قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&صدرت ملحمة هاري بوتر للكاتبة البريطانية جي كي رولينغ في نهايات تسعينات القرن الماضي أي قبل عشرين عاما تقريبا ثم ما لبثت أن اكتملت في سبعة أجزاء ضخمة. وكان الجزء الأول يحمل عنوان "هاري بوتر وحجر الفلاسفة" 1998 فيما صدر الجزء السابع في عام 2007 تحت عنوان "هاري بوتر ومقدسات الموت". &ويرى نقاد أن هذه السلسلة غيرت الكثير من المبادئ والأسس التي يقوم عليها أدب اليافعين، ثم أدب الكبار أيضا. ومن الملاحظات الأولية هو انغماس صبية وصبايا سنوات الألفية الثالثة الأولى بقراءة أجزاء هاري بوتر الضخمة باهتمام غير متوقع وهو ما قلب الموازين تماما إذ كان هؤلاء ومعهم الناشرون يكتفون بكتب من القطع الصغير فقط.وتقول ماري لالويه رئيسة تحرير المجلة التي يصدرها المركز الوطني لأدب اليافعين في باريس إن قراءا من فئة الصغار أبحروا في قصص أبطالها أكبر منهم سنا ولكنهم لم يكبروا معهم بل ظلوا مخلصين لبوتر وصحبه وهو ما خلق جيلا حقيقيا مسحورا بقصة واحدة، وتلك ظاهرة أثرت بشكل مباشر على إنتاج العصر.&وتلاحظ لالويه تحول ملحمة هاري بوتر إلى واحدة من روايات الأدب الكلاسيكي وهي خانة لا يدخلها كاتب بسهولة، ما يعني أن الرواية أصبحت مرجعا، فيما كان أدب تلك الفترة المخصص للصغار أي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي مأخوذ من الواقع وكان يعكس صورة المجتمع في تلك الفترة. وتقول نيلي شيابرول غاني الباحثة في جامعة كليرمونت فيروند إن "عبقرية الروائية البريطانية رولينغ تكمن في قدرتها على السرد المبدع أولا ثم في جعل بطلها يكبر مع قرائه إذ لم يتوقف عند سن معينة بل واصل حياته مثل الآخرين".أما هيلين لروا، استاذة التوثيق في كلية بيرون فترى أن قدرة الصغار واليافعين على قراءة كتب ومجلدات ضخمة مثل ملحمة هاري بوتر ظاهرة ساهمت في إعطاء قيم جديدة للقراءة ولكنها أثارت نقطة نقاش حادة تتعلق بالأسعار إذ أن الكتب الضخمة تباع بسعر أعلى في العادة فيما تباع كتب الصغار واليافعين بأسعار معتدلة يستطيع هؤلاء القراء دفعها.&ومعنى كل هذا أن الثورة البوترية الأدبية صاحبتها تغيرات مالية أيضا ما دفع دور نشر عديدة إلى السير في الطريق نفسه. وتقول ماري لالويه "فجأة تحول أدب اليافعين إلى مصدر لكسب مال أكثر وأصبح أحد أوجه صناعة التسلية في العالم. وما زاد الأمر سوءا وتعقيدا هو تحول الرواية بأجزائها إلى إنتاج سينمائي وهو ما دفع العديد من المنتجين إلى فعل الشيء نفسه مع روايات أخرى مثل هانغر غيمز، توايلايت، ديفيرجونت والمتاهة وغيرها".&وتقول شين كاسمان مسؤولة تحرير الروايات الأجنبية المخصصة لليافعين في دار كاسترمان "لا يحدث ذلك خمسين مرة حتى لو استخدم هاري بوتر ألعابه السحرية. فجأة أصبح التحدي الاقتصادي كبيرا إلى درجة أن أسعار مبيعات الكتب الأجنبية ارتفعت بشكل جنوني وقاربت أسعار كتب الكبار وهو ما لم يحدث في السابق على الإطلاق".&وتؤكد صوفي فان دير ليندن المتخصصة في هذا النوع من الأدب "السؤال الأهم الذي طرح بعد هاري بوتر هو: ماذا سيقرأ اليافعون بعد هذه الملحمة؟ ولاحظ الناشرون أنها فرصة عظيمة لنشر قصص جديدة بإمكانها تحقيق نجاحات كبيرة بسبب شغف قراء هاري بوتر بقصص السحر والفنظازيا". ولذا صدرت كتب أخرى عديدة من هذا النوع وراحت تملأ الأسواق.&لكن هذا التحول فتح بابا آخر لظهور نوع أدبي جديد أطلق عليه اسم "أدب اليافعين-الكبار" وكانت وراءه رغبة الناشرين في عدم خسارة جيل قراء هاري بوتر الذين تحولوا إلى بالغين. وبالفعل لم تمر فترة طويلة حتى أخذت رفوف المكتبات تمتلئ بكتب مخصصة لليافعين لكن الكبار هم الذين يزورونها ويشترون نتاجاتها. واعتبر ناشرون هذا التوجه نوعا من وسائل تعريف الكبار على الأدب بشكل عام هذا إذا اعتبرنا أن هذه النتاجات تقع ضمن خانة الأدب الحقيقي.&وتقول شين قاسم المختصة بأدب اليافعين إن هذا النوع من الأدب أزال الحدود بين فئات القراء تقريبا ووسع حجم الجمهور بشكل عام حيث أصبح بالغون يقرأون قصصا مخصصة للشباب الصغار. &ويشير تيبو بيرار وهو كاتب قصص يافعين وله باع في مجال النشر إلى تأثير القصص التي تصدر باللغة الإنكليزية على قطاعي النشر والمبيعات في دول أخرى مثل فرنسا ويرى أن هذه الكتب واصلت تغيير تفاصيل قطاع المراهقين ويقول: "أصبح من الطبيعي اليوم أن ترى شبابا في سن 26 يقولون إنهم يقرأون روايات مخصصة لليافعين-الكبار كما يقرأون كتبا مخصصة للبالغين فقط. ولكنني لا أرى في الأمر سوءا بل هو مجرد تطور يغير تفاصيل الأمور. ما أراه هو أن هؤلاء الشباب يبحثون عن متعة القراءة لا غير".&غير أن صوفي فان دير ليندن بدت أكثر تحفظا ولاحظت أن هاري بوتر طور نوعا جديدا من الأنماط الأدبية بالفعل أي أدب اليافعين-الكبار غير أنها شككت في إمكانية القراء اليافعين من مغادرة حلقة كتب السحر والفنطازيا (عدا كتب الخيال العلمي) إلى أنواع أدب أخرى فيها إبداع وفيها معاصرة أو واقعية. وتقول كارولين فوشون مدرسة الأدب في إحدى مدارس باريس الثانوية "أصبحت القضية أشبه ما تكون بالإدمان. ما أراه هو أن المراهقة التي تقرأ بشغف وإعجاب روايات سحر وفنطازيا بمستوى روايات هاري بوتر قد لا تهتم لاحقا بقراءة كتب أدبية عامة. ما لاحظته هو أن هذا الإدمان يوجه الشباب نحو متابعة مسلسلات تلفزيونية تشبه الروايات التي يقرأونها. وهو ما يضع الأدب الحقيقي في محنة حقيقية".&ويتعلق تساؤل آخر بمن هم دون سن اليافعين لأن أغلبهم تابع حكايات هاري بوتر ومغامراته عن طريق السينما ما يعني أنهم لن يقرأوا مجلدات الملحمة الضخمة عندما يتقدمون قليلا في السن.&