المملكة المغربيّة تحتاج إلى سياسة ديناميّة لمواجهة التحدّيات المقبلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: يرى مراقبون أنّ الدبلوماسيّة المغربيّة بحاجة إلى ديناميّة أكثر فعاليّة لمواجهة التحدّيات المقبلة. فالرباط تقيم علاقات وثيقة مع عدد من الدول العربيّة والخليجيّة، كما تجمعها روابط ممتازة جدًّا وطويلة الأمد مع الدول الأوروبيّة في مقدّمها فرنسا وإسبانيا، إلاّ أنّها غير مستغلّة بعد. وكلّلت جهود المغرب بحصد ثمرة الوضع المتقدّم في الاتّحاد الأوروبي،الأمر الذييفتح الباب أمامها للانفتاح أكثر على أسواق أوروبا ومؤسّساتها. كما تدعم المملكة البحث عن السلام العادل في الشرق الأوسط الذي يشجّع المفاوضات الإسرائيليّة - الفلسطينيّة والدّاعي إلى الاعتدال من الجانبين. وتبقى المغرب دائمًا فعّالة على المستوى المغاربي والعربي وفي الشؤون الإفريقيّة. وعلى الرّغم من أنّها انسحبت من منظمة الوحدة الإفريقيّة (الإتّحاد الإفريقي)، إلا أنّها ما زالت تشارك في تنمية الاقتصاد الإقليمي، كما أنّها تحتوي على أكبر ميناء في شمال إفريقيا في مدينة الدار البيضاء التي تشكّل المركز الاقتصادي للبلاد.
وللمملكة المغربيّة أيضًا روابط وثيقة وطويلة الأمد مع الولايات المتّحدة الأميركيّة، إذ تعتبر الدولة الأولى في العالم التي اعترفت باستقلال الولايات المتّحدة.
إلاّ أنّ الصحراء تعدّ القضيّة الكبرى في العلاقات الخارجيّة المغربية، حيثما زالت الأجواء متوتّرة مع جارتها الجزائر بسبب دعمها لجبهة البوليساريو.
يقول تاج الدين الحسيني، الأستاذ والخبير في العلاقات الدوليّة والقانون الدولي في تصريح لـ"إيلاف" إنّ "العلاقات الخارجيّة للمملكة بحاجة إلى المزيد من الديناميّة لتفادي سياسة الكرسي الفارغ"، مشيرًا إلى أنّه على المغرب أن تنتقل إلى "اتّباع سياسة لا ينبغي أن تكون بالأساس دفاعيّة، بل هجوميّة حتّى تتمكّن من اختراق الحواجز الموضوعة في طريقها".
ويضيف تاج الدين الحسيني: "نأخذ على سبيل المثال ملفّ الاتّحاد المغاربي، إذ على الرباط اتّخاذ مواقف شجاعة لكسر الجمود الذي ما زال يلامس مسيرة هذه الخطوة، في زمن تتطوّر فيه التكتلات".
وذكر الخبير في العلاقات الدوليّة أنّ "العلاقات الخارجيّة للمغرب يجب أن تنفتح على المستقبل، إذ ينبغي ألاّ تظلّ حبيسة كواليس وزارة الخارجيّة، بل يجب أن تطوّر آلياتها نحو وسائل جديدة للعمل. أخصّ منها بالذكر الدبلوماسيّة البرلمانيّة والاقتصاديّة ودبلوماسيّة قنوات المجتمع المدني".
فمن خلال هذه الأدوات الجديدة، يشرح تاج الدين الحسيني: "يمكن فعلاً تطوير آليات للعمل تتجاوز ما تعيشه الدبلوماسيّة المغربيّة خصوصًا في منطقة المغرب العربي".
وأوضح أنّ "الدبلوماسيّة المغربيّة يجب أن تتمتّع بالقدرة على الفعل واحتلال مواقع جديدة على مستوى الساحة الدوليّة، وهذا يفترض تنويع أدوات الدبلوماسيّة، للخروج من الخانة التقليديّة نحو تفعيل الدبلوماسية البرلمانية والحزبية وجمعيّات المجتمع المدني".
ففي ظلّ تداعيات المجتمع الدولي القائم على القرية الشموليّة والعولمة، أصبحت هذه الاستراتيجيّة السلاح الأمثل لاكتساح مواقع جديدة.
وتساءل تاج الدين الحسيني قائلاً: "لماذا لا تمارس المغرب هذه السياسة؟ خصوصًا أنّ لها جالية كبيرة جدًّا لم تعد تقتصر على المهاجرين الأوائل من العمّال اليدويين، لكنّها أصبحت تتوافر الآن على مادّة رماديّة مهمّة جدًّا، تتكوّن من نحو 270 ألف من الأطر المغربيّة الموجودة في مراكز الأبحاث الجامعيّة والشركات الكبرى في الخارج".
وتتمثل أدوات تفعيل العلاقات الخارجيّة للمغرب وجعلها أكثر هجوميّة، حسب تاج الدين الحسيني، في "وضع استراتيجيّة وطنيّة من خلال خطّة طريق مبرمجة على المدى القصير والمتوسّط والطويل، إلى جانب وضع الإمكانات الأساسيّة لخدمة هذه الاستراتيجيّة التي يجب أن تتمّ انطلاقًا من مشاورات تهمّ كلّ الفئات الفاعلة داخل المؤسّسات الجامعيّة ومراكز الدراسات الاستراتيجيّة التي للأسف تبقى نادرة في بلدنا على الرّغم من أهميّتها الحيويّة في المرحلة الراهنة".
وأضاف الخبير في العلاقات الدوليّة: "أظنّ أنّه من واجب متّخذي القرار في المغرب التفكير جديًّا في تشكيل مراكز للدراسات الاستراتيجيّة للمشاركة في وضع خطّة طريق أساسية في هذه المرحلة، خصوصًا أنّ المغرب ليست بالبلد الصغير المنعزل، بل هي في ملتقى الطرق بين كلّ من إفريقيا وأوروبا، كما أنّها محطّة تعاون اقتصادي أساسي في المنطقة من خلال منطقة التبادل الحرّ التي أنشأتها مع الاتّحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وعدة بلدان فاعلة في الشرق الأوسط".