عودة إلى نقطة الصفر في غياب الاتفاق على دور (المقاومة)
سليمان هاجم "المعادلة الخشبية" فانقسمت لجنة البيان الوزاري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عادت النقاشات في مسودة البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام إلى "نقطة الصفر" على رغم حرص المعنيين على الاستمرار في إشاعة أجواء إيجابية، والحديث عن اقتراب موعد إنجاز اللجنة الوزارية المختصة لهذا البيان، الذي ستمثل الحكومة به أمام مجلس النواب لنيل ثقته، ومن ثم الانصراف إلى مهمتها بنحو دستوري ناجز.
طارق عبد الهادي: بعدما كان متوقعًا أن تنجز اللجنة الوزارية في اجتماعها السابع مساء برئاسة سلام في السراي الحكومي الكبير، استولد هذا الاجتماع اجتماعًا ثامنًا، تقرر انعقاده مساء الاثنين المقبل، على أن ينتهز أعضاء اللجنة الموزعين بين فريقي 8 و14 آذار والوسطيين عطلة نهاية الأسبوع لإجراء مشاورات واتصالات من أجل إيجاد حل لموضوع إدراج مصطلح "المقاومة" في البيان، حيث إن فريق 8 آذار يصرّ عليه، من خلال إدراجه بعبارة "حق لبنان واللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي".
فيما يرفض ذلك فريق 14 آذار، ويطرح صيغة حق لبنان واللبنانيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي لم يتأكد رسميًا بعد ما إذا كان أعضاء اللجنة اتفقوا على الاستعاضة عن تعبير "إعلان بعبدا" بالتأكيد على "تنفيذ مقررات هيئة الحوار الوطني، التي عقدت في مجلس النواب والقصر الجمهوري بين العامين 2006 و2012"، باعتبار أن هذا التعبير يشمل "إعلان بعبدا"، الذي وافقت عليه هيئة الحوار الوطني، عندما انعقدت برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في القصر الجمهوري عام 2012.
وقال وزير الصحة وائل أبو فاعور، بعد إجتماع اللجنة مساء اليوم، إن "الأمور في قضية البيان الوزاري ليست مقفلة، والأفق ليس مسدودًا"، لافتًا إلى أن "لجنة صياغة البيان ستعود إلى الاجتماع الساعة السادسة والنصف من مساء الاثنين المقبل، وستجري خلال اليومين المقبلين مشاورات سياسية داخل اللجنة وخارجها، على أمل الوصول إلى تفاهم، ما يُخرج البيان الوزاري في الجلسة المقبلة".
وأضاف: "قبل الحكم النهائي بالفشل أو النجاح، يجب القول إن الجهود ليست جهودنا فقط كجبهة نضال وطني، بل هناك جهود كبرى يبذلها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وليس هناك من حكم نهائي بالفشل أو النجاح، والأمر يحتاج بعض المداولات"، لافتًا إلى أنه "تم تداول عدد كبير من الصيغ اليوم، ولم تحظ كلها بالتفاهم حولها"، مؤكدًا أن "التشاور مستمر، والأفكار مستمرة، وآمل أن تفضي إلى نتيجة".
وأوضح: "من الأساس كانت هناك قضيتان عالقتان، هما "إعلان بعبدا"، وتم تذليلها بالوصول إلى صيغة مرضية، والثانية قضية المقاومة، ولا يزال النقاش مستمرًا حولها"، مشيرًا إلى أن "هناك اتفاقًا على مسألة حق لبنان في مقاومة إسرائيل وبالتمسك بكل أرضه وثرواته، ولكن هناك إشكالية أين تقف حدود الدولة ومرجعيتها".
ورأى أبو فاعور أن "ملامة الرأي العام لنا محقة، لذلك يجب الإسراع في البيان الوزاري"، معتبرًا أنه "كان يجب الاكتفاء ببيان وزاري أقل من مختصر، ولم يتم الاتفاق على هذا الأمر". وأكد أن "كل القوى السياسية تشعر بضغط من الرأي العام اللبناني بضرورة إنجاز البيان الوزاري".
قزي
بدوره أعلن وزير العمل سجعان قزي، بعد اجتماع اللجنة، أنه "لم يتم التوصل إلى حل نهائي، لكننا لسنا أمام حائط مسدود، وسنكمل اجتماعنا في الأسبوع المقبل". أضاف: "سنكون إيجابيين، وليس على حساب المبادئ التي اشتركنا على أساسها في الحكومة، وتتلخص في ما نص عليه الدستور، والمبادئ هي مرجعية الدولة في تقرير كل شيء على الأرض اللبنانية سياسيًا واقتصاديًا، وعلى أساس هذا الموقف وهذه المبادئ، التي لا تخص قوى 14 أو 8 آذار".
أشار إلى "أننا وصلنا إلى نقاط اتفقنا عليها، وما زلنا نتعثر حول بعض النقاط، ومنها موضوع المقاومة وبعض النقاط السياسية الأخرى، نحن إيجابيون، نريد للجنة أن تنجح، وللحكومة أن تعمل بعد نيلها الثقة، خصوصًا أن رئيس الجمهورية سيتوجه إلى باريس"، لافتًا إلى أن "هناك فريقين، وكل فريق متمسك بموقفه، إنما هذا لا يعني أننا أمام حائط مسدود، وإلا لما اتفقنا على عقد جلسة الاثنين المقبل".
سلام ورعد
وكان سلام التقى ظهر أمس رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" (نواب حزب الله وحلفائه) النائب محمد رعد، الذي تمنى بعد اللقاء "الإنتهاء من البيان الوزاري اليوم". وفي الموازاة، اجتمع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مع رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، وبحث معه في موضوع البيان الوزاري، والتطورات على الساحتين اللبنانية والإقليمية.
سليمان والمعادلات الخشبية
وكانت المواقف التي أعلنها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إنعكست سلبًا على أجواء اجتماع اللجنة، إذ علمت "إيلاف" أنها لاقت استياء فريق 8 آذار واعتراضها، خصوصًا أنه وصف معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، التي تطالب بإدراجها في البيان الوزاري، بأنها "معادلة خشبية"، مطالبًا باستبدالها بثلاثية "الأرض والشعب والقيم المشتركة".
وقال سليمان، في افتتاح مؤتمر "أرضي: غد واعد" في جامعة الروح القدس - الكسليك: "إن الأرض والشعب والقيم المشتركة، هي الثلاثية الذهبية الدائمة للوطن، واللازمة لربط ماضيه بمستقبله. فالاحتفاظ بالأرض والحفاظ عليها واجب مقدس، لتأكيد الوطن الواحد والنهائي لجميع أبنائه، أرضًا وشعبًا ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في الدستور، والمعترف بها دوليًا. وهذا لا يتعارض مع الحق في التنقل والإقامة، لا بل يحول دون التجزئة والتقسيم والتوطين، وفق الفقرة "ط" من مقدمة الدستور".
وشدد سليمان على "الحاجة الماسة إلى التزام الاستحقاقات الدستورية، من انتخابات رئاسية، وتشكيل حكومات فاعلة، وإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها". ودعا الجميع في هذا المجال، وفي مناسبة مناقشة البيان الوزاري، "إلى عدم التشبث بمعادلات خشبية جامدة، تعرقل صدور هذا البيان".
وقال: "أما بالنسبة إلى ما حصل من تجاوز للمطلب القاضي بإدراج "إعلان بعبدا" صراحة في البيان نفسه، والاكتفاء بذكر ضرورة تنفيذ مقررات هيئة الحوار الوطني، التي انعقدت في القصر الجمهوري في بعبدا، فأطمئنكم وأؤكد لكم أن "إعلان بعبدا" أصبح من الثوابت، وبمرتبة الميثاق الوطني، وهو تاليًا يسمو على البيانات الوزارية، التي ترتبط بالحكومات، وستظهر الأيام أن الجميع مستقبلًا سيحتاج هذا الإعلان، ويطالب بتطبيقه".
وشدد على "أن هذه الاستحقاقات ليست فقط لحفظ الأمن وتسيير عجلة الدولة، بل لمواكبة العمل الدولي لمساعدتنا، وأقرب مواعيده المؤتمر الثاني، للمجموعة الدولية لدعم استقرار لبنان السياسي والاقتصادي والأمني، وتزخيم الصندوق الائتماني، الذي أطلقه البنك الدولي، هذا المؤتمر سينعقد في باريس في الأسبوع المقبل، بعد المؤتمر الأول، الذي انعقد في نيويورك في أيلول/سبتمبر 2013، وسيعمل أيضًا على إيجاد حل لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم، بعد تفاقم قضيتهم، التي أضيفت إلى مأساة اللاجئين الفلسطينيين، التي يتحمل لبنان أعباءها منذ ستة وستين عامًا".
ودعا سليمان "هيئة الحوار الوطني إلى معاودة جلساتها، بعد نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي، لمناقشة الاستراتيجية الوطنية للدفاع عن أرضنا، التي تعتدي عليها إسرائيل باستمرار، وتحتل أجزاء عزيزة منها، كما فعلت بالأمس، ولمجابهة الإرهاب الإجرامي وضبط السلاح المستشري في المناطق كافة، وقد قدمت تصورًا في هذا الموضوع، يهدف إلى حشد القدرات القومية بأمرة الدولة ومرجعيتها، ويعتمد على تسليح الجيش اللبناني. وأعتزّ أن مشوار تسليحه قد بدأ في عملية غير مسبوقة بدأت من الهبة السعودية وستستكمل في مؤتمرات فرنسا وإيطاليا ودول أخرى، ما يعطي هذا التصور صدقية كبرى وقابلية جدية للتنفيذ".