تحت شعار (المستقبل يبدأ اليوم) ينطلق مؤتمر وان – افرا
دبي تتجه نحو الحكومة الذكية بلا ورق والإعلام يسبح عكس التيار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
انطلقت في دبي اليوم الأربعاء أعمال الدورة التاسعة من مؤتمر الرابطة العالمية للصحف وناشري الأنباء "وان افرا"، الذي تستضيفه جريدة البيان التابعة لمؤسسة دبي للإعلام تحت عنوان "الاستراتيجيات الناجحة لمؤسسات الإعلام: المستقبل يبدأ اليوم".
محمود العوضي من دبي: شهد هذا المؤتمر حضورًا صحافيًا وإعلاميًا ضعيفًا في مقابل وجود عدد كبير وضخم من تجار الورق والسماسرة الأوروبيين والآسيويين. والأمر الغريب أن المؤتمر دعا المؤسسات الصحافية في الإمارات إلى التركيز على شكل الجريدة ومحاولة زيادة عدد صفحاتها وجودة الطباعة فيها، فيما أغفل الحديث عن جودة المواد المنشورة في تلك الصحف. أي إن الاهتمام انصبّ فقط على التقنية، وأهمل المحتوى والمضمون، الذي عادة ما يكون ضعيفًا.
من يطلع على ما يدور في مناقشات ذلك المؤتمر يلاحظ أنه مؤتمر تجاري، بمعنى أن الهدف منه ليس تطوير المحتوى الإعلامي، وليس التخلص من الأوراق، أو بالأحرى تقليصها، وزيادة كفاءة الصحافيين، وسرعة وصول الخبر إلى المتلقي، تماشيًا مع الجهود التي تبذلها حكومة دبي نحو التحول لكي تكون حكومة ذكية، وفي إطار جعل الإمارة "مدينة ذكية" في كل شيئ خلال أعوام وجيزة.
الكمية لا النوعية!
فهذا المؤتمر يسبح عكس التوجه الذكي لحكومة دبي، فبينما هي تتجه صوب الخدمات الالكترونية وتقليل الاعتماد على الأوراق لتكون حكومة بلا ورق، يأتي هذا المؤتمر ليقول إن كفاءة الصحافي تقاس بحجم المواد التي يقدمها وعددها وبالمساحة التي تنشر له في الصحيفة. أي إن الكمية هي التي تقوّم أداء الصحافيين، وليست جودة المحتوى أو قوته.
هذا يدعو إلى التساؤل: ماذا تفعل شركة "إفرا" في الصحافة الإماراتية والعربية، وما الفائدة التي ستعود من تلك الشركة التي تسير عكس أفكارها الذكية ونحو تحقيق المدينة الذكية في المجالات كافة. وما علاقة المؤسسات الصحافية في الإمارات بتلك المؤسسة وتجار وسماسرة الورق في ظل رفعها شعار مؤسسات بلا ورق؟!.
يقول منظمو ذلك المؤتمر إنه فرصة مثالية للمديرين التنفيذيين في مجال النشر للإطلاع على ثروة فكرية عميقة من أفضل الممارسات والتطبيقات الإقليمية والدولية في هذا المجال.
أضافوا أن المؤتمر يرفع شعار "المستقبل يبدأ اليوم"، وأن مجموعة كبيرة من الخبراء والناشرين الأكثر شهرة في العالم في صناعة الإعلام المكتوب والنشر يقدمون فيه أفكارهم واستراتيجيتهم الناجحة في هذا المجال. مشيرين إلى أن المؤتمر يتيح للمشاركين والحضور فرصة كبيرة للتواصل مع هؤلاء الناشرين القادمين من مختلف دول العالم والتعرف إلى خبراتهم والاستفادة من أفكارهم.
ألقت الكلمة االترحيبية في حفل الافتتاح الرسمي للمؤتمر الأميرة ريم علي من الأردن، وهي عضو مجلس إدارة الهيئة الملكية الأردنية للأفلام. وتقدم مجموعة من الصحافيين والناشرين أوراق عمل في المؤتمر حول مستقبل الطباعة والنشر وأفضل الاستراتيجيات في تطوير ذلك المجال، وما هي الرؤى والابتكارات الجديدة. ومن هؤلاء المتحدثين في المؤتمر ظاعن شاهين رئيس تحرير جريدة البيان وعدد من خبراء الإعلام والنشر في المنطقة والعالم، ومنهم جوناثان هولز، ومانفريد ويرفيل، ومات كيلي، ومحمد عبد الله، ومحمد فهد الحارثي، وباتريك دانيال وروب هيجز، وصالح الحميدان وطارق عطية وأناند سرينيفاسان وديبانكار داس. وبي كي فيليب، وفنسينت بيرين وبينامين جاجكوسكي واد كابالدي.
السماء ليست الحد
وكانت الدورة الثامنة من مؤتمر الشرق الأوسط للرابطة العالمية للصحف وناشري الأنباء "وان - إفرا" قد عقدت في العام الماضي في شباط/فبراير 2013 في فندق ماريوت في دبي، تحت عنوان "السماء ليست الحد.. استراتيجيات ناجحة للمؤسسات الإعلامية"، وسط تحديات جمة تواجه الصحافة المطبوعة المحلية الإقليمية والشرق الأوسطية، وتهدد مستقبلها بسبب تطور التقنيات الإلكترونية، وإقبال الأجيال الجديدة عليها باعتبارها مصدرًا مهمًا للأخبار والمعلومات.
واشتملت الموضوعات المطروحة للنقاش والبحث في مؤتمر العام الماضي على تبادل الاستراتيجيات الناجحة للمشاركين. وتحدث في المؤتمر 22 من خبراء الإعلام والصحافة المطبوعة والإلكترونية والتقنيين ومديري الأعمال الإعلامية في جلسات أعمال المؤتمر، الذي عقد على مدار يومين، محتضنًا عددًا كبيرًا من رؤساء وممثلي الشركات ووسائل الإعلام المختلفة للوقوف على الأفكار الجديدة والتحديات غير المألوفة، التي بزغت الأعوام الأخيرة، كما تم تبادل قصص النجاح الخاصة التي تعين على الاستعداد لمواجهة كل ما قد يحمله المستقبل من مفاجآت، وترفع درجة التفاؤل والأمل بأن الصحف قادرة على المنافسة، حتى في ظل ثورة الإنترنت ومصادر المعلومات الرقمية التي تتدفق بغزارة على القراء من كل مكان.
وان افرا.. فرانكفورت
أما الدورة السابعة للمؤتمر فقد عقدت في مدينة فرانكفورت الألمانية في عام 2012، وحضرته "إيلاف". وقد شارك في هذا المؤتمر ممثلون من نحو 30 دولة من مختلف أنحاء العالم. وقد كان مؤتمرًا ضعيفًا أيضًا، ويركز فقط على ضرورة الاهتمام بالطباعة الجيدة وشكل الجريدة وعدد صفحاتها من دون النظر إلى مدى جودة المادة المنشورة في ذلك الورق وفي تلك الصحف. أي إنه مؤتمر للتجار وسماسرة الطباعة في أوروبا وآسيا لعقد صفقات مع صحف منطقة الشرق الأوسط.
وقد اختتمت أعماله بتقديم جوائز إلى الفائزين في مسابقة جودة معايير الطباعة، التي تقدمها منظمة "وان - افرا". وقام المشاركون بعرض آخر التطورات التكنولوجية والأنظمة الخاصة بأتمتة مراحل دورة أعمال النشر والطباعة، فضلًا عن استعراض مختلف التطورات الحالية في مجالات وسائل الاتصال الجماهيري وتأثيرات وتوجهات الإعلام الجديد المستقبلية.
خلال ذلك المؤتمر، التقت "إيلاف" بعدد من المسؤولين في الصحف الأجنبية العالمية، ومنهم مدير عام التوزيع في صحيفة فايننشال تايمز "دومينيك"، الذي قال لـ"إيلاف" ردًا على سؤال حول عدد النسخ التي توزعها الصحيفة في منطقة الشرق الأوسط، إن "فايننشال تايمز" تطبع 20 ألف نسخة للشرق الأوسط، وتتم طباعة تلك النسخ في دولة الإمارات في مطابع مؤسسة جلف نيوز الصحافية.
أضاف "دومينيك" إن عدد الزائرين لموقع الصحيفة على الانترنت يصل يوميًا إلى نحو 2.2 مليون زائر من كل أنحاء العالم. وأشار إلى أن طباعة الورق في أوروبا وأميركا بدأت في التقلص والتقنية أصبحت تتحول صوب المواقع الالكترونية. أي إن الصحف بدأت تتخلى عن نسخها الورقية، ومن ثم تتحول إلى مواقع الكترونية فقط. لافتًا إلى أنه لهذا السبب نجد أن الإمارات ودول الخليج بشكل عام هي المنطقة الرئيسة والوحيدة التي تهتم حاليًا بعملية التقنية الورقية الجيدة وجودة الورق وإخراج صحف ذات جودة ورقية عالية ومتميزة.
وأوضح دومينيك أنه بسبب هذا الاهتمام الكبير بالورق، بدأ تجار الورق الآن يركزون على منطقة الخليج، والإمارات تحديدًا، ولذلك استطاعت الصحف المختلفة والمطابع في الإمارات الحصول على جوائز في هذا المحفل الدولي، ومن ضمنها صحف سفن ديز والبيان والاتحاد، هذا فضلًا عن مطبعة "يو بي تي" في أبوظبي، التي كان لها دور كبير في حصول هذه الصحف على تلك الجوائز.
"وان - إفرا".. بين باريس ودارمشتادت
هذا وتتخذ "وان - إفرا" من باريس الفرنسية ومدينة دارمشتادت الألمانية، التي تقع في ولاية هسن الألمانية، مقرين لها مع وجود فروع لها في سنغافورة، والهند، وإسبانيا، والسويد، وتعد المنظمة العالمية المعبّرة عن ناشري الصحف والأخبار، وهي تمثل أكثر من 18 ألف مطبوعة و15 ألف موقع للإنترنت وما يزيد على 3000 شركة في أكثر من 120 بلدًا، وتكمن مهمتها الجوهرية في الدفاع عن حرية الصحافة والعمل الصحافي ذي المستوى الرفيع والتكامل التحريري وتطوير أنشطة العمل المزدهرة.
وقد شارك وفد مؤسسة دبي للإعلام في الفعاليات المواكبة لتوزيع جوائز "كروس ميديا الإعلامية 2012" التي تقدمها الرابطة العالمية للصحف والناشرين "وان-إيفرا" تكريمًا للمؤسسات الإعلامية، التي تقدم أفضل التوظيفات لأجهزة الإعلام. وقد كان على رأس الوفد رئيس تحرير جريدة البيان وعدد من الإعلاميين والصحافيين الإماراتيين.
وقد حصل على جائزة أفضل تواصل مجتمعي في ألتيماس نوتيسياس - "إلدياريو ديلاجنت" من فنزويلا، وبريس دروك - "ريتر تي في" من ألمانيا، ودبليو في دبليو - "ويستد وتش فيرلاغ أوند فيرب غيسل شافت" - "لوكالكومباس" من ألمانيا.
كما حصل غارديان نيوز أند ميديا - "غارديان فايسبوك"، من بريطانيا، وساتا - "24 ساتا فيسبوك أكتيفيتي" من كرواتيا، ولوبارزيان - "لوبرزيان أون فايسبوك" من فرنسا على جائزة أفضل استخدام للفايسبوك من قبل جريدة. أما جائزة التعامل النقدي فحصل عليها: سنغابور برس هولدنغز - "أومي بلوغ كلوب"، سنغافورة، وريجونالميدين أوستيريا - "إغرا ماركتنغ - تيرول - فوتوجوينسبايل"، النمسا، وسنغابور برس هولدنغز - "فلاينغ هاي"، سنغافورة.
أما جائزة المشروعات الخاصة فحصل عليها: فيردنز غانغ - "الهجوم الإرهابي في الثاني والعشرين من يوليو"، النروج، ذي تايمز - "أزمنة المدن المؤهلة لحملات إعادة التدوير"، بريطانيا، أفتون بلات - "إيجاد تلفزيون لمنطقة روكبجورنين"، السويد.
فن الإعلام
من جهته قال فنسنت برجين الرئيس التنفيذي لـ"وان- إيفرا" إن هؤلاء الفائزين يوضحون على وجه الدقة كيف تملكت الصحف بسرعة ناصية فن الإعلام الاجتماعي وكيف تأقلمت بسرعة مع التغييرات السريعة في التكنولوجيا وتفضيلات الجمهور وتوصيل الأخبار عبر الوسائط الإعلامية المتعددة.
هذه الجوائز توضح مجددًا في العام 2012 أن مهمة ناشري الأخبار تدور حول التواصل مع الجمهور، وقد كانت كذلك دومًا"، مضيفًا "لقد تعلمنا منذ بروز وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق كبير، بأن القوة الدافعة للإنترنت اليوم تعتمد على التكنولوجيا لحشد الجمهور وتجميع الجماعات المختلفة حول نطاق عريض من الموضوعات".
وأشار إلى أن "الفائزين بهذه الجوائز يتفهمون الثورة الحالية في ما يتعلق بالتعامل مع الجمهور، ولا بد للناشرين الآن من أن يبذلوا قصارى جهودهم لتحقيق الجاذبية والوضوح في بيئة مفتوحة على نطاق عريض، بينما اعتادت صناعتنا الاعتماد بصفة رئيسة على بيئة مغلقة ومسيطر عليها". ومضى يقول "نحن جميعًا ندرك أن وسائط الإعلام الاجتماعية ليست بديلًا، وإنما هي داعم مهم لمهمتنا الجوهرية، المتمثلة في تقديم محتوى مميز للجمهور المناسب. وهناك الكثير مما يتعيّن تعلمه وتقليده هنا".
فرص أكبر لصناعة النشر
ويرى ري جيكوب ماثيو رئيس الرابطة الدولية للصحف وناشري الأنباء أن تأسيس أنظمة إعلامية فاعلة يعطي فرصًا أكبر لصناعة النشر، وذلك بالاعتماد على تطور التكنولوجيا والطباعة عالميًا، مشيرًا إلى تبني دول الشرق الأوسط وناشريها سياسة التعامل مع مسارات الإعلام كافة، معتبرًا أن الصحافة التقليدية تواجه تحديات كبرى، تتمثل في ضرورة اعتمادها على تعدد المهارات لضمان مستقبل صناعة النشر.
وقد انتخب جيكوب ماثيو في 8 نيسان/أبريل 2011 رئيسًا لـ"وان افرا" من قبل الأعضاء في الجمعية العامة خلال اجتماع المجلس الذي عقد في دبلن في إيرلندا. وأشار ماثيو إلى أن تعدد مهارات الصحافة المطبوعة سيؤتي ثماره على المدى الطويل في منافستها للصحافة الالكترونية، بما في ذلك تقديم النسخ الآنية والمرئية والمسموعة للصحافة التقليدية.
ولفت جيكوب إلى أن أفضل طريقة للاحتفاظ بالقراء هي تقديم أفضل محتوى صحافي مع الإبقاء على الحضور عبر الوسائط الإعلامية المتعددة والجديدة، مؤكدًا على ضرورة وجود معايير للجودة في الصحافة التقليدية بما في ذلك جودة وتميز المحتوى.