أخبار

دبلوماسية اوباما المباشرة تصطدم بجدار أصم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إعداد عبدالإله مجيد: كتب جاكسون ديل نائب محرر صحفة الافتتاحيات والتعليقات في صحيفة واشنطن بوست" الصادرة اليوم الاثنين تحليلا يجرجد فيه حصيلة "الدبلوماسية المباشرة" التي اعلنها الرئيس الاميركي باراك اوبام في مد جسور التواصل مع دول مثل ايران وسوريا وكوريا الشمالية. وجاء في التحليل:
قبل ما يربو على عامين أطلق باراك اوما أول مناظرة حول السياسة الخارجية في حملة الانتخابات الرئاسية وأطولها ديمومة عندما سُئل إن كان مستعدا للقاء زعماء ايران وسوريا وفنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية في واشنطن أو اي مكان آخر ، كل على انفراد ودون شروط خلال العام الأول من ادارته.

رد اوباما على السؤال بالايجاب. أبدى شيئا من التحفظ فيما بعد لكنه خلاف ذلك بقي على موقفه هذا طيلة اشهر من الانتقادات التي وجهتها اليه (منافسته وقتذاك) هيلاري كلنتون ثم جون ماكين ، اللذان وصفاه بالسذاجة. وأصبحت دعوته الى ما سماه "الدبلوماسية المباشرة" سمة بارزة من سمات حملته الانتخابية. وكانت الفكرة تذهب الى ان هذا الرجل الحيوي والمتفوه يمكن أن يحقق من موقع الرئيس اختراقات في عدد من اصعب قضايا السياسة الخارجية عن طريق دبلوماسيته الشخصية.

لذا يبدو جديرا بالملاحظة ان اوباما وهو يقترب من أواخر سنته الأولى ، لم يجتمع مع أي من المارقين الذي جرى تعدادهم آنفا ـ بصرف النظر عن المصافحة العابرة مع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في قمة الاميركيتين.

ومن المستبعد ان يلتقي بأي منهم في المستقبل المنظور. وفي الحقيقة ان احد الدروس التي بدأت تتعلمها السياسة الخارجية لادارة اوباما يمكن ان يُلخص على النحو الآتي: ان الفكرة القائلة ان "الدبلوماسية المباشرة" مع لاعبين مثل تشافيز أو محمود احمدي نجاد أو كيم جونغ ايل أو فيدل كاسترو من الجائز أو من المحتمل أن تسفر عن نتائج ، انما هي فكرة ساذجة.
لا يعني هذا ان اوباما لم يحاول. فان تقارير في وسائل الاعلام الايرانية افادت ان اوباما بعث برسالتين الى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وارسل عدة مبعوثين كبار للاجتماع مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق.

وبعد فترة قصيرة على تولي الادارة الجديدة مهام عملها اقترح المبعوث الخاص الى كوريا الشمالية علنا اجراء مفاوضات ثنائية على بيونغيانغ ، ثم اجتمع الرئيس السابق بيل كلنتون مع الدكتاتور كيم بموافقة الادارة. وقبل اواباما بأدب هدية من تشافيز كانت كتابا صاخبا بعدائه لاميركا وارسل بعد ذلك سفيرا جديدا الى كراكاس. والغى بعض العقوبات المفروضة على كوبا.
المشكلة ان أياً من هذه الخطوات لم تتمخض عن أي نتائج. وتردد ان خامنئي رد على رسالة اوباما الاولى ولكن مبادرته الرئيسية هذه العام كانت القيام بانقلاب داخلي ضد المعتدلين نسبيا في القيادة الايرانية الذين قد يؤيدون اجراء مفاوضات جدية مع الغرب. وتبدت نتائج التواصل مع سوريا بعد اسبوعين عندما سحبت الحكومة العراقية سفيرها من دمشق متهمة نظام الاسد بالاستمرار في إذكاء سعير الارهاب في العراق. وكرست كوريا الشمالية الأشهر القليلة الاولى من هذا العام لاجراء تجارب نووية وصاروخية جديدة ... وهكذا دواليك.
الادارة حقا تتعلم على ما يبدو من كل مواقف الرفض والصدود التي لاقتها. وكان من اوائل الذين توصلوا الى خلاصات واقعية هيلاري كلنتون ـ ليس في ذلك مفاجأة.

ففي نيسان/ابريل ذهبت وزيرة الخارجية الجديدة في جلسة استماع عقدها الكونغرس الى ان علاقات الولايات المتحدة المتردية مع تشافيز هي نتيجة رفض ادارة بوش التواصل معه. واقترحت: "لنرَ إن كان بمقدورنا ان نغير هذه العلاقة".
استغرق الأمر أقل من ثلاثة أشهر لاقناع كلنتون بالعدول عن الفكرة ـ فترة استغل فيها تشافيز يد الادارة الممدودة لشن حملة اخرى ضد معارضته الداخلية فيما حاول التحريض على انقلاب يساري في هندوراس. والآن تعكف كلنتون على ابعاد تشافيز عن ازمة هندوراس المستمرة وبدلا من التشاور مع الزعيم الفنزويلي خرجت عن طورها والتقت صحفيين من قناة تلفزيونية يحاول تشافيز ان يغلقها.

كلنتون وصفت كيم قبل أشهر بأنه "طفل مشاكس". وعندما بدأ نظامه فجأة يسعى الى عقد اجتماعات ثنائية الشهر الماضي ، دعته كلنتون الى العودة الى المفاوضات "السداسية" التي تولت ادارة بوش تنظيمها. واعربت مرارا عن شكوكها في ما إذا كان من الممكن الآن اجراء مفاوضات مثمرة مع ايران. وها هم بقية أركان الادارة يلحقون بها في ما خلصت اليه من دروس. فالمسؤولون في وزارة الخارجية والبيت الابيض على السواء لا يركزون الآن على ترتيب اتصالات ثنائية بين طهران وواشنطن وانما على اقناع الحكومات الاوروبية والصين وروسيا بدعم تشديد العقوبات التي فرضها بوش من قبلهم. ويبدو ان جورج ميتشل المبعوث الخاص الى الشرق الأوسط تخلى عن ضم سوريا الى مفاوضات الشرق الأوسط التي يحضر لها.
لا شيء من هذا يعني ان الحوار مع الأعداء خطأ من الاساس أو لا يستحق المحاولة. وقد تتاح لاوباما فرص التحادث مع تشافيز أو الاسد إن لم يكن مع كيم أو خامنئي ولكن حملته اصطدمت بجدار أصم خلال الأشهر الاولى من ادارته. وعندما طُرح عليه هذا السؤال قبل عامين لعل اوباما كان يفكر وفي ذهنه جورج بوش ، ولم يخطر بباله ان اعداء اميركا ايضا لا يرون جدوى تُذكر في "الدبلوماسية المباشرة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف