قراءات

لا يعرفها إلا القليلون

كورين تيلادو، أكثر كتاب اللغة الإسبانية شعبية في العالم

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&لا يعرف هذه الكاتبة إلا القليلون، إسمها كورين تيلادو وهي صاحبة أكثر الكتب مبيعا في القرن العشرين وهي إسبانية ظلت تكتب بشكل متواصل على مدى 63 عاما وأصدرت أكثر من 4 آلاف قصة وبيع من كتبها 400 مليون نسخة وهو ما يجعلها تتوج باعتبارها أكثر الكتاب شعبية في البلدان الناطقة باللغة الإسبانية.&سبب جهل العالم بتيلادو هو أن قصصها لم تترجم إلى اللغات الأخرى وهو ما حصر شعبيتها بقراء لغتها فقط. ويقارن كثيرون بينها والكاتبة الرومانسية البريطانية باربارا كارتلند التي نشرت 723 قصة وكانت تعتبر صاحبة الرقم القياسي في مبيعات الكتب في العالم ولكنها لم تصل رغم ذلك إلى الرقم الذي سجلته تيلادو. أما كتبها فهي عبارة عن قصص حياتية يومية تروي مشاكل حقيقية وواقعية تواجهها النساء في المجتمع وهو ما حولها إلى أدوات توثيق لعقود طويلة عانت فيها إسبانيا من مشاكل سياسية واجتماعية ضخمة كانت أهمها دكتاتورية الجنرال فرانكو.&مثل كارتلند، تعرضت تيلادو إلى انتقاد كبار المثقفين الإسبان أو الناطقين بهذه اللغة حيث جرد الكثيرون منهم قصصها من قيمتها الثقافية ومنحوها صفة الكتب الترفيهية. ولكن هناك من انبرى للدفاع عنها ومنها منظمة اليونسكو التي صنفتها هي وسيرفانتس في عام 1962 باعتبارهما أكثر الكتاب الإسبان شعبية في العالم ثم وصفها الكاتب المعروف ماريو فارغاس ليوسا بكونها "أبرز ظاهرة اجتماعية ثقافية في اللغة الإسبانية منذ العصر الذهبي". & &واليوم، وكرد اعتبار لهذه الكاتبة، تصدر في اللغة الإنكليزية أول قصة مترجمة لها تحت عنوان "أيام خميس مع ليلى" وقد كتب ليوسا مقدمة الطبعة مشيرا إلى لقاء تم بينهما خلال ثمانينات القرن الماضي وقال "لم تكن عارفة بمدى الشعبية الواسعة التي كانت تمتع بها سواء في الصحافة أو في خيال القراء في أكثر من 20 من البلدان الناطقة باللغة الإسبانية". ويضيف "قد يبدو الأمر نوعا من الهرطقة - وهو كذلك من وجهة نظر نوعية - ولكن ذلك ينتهي إذا ما نظرنا إلى المسألة من وجهة نظر كمية. وأعني بذلك أن كتابا مثل بورخس وغارسيا ماركيز واورتيغا اي غاسيه، أو أيا من المفكرين الأصلاء والمؤلفين الذين يكتبون بلغتي الإسبانية، لم يحصلوا على عدد قراء كالذي حصلت عليه تيلادو، ولم يتمكن أي منهم من التأثير على الناس وعلى الطريقة التي يشعرون ويتحدثون ويحبون ويكرهون ويفهمون الحياة والعلاقات الإنسانية بها مثل ما فعلت ماريا ديل سوكورو تيلادو لوبيز، ويدعوها أصدقاؤها سوكورين".&ويقول مترجم القصة دنكان ويلر وهو أستاذ مشارك في قسم الدراسات الإسبانية في جامعة ليدز، إن كتب تيلادو من النوع المشوق والممتع الذي لا يستطيع القارئ التوقف عن قراءته لحين وصوله إلى الغلاف الأخير، وهي تعطي صورة معبرة عن تاريخ إسبانيا الحديث. ويرى ويلر الخبير في السياسة الثقافية في اسبانيا خلال فترة الانتقال من دكتاتورية جنرال فرانكو، أن قصص تيلادو تشرح التغيرات التي طرأت على أوضاع النساء في البلد لاسيما بعد ازدهار الاقتصاد وتوفر فرص العمل بفضل السياحة، كما تشرح الطريقة التي تطور بها المجتمع بعد انتهاء الدكتاتورية عندما انتشرت ثقافة الشهرة ومتابعة المشاهير في إسبانيا وظهرت موجة افتتان البلد بأسلوب الحياة في أميركا حيث تدور أحداث "أيام خميس مع ليلى".ولدت تيلادو في عام 1927 وتوفيت عام 2009، وكان والدها مهندسا في الأسطول التجاري الإسباني. وأمضت الكاتبة طفولتها في قرية تعيش على الصيد تقع على الساحل الشمالي لإسبانيا وكانت تقرأ الكتب بنهم وأبدت اهتماما بقصص القرن التاسع عشر الكلاسيكية لاسيما قصص اونوريه دو بلزاك وألكسندر دوماس.&وكانت في الثامنة عشرة من العمر عندما كتبت أولى قصصها وعنونتها "رهان جريء" وذلك بعد أن كتب أحد أشقائها الأربعة قصة قرأتها ووجدت أنها غير واقعية فقررت كتابة واحدة بنفسها. ونصحها صاحب مكتبة محلية بإرسال قصتها إلى دار نشر بروغويرا في برشلونة فلم تنشر الدار قصتها في الحال بل وربطتها بعقد بشروط قاسية تفرض عليها إنجاز قصة من 76 صفحة أسبوعيا. وكانت هذه الدار هي الوحيدة التي تشتري ما يدعى بالقصص السريعة زهيدة الثمن التي تباع في أكشاك الصحف. وبروغويرا كانت أيضا وراء ظاهرة القصص البوليسية ومحققي الجرائم والقصص الرومانسية التي تقرؤها النساء في العادة. &وبذا ظلت تيلادو تكتب على مدى 63 عاما وتنتج قصة وراء أخرى وهو ما مكنها من تحقيق دخل ثابت تقريبا كانت في حاجة إليه عندما فشل زواجها واضطرت إلى الإنفصال عن زوجها واهتمت بتربية ابنها وابنتها لوحدها.&تعرضت كتب تيلادو في فترة الدكتاتورية في إسبانيا إلى رقابة صارمة ولكن فرانكو الذي حكم البلد بين 1939-1975 لم يمنع نشرها ومن المعتقد أنه كان يعتبر هذا النوع من الإنتاج الأدبي وسيلة لإلهاء الناس عن القضايا الكبيرة مثل القمع والملاحقات وكبت الحريات.&وكانت تيلادو من جانبها امرأة نزيهة وشريفة تكتب من أجل كسب الرزق وتعتبر نفسها أديبة الواقع لأنها تناولت في كتبها حياة نساء اعتياديات والمشاكل التي يواجهنها في الحياة الحقيقية ولم تكتب أبدا عن قصص حب بين أمراء وأميرات.&ولم تستطع الكاتبة التخلص من العقد الذي وقعته مع دار بروغويرا &حتى عام 1985 عندما أغلقت دار النشر أبوابها وخرجت من السوق. وكانت الدار تتدخل حتى في نهايات القصص وأفضل مثال على ذلك أنها قررت ترك بطلة إحدى قصصها تصاب بالعمى في النهاية فرفضت الدار نشر القصة إلا بعد أن أجبرت الكاتبة على جعل البطلة تجري عملية جراحية في العين. وإلى جانب شروط دار النشر كانت هناك رقابة سلطة فرانكو التي كانت ترفض أن يجري الحديث بحرية عن العلاقات وعن نساء يعملن ويقدن سيارات لأن كل ذلك يتعارض مع الفكر الفرانكوي المتحفظ الذي كان يعتبر المرأة مجرد تابع للرجل. وتقول الكاتبة إن رفض الرقابة عددا من قصصها علمها كيف تكتب بشكل ضمني غير صريح. ثم وبعد انتهاء حكم فرانكو وتوقف آلية الرقابة في نهاية السبعينات شعرت تيلادو بحرية كافية جعلتها تتناول قضايا كانت محرمة مثل الاغتصاب والإسقاط وبدأت تعبر عن أفكار مناصرة للمرأة. ولكنها قالت أيضا "حتى حفيداتي لن يتحررن، لأن الرجال هم الذين يضعون القوانين".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف