة الغربية، والانسحاب الى حدود 28 سبتمبر/أيلول 2000 كخطوة أولى للوصول الى حدود 4 حزيران/يونيو 1967.
وشدّدت "فتح" على أن التفاوض يكون على أساس الشرعية الدولية وقراراتها الرئيسة وفي إطار المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت عام 2002.
ودعت إلى مواصلة العمل لإنعقاد مؤتمر دولي جديد للسلام يدفع بإتجاه مفاوضات سريعة تنتج إتفاقاً للسلام "يحقق أهدافنا و الإصرار على وضع جدول زمني واضح وملتزم به وسقف زمني للمفاوضات ورفض تأجيل التفاوض على القدس أو على قضية اللاجئين، أو أي من قضايا الحل النهائي".
كما أعلنت رفض فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة إلى جانب رفض الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"، "رفضا قاطعا لا تراجع عنه حماية لحقوق اللاجئين ولحقوق أهلنا عبر الخط الأخضر".
وطالبت "فتح" بمشاركة دولية خلال المفاوضات، وبآلية للتحكيم عند حدوث خلاف على تنفيذ الاتفاقات تكون ملزمة للطرفين، إلى جانب الإصرار على رقابة دولية وآلية حفظ سلام دولية لضمان تنفيذ الإتفاق.
وأكدت ضرورة الذهاب إلى استفتاء شعبي لاعتماد اتفاق السلام الذي يتم الوصول إليه عبر المفاوضات النهائية.