تحليل: انخفاض تأييد أوباما في الداخل والخارج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن:تبدو رئاسة الرئيس الاميركي باراك أوباما من وجهة نظر أميركية سيئة بما يكفي، إلا أنها من وجهة نظر الخارج تبدو أسوأ. وبدا الرئيس الاميركي ذو الكاريزما منذ أشهر قليلة فقط وكأنه الأمل الأفضل وربّما الأخير للولايات المتحدة، فهو الذي سيعيد لها هيبتها وبالتالي موقعها الريادي في العالم الحر. إلا أن تلك الرؤية بدأت تتبدّد. ويعاني برنامج أوباما لإصلاح نظام الرعاية الصحية ومسائل الطاقة والتغيير المناخي من المشاكل. أما قراره المتعلق ببدء سحب القوات الأميركية من العراق فيبدو في أفضل حالاته. فيما بات ما يدعوه "بحرب الضرورة" على أفغانستان مؤكد الخسارة، بل كما يقول أغلب الحلفاء الأوروبيين أن الخسارة وشيكة.
وتعتبر هذه الأمور جميعها هامة جداً كون سياسة أوباما الخارجية تعتمد بغالبها على استعادة أميركا لمصداقيتها وعلى القبول بزعامتها وأولوياتها من قبل حلفائها،..الذين اعتبروا المهمة في العراق مغامرة خاسرة ،واليوم يرون في الحرب على أفغانستان الظلامة نفسها. ويعبّر غالبية الأميركيين اليوم عن معارضتهم للحرب الأفغانية. ولمَ إذاً على الأوروبيين وحتى بريطانيا، الحليف الوفي للولايات المتحدة، التي خسرت من جنودها الموجودين في أفغانستان عدداً أكبر ممن خسرتهم في العراق، أن يكونون أكثر دعماً للحرب الأفغانية؟.
ويتّجه شهر عسل أوباما في الخارج كما في الداخل إلى الانتهاء على الرغم من أن ذلك من شأنه بالتأكيد أن يقلل من سلطته المعنوية. ذلك لأن صورته كرئيس تغييري ومتخطٍ للعنصرية والإمبريالية تتمزق. وبالتالي فإن الشعور بأن البيت الأبيض استعاد عافيته بعد خروج الرئيس السابق جورج بوش منه قد انتهى، واستبدل ذلك بمشاعر الندم لأن أوباما ليس كما بدا. والتقط الشعب الأميركي الأمر. ففي استطلاع أخير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" وموقع "إيه بي سي" تبيّن أن 49% من الأميركيين ما زالوا واثقين بأن أوباما سيتخذ القرارات المناسبة لبلدهم بعد أن كانت نسبتهم 66% في نهاية نيسان /أبريل الماضي. و55% يعتبرون أنه "يسير في المسار الخطأ" على الرغم مما يبدو أنه حلحلة في الركود الاقتصادي.
واشار الاستطلاع إلى أن نسبة التأييد لأوباما التي كانت 57% وصلت مؤخراً إلى 50% فيما يظهر استطلاع آخر أن 53% من الأميركيين يعترضون على طريقة معالجته للعجز في الموازنة و50% يدعمون سياسته المتعلقة بالرعاية الصحية فيما يعترض 42% عليها بشدّة. كل ذلك سيء، والآتي أعظم. فنسبة تأييد ودعم خطط إصلاحات أوباما انخفضت بشكل واضح بين فئتين أساسيتين وهما المستقلون والذين تخطوا الستين عاماً. ويشكل كبار السن العنصر الأهم في الإحصاءات، كونهم نسبياً يشكلون ضعف المستطلعين من الفئة العمرية أقل من 30 سنة.
وستكون أصوات الفئة العمرية الكبيرة في انتخابات الكونغرس المقبلة جوهرية،على احتمال خسارة الديمقراطيين لغالبيتهم في مجلسي الشيوخ والعموم. وقال تشارلي كوك أحد أهم قارئي الاستطلاعات ومحلليها في دراسة له مؤخراً إن الوضع خلال الصيف الحالي خرج كلياً عن سيطرة الرئيس أوباما وأعضاء الكونغرس الديمقراطيين. وتوقع في تقرير له حول انتخابات الكونغرس المقبلة أن الديمقراطيين يتجهون إلى "خسارة ما بين 6 و12 مقعداً لهم معتبراً أن ذلك قليل جداً ". واتهم أوباما الأسبوع الماضي الجمهوريين بتدبير مؤامرة لإحباطه كما فعلوا برئاسة بيل كلينتون.
وقال "أعتقد أنه هنالك قرار اتخذه قادة الجمهوريين يقولون فيه دعونا لا نسمح لهم بالانتصار فربما يمكننا أن نعيد ما حدث عامي 1993 و1994 حين أتى كلينتون إلى الرئاسة، ففشلت خطته المتعلقة بالرعاية الصحية، وعندها فزنا في انتخابات الكونغرس وحزنا على الأكثرية". وتشكل مسألة إصلاحات نظام الرعاية الصحية اليوم الوجه البارز لأزمة المصداقية التي يواجهها اوباما، لكن هنالك بصيص أمل يلوح في البعيد. فهنالك فرصة لأن توقع الولايات المتحدة معاهدة، خلال القمة الدولية التي ستعقد كانون الأول/أوكتوبر في كوبنهاغن،للعمل على خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون .
وستحمل الولايات المتحدة بإدارة أوباما معها إلى القمة نوايا جيدة أكثر مما حملته إدارة بوش لكنها ستماثل الأخيرة بخلو يديها. وسيبعث ذلك خيبة امل لدى الحلفاء الأوروبيين على الرغم من أنه قد يظهر بوادر فرج في الأماكن الخاطئة. فبكين ونيودلهي سترحبان بمظاهر الضعف السياسي لدى اوباما كون ذلك سيخفف من الضغط عليهما لتخفيف انبعاث الكربون. وهكذا فإن العالم قد يخسر سنة أو اثنتين أو ربما أكثر، وهو وفقاً للعلماء في سباق مع الوقت من أجل التخفيف من التغييرات المناخية. ويرى الحلفاء الأوروبيون أن الديمقراطيين الرئيسيين هم لا يدعمون الرئيس،فهم يلتفتون فقط لنتيجة الانتخابات ونسبة الدعم السياسي الذي سيقدمونه لمساعدة الرئيس الأميركي.
وبعد أن كانت الآمال والتوقعات كبيرة، أتت النتائج مؤخراً مخيبة للآمال. غير انه ما زال باستطاعة أوباما أن يغير الحال لكنه بحاجة لاستخدام سحره البلاغي كاملا واستخدام أكثر للبراعة السياسية.. وعليه أن يستعد جيداً لمعارك انتخابات الكونغرس المرتقبة هذا الخريف.