العام الدراسي في غزة يهدده خطر شح القرطاسية

يوسف صادق من غزة: لم تبق السيدة نجلاء، أم لثلاثة طلبة من غزة، مكتبةً إلا وطرقت أبوابها للبحث عن دفاتر لأولادها، لكن محاولاتها جميعاً باءت بالفشل، لتقف حائرة أمام إلحاح أطفالها وعجز حكومة غزة عن توفير عام دراسي لأكثر من ربع مليون طالب يلتحقون بالعام الدراسي الحالي.

وتوفرعادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الكتب والدفاتر اللازمة للعام الدراسي لطلبة غزة الذين يدرسون في مدارسها، والبالغ عددهم أكثر من 200 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة. بينما توجه ما يقرب من 250 ألف طالب وطالبة إلى مقاعدهم الدراسية موزعين على 383 مدرسة حكومية، يتبعون وزارة التربية والتعليم في غزة.

وقالت نجلاء لإيلاف "ليس من المعقول أن يتعلم أطفالنا دون توفير قرطاسية لهم(..) فالحصار لم يبق لأحد شيء هنا، وعلى وزارة التربية والتعليم في غزة توفير ما يمكنها من دفاتر وكتب مدرسية للجميع".

ولم تكن هذه السيدة وحدها التي تعاني من أزمة نفاد الدفاتر المدرسية في غزة، فأحمد عبد الرازق، عنده 5 أولاد يتعلمون في مدراس حكومية، بعد مشقة إستطاع الحصول على حوالي 7 دفاتر ليوزعها على أولاده.

وقال عبد الرزاق لإيلاف "بحثت مطولا في كافة المكتبات والمحلات التي قد تبيع دفاتر، فلم أجد غير القليل جداً، وهي بالتأكيد لن تكفي لطالب واحد من أولادي الخمسة، فهذا عام دراسي وليس نزهة أو ما شابه، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته أمام توفير تلك الأمور للطلاب، وإلا سيكون عاما دراسيا فاشلا بإمتياز".

وأعتمدت وزارة التربية والتعليم في الحكومة المقالة بغزة، العام الدراسي منذ الأحد الماضي، بشكل منفصل عن نظيرتها في الضفة الغربية التي قالت أن الدراسة ستبدأ في الأول من سبتمبر المقبل. وأكد وزير التعليم في حكومة غزة الدكتور محمد عسقول، إن وزارته انتهت من تحضير المدارس لاستقبال الطلبة، من حيث صيانتها وتزويدها بالأثاث واستكمال كافة احتياجاتها كما تم توفير الكتب وتوزيعها على الطلاب.

وتلجأ الطالبة ريهام الحادي عشر في الأيام الأولى من عامها الدراسي، بالكتابة على دفاتر قديمة كانت بحوزتها، لكنها سرعان ما ستكتمل تلك الدفاتر خلال أيام قليلة. وقال ريهام لإيلاف "أستعلمت دفاتري القديمة، وحينما تتوفر الدفاتر، أضطر لأن أنقل كل ما كتبته في دفاتري الجديدة".

وأكد أبو محمد صاحب مكتبة في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، إن هناك نقصا حاداً في الدفاتر. وقال لإيلاف "لقد كان عندي كمية قليلة جداً منذ العام الدراسي الماضي، لكنها بيعت في غضون ساعات قليلة، بسبب النقص الحاد في الدفاتر"، مشيراً إلى ان إسرائيل تعرقل حتى الآن دخول القرطاسية المدرسية إلى قطاع غزة.

وأضاف "طلبت من صاحب نفق دخول كميات من الدفاتر، لكن حتى اللحظة لم تصلني أي كمية، فإسرائيل تقصف الأنفاق بشكل مفاجئ، وهذا يشكل صعوبة كبيرة في الحركة التجارية للأنفاق".

ولم تستطع الأنفاق الممتدة بين رفح الحدودية والأراضي المصرية- حتى اللحظة- توفير دفاتر لطلاب غزة وبيعها في السوق المحلية. وصب أبو أسعد، رب أسرة، جام غضبه على أصحاب الأنفاق. وقال لإيلاف "لا بد من إجبار أصحاب الأنفاق على جلب دفاتر من مصر، لإستمرار المسيرة التعليمية في غزة، وإلا ستكون كارثة هذا العام في حال عدم توفر الدفاتر المدرسية".

وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ نحو ثلاث سنوات، ومنعت عشرات أنواع السلع والمواد الأساسية عن سكان غزة والبالغ عددهم نحو مليون ونصف مليون فلسطيني، لكنها سمحت مؤخراً بدخول بعض السلع والمواد، وأبقت على أنواع مهمة في حياة الناس، ومنها القرطاسية المدرسية، ليعيش طلاب غزة هاجس الخوف من تدني مستوى تحصيلهم العلمي.

وقال الطالب لؤي الذي يدرس في الصف الثامن في مدرسة حكومية بمدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، "بحثت في كافة المكتبات والمحلات، ولم أجد دفاتر، ونحن على أبواب الدخول في المنهج الدراسي، وأخشى أن لا تتوفر تلك الدفاتر، مع العلم أن والدي بحث في مكتبات مدينة غزة ولم يجد هو الآخر أي أنواع من الدفاتر".

ويبقى العام الدراسي عند الفلسطينيين في قطاع غزة معلقاً حتى يتم إدخال دفاتر. مطلب طبيعي لطلاب وطالبات غزة، لكنه عند إسرائيل، يشكل ورقة ضغط على حماس التي تسيطر على غزة.