موريتانيا: مشرّدون يناشدون العالم التدخّل

أحمد ولد سيدي مننواكشوط: عرفت موريتانيا تهاطل كميّات غزيرة من الأمطار خلال الأيام القليلة الماضية وكانت أمطارًا قويّة مصحوبة بعواصف رمليّة وأدّت إلى سقوط مئات المنازل الخشبيّة في إحدى مناطق أحياء الصفيح المحيطة بالعاصمة نواكشوط، وخصوصًا في منطقة "لغريكة" في مقاطعة دار النعيم، كما تسبّبت الأمطار التي تهاطلت على مدينة "روصو" يوم الجمعة الماضي إلى مقتل طفلة وإصابة شخصين آخرين بجراح، مع خسائر ماديّة فادحة. وقد بلغت نسبة الأمطار المتهاطلة 104 ملم، وحسب تقديرات أوليّة للسلطات الرسميّة فإنّ الخسائر بلغت في اللحظات الأولى ما يقارب الـ4000 أسرة مشردة، وانهيار خمسين مسكنًا طينيًّا في المدينة والقرى المجاورة لها. صحيفة "إيلاف" حاولت الإطّلاع على معاناة بعض الأسر الموريتانيّة في مدينة "روصو" التي اجتاحتها السيول وأصبح سكانها يعيشون مأساة حقيقية بكلّ ما للكلمة من معنى.

مأساة بلا حدود

يعيش سكّان مدينة "روصو" 200 كلم جنوب العاصمة الموريتانيّة نواكشوط على وقع مأساة حقيقيّة بسبب الأمطار التي تهاطلت على المدينة وخلّفت خسائر في الأرواح والممتلكات، كما تسبّبت في نزوح مئات الأسر المنكوبة من أماكنها الغارقة إلى خارج المدينة. وقد قال الأهالي لـ"إيلاف" إنّ هناك بعض الأحياء التي تضرّرت بشكل كبير وهي "السطارة" و"دملك"، إضافةً إلىقرى "جدر المحكن" و"اشكارة" و"ارغيوات".

وفي حي "السطارة" وسط مدينة "روصو" حيث يوجد قلب المعاناة التي يعيشها سكان "روصو" يقول سيدي ولد الغيث،وهو شيخ مسنّلـ"إيلاف"إنّ وقع الكارثة ازداد عليهم بعدما فقدوا أمتعتهم وممتلكاتهم بسبب المياه الجارفة، وناشد ولد الغيث السلطات الموريتانيّة والمنظّمات الأهليّة والعالم بأسره مدّ يد المعونة لهم بطريقة سريعة.

وأضاف ولد الغيث أنّ هناك الكثير من المشرّدين الذين يواجهون خطر الموت جوعًا في شهر الصيام بعدما غمرت المياه كلّ المواد الغذائيّة التي كانت الأسر تقتات عليها، وأصبحوا يواجهون كارثة تتمثّل في تهديد المجاعة والتشرّد في شهر رمضان.

صائمون في العراء

تفيد المعلومات الرسميّة الواردة من مدينة "روصو" بأنّ أعدادًا كبيرة من المواطنين يواجهون خطر الموت وأنّ المئات منهم بقيوا في العراء بعدما هدمت السيول الجارفة منازلهم. وقالت عيشة منت السعيد، إحدى السيدات اللواتي يسكنّ في حي "السطارة" أبرز الأحياء تضرّرًا، إنّ منزلها تعرّض للغرق وإنّ مئات من المواطنين تمّ تهجيرهم إلى خارج المدينة وأصبحوا يسكنون في العراء، واشتكت منت السعيد ممّا أسمته خطر الصوم في العراء ومواجهة حرّ الشمس في فصل الخريفالذي تستطع فيه الشمس بدرجة عالية.

وتواجه منت السعيد معاناة السكن في العراء مع أفراد أسرتها البالغ عددهم ثمانية من دون أن يتوصّلوا حتّى الساعة إلى مساعدات من الدولة أو الهيئات والمنظمات غير الحكومية العاملة في البلاد، وأضافت منت السعيد: "لقد نفقت حيواناتنا بالكامل ولم يبق لدينا ما نشتري به الغذاء والدواء الذي لا غنى عنه في مدينة تلوّثت مياهها وأصبح احتمال الإصابة بالأمراض أمرًا مطروحًا على أرض الواقع".

العاصمة لم تسلم

وكان حي "لغريكة" في العاصمة نواكشوط قد شهد تهاطل أمطار غزيرة أدّت إلى سقوط عدد من الأعرشة والمنازل وتشرّد عدد من الأسر، وقد وصل عدد الأعرشة إلى نحو 61 عريشًا خشبيًّا في المنطقة وغمرت المياه عددًا كبيرًا من المنازل في الساعات الأولى لتهاطل الأمطار. وبدأت الحكومة الموريتانيّة بتقديم المساعدات إلى المتضرّرين من جرّاء السيول في العاصمة، وزار عدد من الوزراء حيّ "لغريكة" المنكوب وسط دعوات من المواطنين بضرورة التدخّل الخارجي لمساعدتهم في الكارثة التي حلّت بهم.