إعادة إحياء اليسار في المغرب بعد إنتكاسات داخلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: خفقت أولى نبضات الحياة في قلب مشروع اليسار المغربي الموحد، الذي توقف بشكل مبكر عقب انتكاسات وتشتت أفرزته اتساع هوة الخلاف بسبب تباعد الآراء والأفكار، بعملية إنعاش أولية على يد عدد من اليساريين المتحزبين واللامنتمين، يتقدمهم أعضاء قياديون في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية "الائتلاف الحاكم". جاء ذلك، خلال لقاء في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، حيث اعتمدت أداة المصارحة لتشريح الجسم اليساري، والوقوف على مكامن الخلل وتقريب وجهات النظر، وإعادة ترميم ما هدمته الانشقاقات.
"وثيقة إعادة إحياء اليسار"، التي وقعها الذين أخرجوا المبادرة إلى النور، يتخوف أن تبقى مضامينها حبرا على ورق، في حالة عدم نضج النقاش، وبالتالي دخول هذه الخطوة إلى غرفة الإنعاش كسابقاتها. وقال منير بنصالح، أحد المبادرين لهذه الخطوة، "المبادرة جاءت بعد تراكمات، خاصة تلك التي سجلت سنة 2007، ما اضطر إلى تأسيس فضاء للحوار"، مشيرا إلى أن "مكونات اليسار كانت تواجه خوف الوجود، رغم أنها متحزبة".
هذا النقاش خرج بالاتفاق على ضرورة تأسيس حركة جديدة، تبنى على قراءة نقدية لتجربة اليسار وبأسس جديدة، تجمع المنادين إلى وحدة اليسار، كإطار للنقاش وتفعيل التوصيات والمقترحات لفتح الطريق لإعادة بناء اليسار في إطار الشرعية الديمقراطية، بعيدا من النزعات الانشقاقية والانقلابية أو تأسيس حزب جديد يضاف إلى الدكاكين السياسية.
وذكر بنصالح، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "هذه الخطوة يمكن وصفها بالصحوة وسط جميع التنظيمات اليسارية، كما أنها مناسبة للاستفاقة من الأوهام والصدمة، والعمل على لم الشتات والاشتغال". وأوضح بنصالح أن "الغرض ليس خلق حزب جديد، بل إطار يمكنه السير في اتجاه توحيد الصف اليساري"، وأضاف "كيساري أنا متفائل بنجاح هذه المبادرة الموجهة لليساريين وعلاقتهم بباقي الأطياف السياسية والمجتمع"، مبرزا أن "عدد الموقعين على الوثيقة تجاوز الخمسمائة، من بينهم قياديون وأسماء معروفة، ونحن نعقد حاليا لقاءات في عدد من المدن".
وتركز الأرضية السياسية لهذه المبادرة على المبادئ الثلاثة الكبرى لليسار، وهي الحداثة الثقافية (العلمانية أو اللائكية)، والديمقراطية السياسية (المسألة الدستورية والمشاركة في الحكومة)، والعدالة الاجتماعية (اقتصاد الريع، والفساد، والفوارق الطبقية الصارخة في المجتمع).
ويعرف المشهد اليساري المغربي تشتتا كبيرا بدأت معالمه تتضح منذ عام 2001، تاريخ الانشقاق التاريخي الذي شهده "الاتحاد الاشتراكي" أكبر الأحزاب اليسارية، حيث انسحب منتقدون لنتائج المؤتمر السادس للحزب وأسسوا هيئة جديدة أطلقوا عليها "المؤتمر الوطني الاتحادي" بقيادة عبد المجيد بوزوبع، في الوقت الذي رفض فيه آخرون الانضمام إلى أي من الطرفين وأسسوا تيارا مستقلاّ أطلقوا عليه "تيار الوفاء للديمقراطية" بزعامة خالد السفياني.
وتكررت أحداث التشتت مرة أخرى عام 2005، حين انشق العديد من الشخصيات على "الاتحاد الاشتراكي" وأسسوا حزبا جديدا أطلق عليه "الحزب العمالي" بقيادة عبد الكريم بنعتيق، وتزامنا مع ذلك انشق "المؤتمر الوطني الاتحادي"، بعدما انسحب منه رئيسه عبد المجيد بوزوبع وأنصاره وأسسوا تنظيمًا جديدًا هو "الحزب الاشتراكي".
وفي محاولة لجمع شتات اليسار الجديد في أفق بناء حزب اشتراكي كبير، تأسس حزب اليسار الاشتراكي الموحد بعد اندماج هذة المكونات (ما عدا النهج الديمقراطي) مع منظمة العمل الديمقراطي سنة 2002، ثم ما لبثت أن اندمجت جمعية الوفاء للديمقراطية سنة 2005 مع هذا الحزب ليحمل اسم "الحزب الاشتراكي الموحد". ويستمد اليسار المغربي جذوره التاريخية من منبعين أساسيين، وهما المنبع الاستقلالي والمنبع الشيوعي اللذان تفرع عنهما عدة أحزاب وتنظيمات سياسية ونقابية.