خبراء: تأييد بوتين لترشح المشير لا يعد تدخلًا بالشأن الداخلي
زيارة السيسي لروسيا تُحقق للبلدين الاستقلال الوطني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أكد خبراء أن زيارة السيسي لموسكو ستخدم مصر على صعيد إعادة تسليح الجيش، وممارسة ضغوطات على أثيوبيا لإنهاء النزاع حول المياه، وأوضح الخبراء في تصريحات لـ "إيلاف"، أن علاقات مصر مع روسيا لن تقطع علاقات القاهرة بواشنطن، إذ تسعى الأخيرة إلى الحفاظ على مصالحها.
محمد نعيم من القاهرة: فتحت زيارة وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي لروسيا الباب أمام العديد من التكهنات حول هدف الزيارة، ومدى استيعاب الجانب الروسي لها، وردود الأفعال التي انطوت عليها في الولايات المتحدة، والروابط بين الجيشين المصري والروسي، وانعكاس تلك الروابط على مستقبل العلاقة بين البلدين، وما تحمله الزيارة من رسائل واضحة، ربما تعيد توازن القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بصورة مغايرة لما كانت عليهالحال في الماضي غير البعيد.
أوجه الشبه
في محاولة لإلقاء الضوء على الزيارة من مختلف جوانبها، يرى الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير السياسي والاستراتيجي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن أهمية زيارة السيسي لروسيا تعود إلى أمور عديدة منها: أوجه الشبه بين السيسي وبوتين، فكلاهما رجل استخبارات، وبوتين سعى ويسعى إلى الاستقلال الوطني لدولته، وقطع روابط التبعية للولايات المتحدة، وإقامة علاقات متوازنة مع واشنطن.
وفي حديثه لـ "ايلاف" قال الخبير عبد الفتاح: "السيسي هو الآخر يسعى إلى تحقيق الاستقلال الوطني لمصر، وقطع تبعيتها لواشنطن بتنويع العلاقات الدولية، وإقامة علاقات متوازنة مع كل الدول، كما إن علاقات القاهرة وموسكو لن تنهي النفوذ الأميركي في المنطقة، فالحكومة المصرية - ممثلة في الخارجية - كانت واضحة في هذه المسألة، وذلك بتأكيدها أن روسيا ليست بديلًا من الولايات المتحدة، إلا أن ذلك لا ينفي قلق الإدارة الأميركية من زيارة السيسي لروسيا ومن نتائج هذه الزيارة".
أضاف عبد الفتاح أن قلق الولايات المتحدة كان واضحًا عبر إعلان الخارجية في واشنطن قلقها من تأييد بوتين لترشح السيسي للرئاسة، وقولها إن الرئيس المصري يختاره الشعب المصري، وليس بوتين، موضحًا أن تأييد بوتين لترشح السيسي لا يعد تدخلًا في الشأن الداخلي، ولا يعد تزكية للسيسي، وإنما يأتي في إطار اهتمام الدول الكبرى برئيس مصر، باعتبارها دولة محورية في المنطقة ومجاورة لإسرائيل، وفيها قناة السويس، ولها تأثير قوي على محيطها العربي والإقليمي.
خلق أسواق واستثمارات
وأكد عبد الفتاح أن السيسي كقيادة وطنية يريد أن يعيد التوازن في علاقات مصر الدولية بشكل يمكنها من تنويع مصادر السلاح، وتنويع علاقاتها الدولية وخلق أسواق واستثمارات جديدة، مشيرًا إلى أن السيسي لا يسعى إلى العداء مع واشنطن، متوقعًا أن ينصاع البيت الأبيض، ويغيّر موقفه المعادي لـ 30 حزيران (يونيو).
وشدد على أن الموقف الروسي بالفعل يدعم ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو)، ويفيد مصر على المسرح السياسي الدولي، لافتًا إلى أن إسرائيل على علاقة إستراتيجية بالولايات المتحدة، ولم يمنعها ذلك من إقامة علاقات جيدة مع روسيا والصين والهند.
عن احتمال حدوث تفاعلات وتجاذبات ومساومات بين واشنطن وموسكو للحدّ من انفتاح مصر على روسيا، قال الدكتور بشير عبد الفتاح: "هناك تنسيق أميركي روسي بالفعل بشأن علاقات موسكو بالدول المهمة للولايات المتحدة، كعلاقة روسيا بالصين وعلاقتها بإيران، وذلك من خلال وضع واشنطن تفاهمات واستراتيجيات وحدودًا واضحة لعلاقة روسيا بهذه الدول، وهو ما يمكن أن يحدث بالنسبة إلى علاقة مصر بروسيا، ولكن يقلل من تأثير الضغوطات الأميركية أن بوتين يغيّر مبادئ عديدة في علاقات بلاده الدولية، ويوقن بأن مصر دولة مهمة للغاية بالنسبة إلى روسيا.
الدكتور بشير عبد الفتاح استبعد أن يكون أحد أهداف زيارة السيسي لروسيا هو التنسيق مع بوتين في ملفي الفلسطينيين وسوريا لإضعاف حماس لحساب حركة فتح، ودعم نظام بشار الأسد على حساب معارضيه الإسلاميين، على اعتبار أن ذلك يرسخ دعائم النظام المصري الجديد وقياداته الجديدة، قائلًا: "إن هذا الكلام سابق لأوانه، إذ يحتاج ذلك علاقات وطيدة وتفاهمات وأرضيات مشتركة لم تحدث بعد، ولكن الزيارة تعيد العلاقات إلى بدايتها الطبيعية".
صفقة أسلحة بـ 3 مليارات دولار
الزيارة بالمنظور العسكري مهمة جدًا، بحسب رؤية عبد الفتاح، لأن مصر تحتاج روسيا في توفير وتنويع الأسلحة للجيش المصري في ظل وقف واشنطن وأوروبا إعطاء مصر الأسلحة المطلوبة، مؤكدًا أن الزيارة أسفرت عن صفقة أسلحة بـ 3 مليارات دولار، وتكمن أهميتها في نوعية الأسلحة، فهي أسلحة حديثة، تشمل تطوير منظومة الدفاع الجوي، ومقاتلات منها ميغ 29 وإف 15 وطائرات بدون طيار.
وفي حديثه لـ "إيلاف" أكد اللواء أركان حرب طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي والعسكري في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: "أن أهم ما تحتاجه مصر وجيشها من روسيا، هو إيجاد نوع من التوازن في علاقاتها الدولية يحفظ لها استقلالها، فضلًا عن مصدر آخر لشراء الأسلحة لتنويع سلاح الجيش المصري"، مشيرًا إلى أن الاعتماد على طرف واحد قوي في العلاقات الدولية يؤسس للتبعية، ويؤدي إلى حدوث إخلال في موازين في المنطقة.
وأضاف: "إن هذا التوازن سيتحقق بحصول مصر من روسيا على معدات عسكرية لها أهميتها في زيادة قدرات الدفاع الجوي والقوات الجوية والأسلحة المضادة للدبابات، فضلًا عن تعاون مستقبلي في مجال التدريب العسكري، وتبادل الخبرات وصيانة المعدات، خاصة أن الخبرات وصيانة المعدات مازالت تمثل نسبة كبيرة في أسلحة بعينها في الجيش المصري".
وأكد الخبير الاستراتيجي والعسكري: "أن القاهرة تحتاج دور ودعم موسكو لتحقيق مطلب مصر، الرامي إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وكذلك دورها ودعمها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والعمل على إنهاء النزاع في سوريا باعتبارها الجناح الشرقي للأمن القومي المصري".
سجال على خلفية سد النهضة
وأضاف اللواء طلعت مسلم أن مصر تحتاج موقفًا من روسيا داعمًا للموقف المصري، في ما يتعلق بالسجال الدائر بشأن سد النهضة الأثيوبي، متوقعًا حدوث ذلك لعلاقات روسيا القوية مع أديس أبابا، ولحرص موسكو على تكوين علاقات قوية مع القاهرة، وكذلك حرص مصر على الشيء نفسه.
ورفض بشدة الرأي القائل إن زيارة السيسي لروسيا بمثابة فخ نصبته له الولايات المتحدة. وقال: "إن دعم العلاقات بين مصر وروسيا يرجع في الأساس إلى شعور موسكو بأنها في حاجة إلى القاهرة، وشعور القاهرة بأنها في حاجة إلى موسكو، فليس هناك فخ منصوب من واشنطن، إلا إذا كان فخًا منصوبًا من اتجاه آخر، في إشارة منه بالتلميح لا بالتصريح إلى جماعة الإخوان المسلمين.
حديث طلعت مسلم بشأن علاقة زيارة المشير السيسي لروسيا بملف سد النهضة الأثيوبي، يتماشى إلى حد بعيد مع تحذيرات كان أطلقها السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري السابق من مخطط أميركي يرمي إلى جعل أثيوبيا قوة مركزية في المنطقة على حساب مصر ودول أخرى، وهو ما يتفهمه السيسي جيدًا، ويريد احتواءه من خلال دعم العلاقات مع روسيا.
استبعد اللواء طلعت مسلم أن يحجّم التقارب المصري الروسي الدور والنفوذ الأميركي في المنطقة، مرجعًا ذلك إلى أسباب عدة، أبرزها أن الولايات المتحدة دولة كبرى ولها مصالحها في المنطقة، وأن مصر لا تريد أن تكون روسيا بديلًا من واشنطن، وأن القاهرة لا تريد استعداء واشنطن، وإنما تسعى إلى علاقات طيبة ومتكافئة مع الجميع، مشيرًا في الوقت عينه إلى أن مستقبل العلاقات سيتوقف على موقف الولايات المتحدة من التقارب المصري الروسي، وما إذا كانت ستقبل به أم لا.
مدلول استراتيجي
اللواء طلعت مسلم اختتم حديثه لـ "إيلاف" بتأكيده على أن زيارة السيسي لموسكو لها مدلول استراتيجي، يتمثل في إعادة علاقات مصر بروسيا إلى مسارها الطبيعي، والذي كان توقف على مدار أربعة عقود، بسبب رؤية السادات السياسية والمتمثلة في القناعة بأن 100% من أوراق اللعبة في منطقة الشرق الأوسط بأيدي الولايات المتحدة.
أما اللواء ممدوح عطية الخبير الأمني فقال في حديثه لـ "إيلاف": "إن روسيا مهمة جدًا لمصر، فهي دولة كبرى وقفت بجانب حلفائها ضد التدخلات والضغوطات الأميركية، خاصة إيران وسوريا، اللتين تعرّضتا للابتزاز نفسه الذي تتعرّض له مصر الآن على يد البيت الأبيض لحساب جماعة الإخوان المسلمين، بهدف تحقيق مخطط تقسيم مصر".
واستدل على أهمية روسيا لمصر على الجانب العسكري بأن العقيدة العسكرية للجيشين متقاربة، وهي العقيدة الشرقية، مؤكدًا أن مصر تحتاج روسيا لتطوير كمية كبيرة من الأسلحة الروسية، والتي مازالت مستخدمة في الجيش المصري، وتحتاج تطويرًا بشكل يستلزم التعاون في مجال الصيانة والتدريب العسكري، ومنح مصر أجيالًا متقدمة من تلك الأسلحة، متوقعًا أن تعيد الولايات المتحدة حساباتها وأن تغيّر من سياستها المعادية لثورة الثلاثين من حزيران (يونيو).
وأرجع ذلك إلى أهمية مصر كدولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، مشددًا في الوقت نفسه على أن مصر تسعى إلى علاقات متكافئة مع كل الدول، ولا تسعى إلى معاداة الولايات المتحدة.