جامعة هارفارد نشرت خطأً إعلانا يشكك بمحرقة اليهود

واشنطن: حرصت جامعة هارفرد الأميركية على توضيح ملابسات نشر إعلان في صحيفتها الداخلية "ذي هارفرد كريمزون" يشكك بحقيقة "محرقة اليهود" أو "الهولوكوست"، وسارعت إلى التأكيد بأن ما حصل كان مجرد خطأ.

وذكرت صحيفة "ذي هارفرد كريمزون" في مقالة نشرتها ليل أمس الأربعاء بالتوقيت المحلي انه رغم الضرر الذي تسبب به الإعلان، إلا انه لا بد من التوضيح بأن "ذي كريمزون" لم تقصد أبداً نشره، وان ما حصل لا يتعدى كونه مجرد خطأ في التواصل.

وأعربت عن تقديرها لرسالة رئيس "كريمزون" ماكسويل شايلد التوضيحية للموضوع، متمنية أن تساهم كلماته في التوضيح بأن الإعلان لا يعكس بأية طريقة من الطرق آراء الموظفين في الصحيفة، مشددة على ان الجميع يعون انه لم يكن من المفترض أن ينشر الإعلان على صفحات صحيفة جامعية. واعترفت بأنه رغم ان الصحف تملك حق نشر كل ما تراه مناسباً، إلا ان من مسؤولية الصحافيين أن يقيموا بدقة ما هو من المناسب نشره.

وأضافت ان صحيفة جامعية مثل "ذي هارفرد كريمزون" تحتفظ بالحق القانوني لطبع كل ما تختاره، مع انها تفهم بالتأكيد بأنه يمكن ملاحقة أي شخص بتهمة تشويه السمعة، إلا ان نشر مادة من هذا النوع هي مسألة مختلفة. واعتبرت ان السؤال المطروح "هو هل يحق للصحيفة نشر هذا الإعلان؟ والجواب هو بالتأكيد، أما الرد على سؤال إن كان يفترض بها ذلك، فهو بالتأكيد لا".

ورأت انه لم يكن من المناسب نشر إعلان ينفي الهولوكوست "ليس لأنه أساء للكثيرين في الحرم الجامعي فحسب وإنما لأنه يخالف قيمنا القائمة على تأسيس ممجتمع جامعي متنوع". وشددت على ان الإعلان كان "خاطئاً"، معتبرة ان لنفي "الهولوكوست" تأثيرات كبيرة من بينها الترويج للكراهية وهو يهدد الوضع النفسي والعاطفي للآخرين في هارفرد.

وأشارت إلى انه رغم ان المحارق أثّرت على حياة الناجين منها إلا ان الحقيقة هي ان أولادهم وحتى أحفادهم يشكون من اضطرابات وقلق واكتئاب بسببها، ونفيها يحث على حلقات رهيبة لدى الأشخاص الذين يفترض أن يتعاملوا مع ذكراها على أساس يومي. وأكدت انه على الرغم من ان نشر الإعلان كان عن طريق الخطأ، إلا انه لا بد من القول انه من غير المناسب فتح جراح الماضي لدى الضحايا في الحاضر. وأعربت عن أملها في أن تمتنع "ذي هارفرد كريمزون" وغيرها من الصحف الجامعية عن نشر مواد كهذه في المستقبل.

وكان الناطق باسم صحيفة الجامعة، ماكسويل شايلد، قال في رسالة موجهة للقراء نشرتها الصحيفة أمس الأربعاء "نحن نرغب في التشديد على اننا لا نتبنى آراء تظهر في الإعلانات التي تنشرها الصحيفة، والإعلان الأخير لا يختلف عن غيره.. وسنعمل بكل جهد من أجل تجنب مثل هذه الهفوات في التواصل والاتصالات مستقبلاً، وآمل أن يتقبل قراءنا الخطأ الذي وقع الثلاثاء باعتباره فشلاً منطقياً وليس فلسفياً."

وذكرت شبكة "سي إن إن "الأميركية ان الإعلان، الذي دفع ثمنه برادلي سميث الذي ينكر وقوع الهولوكوست ولجنة الحوار المفتوح حول "الهولوكوست"، يثير شكوكاً جوهرية حول رواية الجنرال السابق إبان الحرب العالمية الثانية دوايت آيزنهاور ووجود أفران الغاز النازية.

ونقلت عن سميث قوله إنه غير متفاجئ جراء رد الفعل هذا لأن التشكيك في الهولوكوست "من المحرمات.. وهو من المحرمات منذ البداية.. وعندما تنتهك ثقافة المحرمات الواسعة، التي تدعمها الدولة والجامعة والصحافة نظرياً وعملياً، فإنك تثير ضجة." وكشف سميث انه اتفق مع صحيفة "كريمزون" بشأن الإعلان في يوليو/تموز الماضي، غير أنه لم يعرف أي شيء عن خطط من قبل الصحيفة لإلغاء إعلانه. ورغم أنه لم يتسلم أي مبالغ مستردة لسحب ملاحظاته، فإنه يتوقع أن "تفعل الجامعة الصواب حيال الأموال".

من جانبه، قال رئيس ومدير منظمة "هارفارد هيلل" اليهودية في الجامعة بيرني ستاينبيرغ، الأربعاء إن الإعلان كان "يشكل صدمة لمن يراه." وأضاف ان رد فعل الجماعات الطلابية كان ملائماً، وأنه يجب أن ينظر إلى الحادثة باعتبارها مثالاً على "القيادة الطلابية الناضجة بصورة استثنائية في مواجهة وضع غير مناسب." لكنه أشار إلى ان تفاعل الجامعة مع الاتصالات العديدة المعبرة عن قلقها، التي تلقتها من العديد من الطلاب في الجامعة، بمن فيهم المنظمة الطلابية اليهودية، كان إيجابياً.

من جهتها، قالت رئيسة المنظمة الطلابية اليهودية، ربيكا غيليت، في رسالة تم توزيعها داخلياً، إنها كانت تعتقد أن الوضع عولج بشكل ملائم، لكنها أضافت "إن حقيقة وجود منظمات وأفراد مثل أولئك الذين نشروا الإعلان في أيامنا هذه أمر مخيف ومزعج، لكن لسوء الحظ يبدو أن إنكار 'الهولوكوست' سيظل موجوداً" خلال سنوات مقبلة.

أما مستشار الحقوق المدنية في جمعية مناهضة القدح في نيوإنغلاند، روبرت تريستان، فقال إن سميث ومنظمته نشروا إعلانات في حوالي 15 صحيفة جامعية في الولايات المتحدة خلال هذا العام حتى الآن.

وعبر تريستان عن شعوره بالصدمة حول كيفية وقوع مثل هذه الإعلانات "سهوا"، متسائلاً "هل يمكن لإعلان يشكك بكروية الأرض أو عدم حدوث العبودية في أميركا أن يقع سهواً؟". وأشار إلى ان منظمته ستواصل عملها مع محرري الصحف الجامعية لتعليم الجامعات بأنها غير ملزمة بنشر إعلانات تشكيكية.