تركيا لم تنس احتجاجات ساحة تقسيم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
شهدت تركيا عاما من الاضطرابات تخللتها فضيحة فساد وكارثة في منجم منذ الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للحكومة التي هزت البلاد. ومع توقع تنظيم مظاهرات جديدة خلال عطلة نهاية الاسبوع يقول محللون ان احداث ساحة تقسيم لم تنس.
واستقطبت احتجاجات العام الماضي التي بدأت بحملة صغيرة لانقاذ حديقة غيزي من تحويلها الى مبان تجارية، ما يقدر بنحو ثلاثة ملايين محتج. وقتل ثمانية اشخاص واصيب الالاف بعدما اطلقت قوات الامن الغاز المسيل للدموع بكثافة على المتظاهرين الذين خرجوا الى ساحة تقسيم للاعراب عن غضبهم ضد رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وحملة القمع القاسية التي شنتها الشرطة ضد المتظاهرين.
وشكلت تلك التظاهرات اخطر تحد لاردوغان خلال فترة حكمه المستمرة منذ 11 عاما. وادت سلسلة الازمات خلال الاشهر الـ12 الماضية، ومن بينها فضيحة الفساد التي طالت عددا من ابرز حلفاء اردوغان، وحادث المنجم الذي اودى بحياة 301 شخصا، الى تجدد موجة الغضب ضده.
ورغم مرور عام على احداث ساحة تقسيم، الا ان ذكريات تلك الاحداث العنيفة لا تزال حية في عقول الناس.& ورغم حظر الحكومة للتجمعات في ساحة تقسيم، يدعو النشطاء الى تظاهرة يوم السبت المقبل.& وجاء في بيان لمجموعة "تضامن تقسيم" التي تضم عددا من نقابات العمال ومجموعات المجتمع المدني واحزاب المعارضة "سنخرج الى الساحات بالملايين".
اثارت تلك الدعوة احتمال اندلاع اشتباكات جديدة بعدما كانت الشرطة قد واجهت في وقت سابق من هذا الشهر محتجين تحدوا حظر التظاهر في عيد العمال في الساحة في الاول من ايار/مايو. وفي الاسبوع الماضي توفي شخصان في منطقة يسكنها ابناء الطبقة العاملة في اسطنبول بعد اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين اثناء احياء ذكرى فتى توفي متاثرا بجروح اصيب بها في الاضطرابات في العام الماضي.
يقول سولي اوزيل الخبير السياسي في جامعة قدير حاس في اسطنبول& "ان شبح غيزي لا يزال يحوم فوق راس اردوغان .. ورغم قمع الاحتجاجات الا ان الاستياء لا يزال محسوسا وسينتشر".& ويضيف "منذ احداث غيزي، واصل اردوغان خلق الاعداء والضحايا الجدد لتعزيز سلطاته. وقد اكسبه ذلك اصواتا في صناديق الاقتراع، ولكن هذه الاستراتيجية لن تدوم".
واصبحت الطبقة المتوسطة العلمانية في تركيا تشعر بالاستبعاد بسبب حدة خطاب اردوغان، وقوانينه المثيرة للجدل بما فيها حظر الانترنت وقمع القضاء وفرض قيود على مبيعات الكحول وازدياد عنف الشرطة منذ العام الماضي، بحسب الخبراء.& الا ان اردوغان لا يزال يحظى بدعم قوي خاصة بين الناخبين الاكثر فقرا والاكثر تدينا الذين يشيدون بتحقيقه نموا اقتصاديا كبيرا واعادته الاسلام الى قلب الحكومة.
وحقق حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان والمنبثق من التيار الاسلامي فوزا كاسحا في الانتخابات المحلية التي جرت في اذار/مارس الماضي، ما عزز تطلعات اردوغان للترشح لانتخابات الرئاسة.& الا انه ورغم هذه النجاحات يرى خليل ابراهيم باهار استاذ علوم الاجتماع في معهد انقرة للاستراتيجية ان الاحتجاجات لا تزال تؤثر على الخطاب السياسي.
وقال لفرانس برس ان الاحتجاجات "شكلت عتبة جديدة للديموقراطية التركية وقدمت منبرا لاصوات لم تسمع من قبل. واصبح كل شيء في تركيا يحدد ب +قبل+ غيزي و+بعد+ غيزي".& واضاف "سواء سميتها ثورة ام لا، فان هذه العملية لا تزال مستمرة. ولا يمكن تحقيقها في اشهر او حتى سنوات خاصة وان المتظاهرين يواجهون خصما قويا يمسك بكل الاوراق".
واثارت كارثة المنجم في مطلع هذا الشهر، والتي تعتبر الاسوأ في تاريخ البلاد، موجة من الغضب ضد اردوغان الذين يتهم بعدم الاهتمام بمحنة الضحايا.& واشتبك المتظاهرون مع الشرطة في العديد من المدن بعد ان قلل اردوغان من اهمية الحادث وقارنه بكوارث المناجم في بريطانيا في القرن التاسع عشر.
ويقول بعض المحللين ان الكارثة ستفتح الباب امام زيادة قاعدة غيزي الاجتماعية المؤلفة معظمها من شباب المدن المتعلمين والمثقفين.& وقال مايكل هاردت الفيلسوف في علوم السياسة في جامعة ديوك "اعتقد ان كارثة المنجم الماساوية توفر فرصة لزيادة العوامل التقليدية بين الطبقة العاملة والطبقة المدنية الجديدة الناشطة في احتجاجات غيزي".
وقال هاردت الذي زار اسطنبول في الاسبوع الماضي لالقاء سلسلة من الكلمات حول الذكرى الاولى للاحتجاجات "هذه نقطة تحول في الادراك الشعبي للدمار الذي الحقته سياسات اردوغان الليبرالية الجديدة التي تخلق الثروة للقلة القليلة، وتخرب معيشة الكثيرين بمن فيهم ابناء الطبقة العاملة".& ورغم ذلك فان العديد ممن شاركوا في احتجاجات العام الماضي يشككون فيما تم تحقيقه.
وتقول ميليسا كورتسكان طالبة الفلسفة والتي كانت من بين من نصبوا خيمة في حديقة غيزي لوقف تحويل الواحة الخضراء الى مبان تجارية "في البداية كان الاحتجاج يتعلق بالبيئة. ولكن بعد ذلك انضم الينا جميع من يعارضون الحكومة. وكان الامر عفويا وغير متوقع".& وبعد عام تقول انها لم تفقد الامل في تغيير الوضع.
وتضيف "بالنظر الى الماضي، يعتقد الكثير اننا لم نكسب الكثير .. ولكن على العكس فانا اعتقد اننا اثبتنا ان من الممكن فعل شيء".
وتقول "ربما لا تكون تلك اكثر من ثورة فكرية، ولكن هذا بحد ذاته انتصار".
&