سار على الدرب كالاخرين وعاد بافكار لا تشبه افكارهم
خوان غابرييل فاسكيز، بين الواقعية السحرية ومرارة التاريخ
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
البحث متعةوكانت المخبرون اول رواية له تترجم الى الانكليزية وهي تركز على الجانب المظلم والمغمور من تاريخ كولومبيا خلال فترة الحرب العالمية الثانية عندما تعرض الالمان الذين يعيشون في البلاد الى الاعتقال والاحتجاز والى مصادرة املاكهم على يد الحكومة. ولم يكن فاسكيز على علم بهذه الفعلة المشينة حتى اخبرته امرأة مسنة خلال زيارة عائلية في عام 1999 بأن والدها الذي كان يحمل جوازا المانيا وكان يهوديا أيضا كاد ان يسجن. ويقول فاسكيز "في تلك اللحظة عرفت ان لدي قصة". وبعد ذلك بحث الكاتب عن الوقائع الحقيقية كي يمزجها مع الخيال الروائي ليكتشف ان العثور على وثائق منسية والبحث في ارشيف صحف قديمة كان امرا رائعا. وقال "الانكباب على دراسة ورقة قديمة يمثل متعة ما بعدها متعة بالنسبة لي". وتتبع روايته "صوت الاشياء الساقطة" طريقة بناء مشابهة لتحقق عند نشرها صدى عميقا وواسعا ولتمنحه الشهرة الادبية الحقيقية التي كان يسعى لها. &
حقبة سوداء وانفجاراتتدور احداث القصة في اربعينات القرن الماضي اي انه لم يكن موجودا حينها ولكن الفترة التي شهدت انتقاله من يافع الى بالغ كانت حقبة سوداء في تاريخ بوغوتا التي جعلت منها حملة امبراطور المخدرات بابلو اسكوبار مكانا يمكن ان تتحول فيه اي سيارة او اي زاوية الى انفجار. ويقول فاسكيز "عشنا خلال ذلك العقد في مدينة كان لا يمكن التنبؤ بأعمال العنف فيها، بين تفجيرات بالقنابل واطلاق نار في الشوارع ولم يكن احد يدري إن كان سيعود سالما الى بيته في المساء". وامتد العقد الذي تحدث عنه فاسكيز بين اغتيال اسكوبار لوزير العدل الكولومبي رودريغو لارا بونيلا في عام 1984 ومقتل اسكوبار نفسه في عام 1993. وفي كتابه صوت الاشياء الساقطة، عاد فاسكيز الى تلك السنوات وأعاد النظر فيها وكان يشعر بعدم يقين وعدم اكتفاء بما حملت ذاكرته من مفردات وأحداث ومواقف ولذا كان يهاتف اصدقاءا وأقارب ليتأكد مما حدث وليرى إن كان هناك تطابق بين ذكرياته ورواياتهم. ويقول فاسكيز "اتذكر ثلاث مرات على الاقل حدث فيها أنني كنت في منزل شخص آخر عندما اغتيلت شخصية سياسية مهمة ليتم الاعلان بعدها في الحال عن فرض منع التجول" ثم يضيف "كان عليك ان تختار بين ان تمضي الليل في مكان لا تعرفه مع اشخاص لا تعرفهم او ان تحاول الوصول الى بيتك". وينقش فاسكيز ذكريات تلك الايام في احدى فقرات رواية صوت الاشياء الساقطة حيث يتابع الراوي مذيعا تلفزيونيا يتحدث عن اغتيال مرشح للرئاسة. ويقول فاسكيز "على شاشة التلفزيون شاهدنا صورة الضحية باللون الأبيض والاسود مع تاريخ ولادتها وتاريخ وفاتها الحديث. ولم يكن أحد يسأل لماذا قتل هذا الرجل او من قتله لان مثل هذه الاسئلة ما عادت تعني اي شئ في مدينتي".&&هو وغابويعتبر خوان غابرييل فاسكيز افضل كاتب كولومبي حي وهو لقب كان يحمله غابرييل غارسيا ماركيز لنصف قرن من الزمان ولحين وفاته في عام 2014. وخلال تلك الفترة، حاله في ذلك حال كل من يعبث بالقلم في هذا البلد، كان فاسكيز يعيش في ظل ذلك العظيم الذي يسميه الناس "غابو". وكان كتاب ماركيز العملاق "مائة عام من العزلة" عظيما الى درجة أن المكان الوهمي الذي يحمل اسم ماكوندو اصبح اكثر شهرة من عدد مهم من الأماكن الحقيقية في اميركا اللاتينية. ورحل غارسيا ماركيز قبل عامين حاملا معه جائزة نوبل للاداب و30 مليون نسخة بيعت من كتبه، وهو وإن لم يكن من ابتدع الواقعية السحرية إلا أنه كان افضل من طوعها وتحكم بها. وبمرور الوقت تحول اسلوبه في الكتابة من تقليد أدبي الى علامة مسجلة لبلاده وسرعان ما اصبح تعبير "الواقعية السحرية" شعارا تسويقيا لكولومبيا حتى أن مجلس السياحة الرسمي يستخدم هذه الجملة للترويج للسياحة في مختلف مناطق البلاد.&ولكن .. هناك ايضا وجود صعب وحياة مريرة عاشها الكولومبيون على مدى العقود الاخيرة، وهي امور حقيقية وملموسة تماما، وهذه ايضا هي كولومبيا التي يكتب فاسكيز عنها. ورغم أن غابو العظيم تطرق اليها ايضا في رواياته إلا ان الاختلاف بين الاثنين يكمن في التقنية الادبية المستخدمة. ويقول فاسكيز "لو أقررنا بأن جزءا مما تحققه الروايات العظيمة هو انها تفتح ابوابا امامنا للوصول الى اماكن لم نزرها سابقا، وهذا ما أنجزته الواقعية السحرية بالتحديد"، وأضاف "هذه الواقعية السحرية مكنتنا من رؤية عوالم أخرى وزيارة اماكن ما كانت موجودة قبل ذلك. فلا أحد كان قادرا على الذهاب الى تلك الاماكن التي عرضها غارسيا ماركيز في رواية مائة عام من العزلة". ومن الجدير بالذكر هنا أن فاسكيز من المعجبين جدا بغابو ولكنه يعتقد انه وإن كان شريكا في الوطن مع كاتب آخر فلا يعني ذلك ان عليه أن يرث اسلوبه في اكتشاف العالم بالكلمات. ويقول "غارسيا ماركيز نفسه هو افضل انموذج على ان الكتاب يختارون من يؤثر فيهم … لم يبحث غارسيا ماركيز عن كتاب كولومبيين عندما بدأ يكتب بل نظر الى فولكنر وهمنغواي وكافكا. وبالطريقة نفسها، عندما بدأت البحث عن شياطيني وعن هواجسي ادركت بأن غارسيا ماركيز الذي كان سببا وراء تحولي الى كاتب، ما كان قادرا على اعطائي الاجوبة التي اريد، ولم يكن اسلوب الواقعية السحرية جوابا شافيا بالنسبة لي". وبدلا من ماركيز، حول فاسكيز اهتمامه الى كتاب آخرين منهم جوزيف كونراد وفيليب روث وماريو فارغاس يوسا - ثم الاهم، حول نظره الى لا كانديلاريا. ورغم ذلك، أدرك فاسكيز حقيقة ان ذكريات شبابه والضبابية المحيطة بما ترسب عن فترة مراهقته المتقلبة لم تكن قادرة على منحه كل ما يريد من اجوبة ومن يقين بل كانت حبلى بالاسئلة ايضا. وللحصول على الاجوبة ظل الكاتب ينقب في سجلات التاريخ الحقيقي وفي قعر ذاكرته نفسها ليتحول ذلك الى اسلوبه وطابعه ككاتب. ومن المعروف ان لاغلب الكتاب الكبار علاقة صراع مع بلدانهم ومدنهم إذ نراهم يغادرونها لاكتشاف العالم قبل العودة اليها من جديد. وقد سار فاسكيز في هذا الدرب ايضا وكان في الثالثة والعشرين من العمر فقط ليدرك بعدها ان ما فعله مجرد تقليد. ومع ذلك زودته جولاته خارج بلاده بغذاء ادبي خاص ومكنته لاحقا من استخدام كلماته في مساعدة اشخاص في كل مكان في العالم في اكتشاف بلد له تقاليد تسامت، لا على العنف فحسب، بل وعلى الواقعية السحرية ايضا.&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف