قراءات

قراءة في قصيدة صلاح حسن: "البيت القديم"

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كتابة / أحمد فاضل&نادرا ما نجد شاعراً لا يفكر بتاريخه الشفوي بعد انهيار منظومة القيم التي كان يؤمن بها وحلم يومها أنها أصبحت دستوره الذي ينام ويصحو عليه ، والكثير من الشعراء أفنوا أعمارهم يسألون سؤالا واحدا :- متى يكون لنا بيت فيه معنى لحياتنا ؟هذا المعنى وجدت له تفسيرا عند الشاعر الكبير أدونيس الذي كان قد كتب قصيدة عن الوطن يصفه بصفات مختلفة ، مرة بمثابة الأب ، الحجر ، المنزل ، الطفل ، الوجوه ، الشوارع ، هذه كلها وطني &- قالها الشاعر في قصيدته &- وليست دمشق وحدها ، فالبنية الجمالية المبنية على الخيال أوعزت للشاعر أن يكون المنزل وطن والقيم التي تُعلق على هذا المفهوم تعتمد كثيرا على شدة الشعور أو على الذكرى وأكثر من ذلك بكثير على قوة التعبير ، الصورة الشعرية ، الإيقاع الموسيقي للكلمة وعلاقتها الهيكلية بين أجزاء القصيدة وبالتالي قد يكون الشاعر أراد من بيته أن يكون طفلا أو حجرا أو منفى بلا مأوى وهذا فقط وسيلة لتجسيد فكرته الشعرية ، شاعرنا هنا يريد شيئاً آخرا لذلك البيت ولتلك العودة &:أريد أن أعود إلى بيتيبلا ثياب ولا أمتعةأريد أن أعود إلى بيتيبلا ذكريات ولا أقنعةبلا أخوة أو أمهاتبلا نساء ولا كتب قديمة .هكذا ..أعود وحيداإلى بيت ضيقكتوابيت الصغارأغلق الباب خلفيوأنام بلا أحلام ولا كوابيسكشيء لم يحدث أبداأريد أن أعود إلى بيتي الأولبلا ذنوب ولا معجزاتلقد اكتشفت منذ تعرفت على الشاعر قبل سنة من الآن أنه شاعر كوني لا حدود تفصله حينما يريد أن يضع قدميه في المكان الذي اختاره &، لا أسلاك لا معرقلات مصطنعة ممن يضعونها أمام الدكة الحدودية ، شاعر لا يعترف إلا بحريته وحرية الإنسان أينما وجدت ، وهو حينما عاد لبلاده عاد محملا بآمال من حطم أغلال غربته ليتنفس هواؤه و يشرب من ماءه وليعود إلى مرابع صباه ، دراسته ، خشبة المسرح التي امتطاها وأعلن منها مسرحياته والمهرجانات التي قال فيها شعرا لا زالت حناجر الجمهور ترن مسامعه :- أعد .. أعد ..وعندما كان يقترب من بيته يصرخ :أحدق في سقوفه التي تتساقطمنها العصافير الصغيرة والأفاعيأريد أن أعود إلى حجرتي ..على أرضها الرخوة الجرداءقميص أزرق من مؤونة الشتاءوعلى جدارها الموحش صورةلرجل لم أقابله ذات يومولكنه على كل حال كهل حزينأريد أن أعود إلى بيتي البعيدبلا خرائط أو رفاقأخوض في وحول الطريق ،مبللا برياح غريبةووجوه غابرةوحين أصلسوف أغلق الباب خلفيوأنام بلا أحلام أو كوابيسلا حظ كيف مسرحَ الشاعر عودته إلى بيته وكأنه يقوم مقام المونودراما ليقول بمفرده كل ذلك الشعر ، لم يشاركه فيه أحد سوى صدى صوته الذي بدا يتردد أمامه ، خلفه ، فوقه :كشيء لم يحدث أبدا .لم يعد بمستطاعي أن أعودإلى بيتي القديم ..لكنه وقف ، تحجر مشدوها :اللصوص سرقوا المفاتيحوسوف اقضي ليليّ في العراء ،في الكوابيس أو الأحلاموأنا لا أريد أن أعيشمرة أخرىفي الأحلام والكوابيسلأنها تعيدني إلى حياتي ..حياتي التي ضاعتبلا سبب وجيه .سأعود إلى السجنأو إلى الحديقة العامةفي ساحة الأندلس ..هذا المشهد وحده يكفي أن نتعرف حجم المأساة التي يعاني منها الشاعر وهو يعود إلى بيته ، وطنه والذي انتهى وسط جلجلة الأحلام والكوابيس التي هي ليست سوى انعكاس شاحب للحياة المؤلمة التي يعيشها:ولكنني أريد أن أعود إلى بيتي ..سرق اللصوص مفاتيحه في النهاروتركوني وحيدا أمام المارة ،حقيبتي معي مليئة بثياب قديمة .ما نفع هذه المفاتيح إذن ؟لبيت قديم بلا أشجار ولا امرأةأو كتب قديمة ؟لا أريد أن أعود إلى بيتي القديملا مفاتيح عندي ولا أخوةأو أمهات ..الإحساس بالغربة لمن سكن المنافي أمر طبيعي ، لكن المحزن هنا هو بقاؤه فيها حتى وهو يعود لبيته ما يجعله رافضا لتلك العودة ، ولأن بيت الشعراء هو واحد سواء أكان في الشرق أم الغرب فإن الحزن المعلق على أبوابه كثيرا ما أشعرنا أنهم في الهم واحد ، وللشاعرة التايوانية يو Guangzhong نفس الأسباب التي دعتها أن تقول في قصيدتها "Homesickness &" الحنين إلى الوطن :&In my childhoodHomesickness was a small stampI was here , and my mother was over thereWhen I grew upHomesickness was a small tombWith me outside, and my mother insideBut nowHomesickness is a shallow straitI am on this side, and the mainland is on the other sideفي طفولتيكان الحنين إلى الوطن طابع صغيركنت هنا ، وكانت والدتي هناكعندما كبرتكان الحنين إلى الوطن مقبرة صغيرةمعي خارج ، وأمي في الداخللكن الآنالحنين إلى الوطن هو المضيق الضحلأنا في هذا الجانب ، والبر الرئيسي على الجانب الآخرصلاح حسن له كل مبرراته حينما يرفض العودة إلى بيته القديم فهو لا يساوم على دستوره الذي خطه ألماً ، غربةً ، نفوق ذات اليد :لا أريد أن أعود إلى بيتي القديملا مفاتيح عندي ولا أخوةأو أمهات ..لا نساء عندي ولا رفاقلا خرائط ولا وجوه غابرةما نفع هذه المفاتيح ؟إنها لبيت قديملم يعد صالحا للأحلام ولا للكوابيس ..لن أستطيع بعد الآنأن أغلق الباب خلفي ،لن أستطيع أن أنام ،لأنني سوف أبقىبلا كوابيس أو أحلام .&&الشاعر خط على باب بيته هذا التاريخ 27 &- 5 &- 2016 وهو اليوم الذي ودعه فيه عائدا نحو غربته الطويلة التي لا تريد أن تنتهي لأن الخيط الذي يربطه بها مع بيته القديم خيط واه وأن " أوهن البيوت لبيت العنكبوت "&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تعليق
بسبوسة -

يفتقر النّص، الذي شكّل مادة أحمد فاضل، إلى الإيقاع مثلما يفتقر إلى البناء و الذائقة الشعرية. فهو أقرب إلى حديث جرى في مطعم ماكدونالد للمأكولات السريعة على إيقاع طقطقة خرزات سبحة المؤلف صلاح حسن. أما ترجمة قصيدة الشاعرة التايوانية فهي ركيكة للغاية ووجودها في النّص إقحام غير موفق وحسب.

رد على تعليق
أحمد فاضل -

شكرا بسيوسة رأيك أحترمه فيما يخص قراءتي لقصيدة الشاعر صلاح حسن " البيت القديم " التي لم تعطنا رأيك بها ،فقط كان رأيك بالقراءة وترجمة نص الشاعرة التايوانية الذي أرجو أن تقدمي لنا ترجمة أحسن من التي قدمناها لنتعرف على مكامن الركاكة بها والاقحام غير الموفق الذي عنيتيه ، شكرا مرة أخرى مع تقديري العالي لك .

محاولة ليس إلا
بسبوسة -

هذه ترجمة أُخرى للقصيدة التايوانية: في طفولتي / كانَ الحنينُ للوطنِ طابعاً بريدياً صغيراً. / كنتُ هنا، و أُميّ كانت هُناك. / وَ حينَ كبرتُ / غدا الحنينُ قبراً صغيراً، / أنا خارجهُ، وَ أُميّ ترقِدُ فيهِ. / أمّا الآن، فالحنينُ مَمرٌّ مائي ضَحلٌ./ أنا في هذا الجانبِ، و اليابسة في الجانبِ الآخر.

إجابة
أحمد فاضل -

سيدتي تحية لك واحتراموهي كذلك محاولة مني لترجمة نص الشاعرة التايوانية وقد حاولت الالتزام بهامع أن أي ترجمة قابلة للتأويل لأنك تعلمين سيدتي أن ليس هناك ترجمة تشبه ترجمة أخرى لنفس النص أو المقالة مع اعترافي بجمال ترجمتك التي تغلبت على ترجمتي حقيقة ، هذا من جانب أما جانب تناولي لقراءة قصيدة الشاعر حسن في " قراءة " وليست نقدا كالذي نفهمه وتفهمينه والفرق واضح بينهما ولو كانت حديثا جرى في مطعم ماكدونالد - كما تفضلت - لكانت أقل مما قلناه هنا عنها ، تفضلي بقبول تقديري وتحياتي .