قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&"أن يعيش المرء في روسيا يعني أن يعيش في الجحيم". ربما تكون هذه الجملة هي خلاصة الرواية التي كتبها مايكل هونيج ومنحها عنوان "شيخوخة فلاديمير ب". ويرد هذا الكلام على لسان شخص يعمل طباخا في فيلا مخصصة لرجل في الثانية والثمانين من العمر سرعان ما نكتشف أنه فلاديمير بوتين نفسه ولكن بعد عشرين سنة من الآن. وفلاديمير في الرواية مصاب بالخرف والنسيان ويمر بحالات هلوسة وتخريف يتذكر فيها أحيانا ولاياته الرئاسية الخمس وشغله منصب رئيس الوزراء لمرتين كما يتذكر في أحيان أخرى خصومه ومناوئيه وأفعاله وبعض ممارساته عندما كان يتمتع بالمال والنفوذ ويوجه أوامر لهذا وذاك من المحيطين به والراغبين في السلطة والثراء.&هذه الرواية مفعمة بالتهكم والسخرية غير المباشرين ولكن وجودهما واضح تماما وتقيم الشخصية الرئيسية فيها، أي فلاديمير في فيلا ضخمة اختارتها له السلطات خارج موسكو لإبعاده وخصصت له أربعين شخصا يقومون على خدمته ورعايته والعناية به وحراسته. وأهم شخصية بين هؤلاء ممرضه نيكولاي شيريميتيف وهو رجل في أواسط العمر أمضى في خدمة بوتين ستة أعوام وتصوره الرواية بأنه آخر رجل شريف في البلد حيث يبدو وكأنه يجهل تماما كل علامات الفساد ومؤشراته وسماته في روسيا الحديثة ثم ما يلبث أن يكتشف تفاصيل ممارسات الآخرين مع تقدم فصول الرواية.&شخصيات الرواية الأخرى عدا بوتين وممرضه، الطباخ ستيبانين الذي يفعل كل شئ للحصول على مال ويحاول جمع أكبر قدر منه من أجل تحقيق حلمه بفتح مطعمه الخاص، وهناك أيضا مديرة المنزل باركوفسكايا وهي شخصية صارمة تبث الرعب في نفوس الكل وتقوم بينها والطباخ معارك حامية حتى أنهما يتوقفان عن تبادل الحديث بشكل كامل. ومع تقدم القراءة سرعان ما نكتشف شخصيات أخرى مثل الحدائقي الذي يؤدي دورا مهما ومثل سائقي فلاديمير الذين يؤجرون سيارتيه المصفحتين بشكل متكرر دون إبلاغه.&الشريف بين كل هؤلاء وهو الممرض شيريميتيف يبدو ساذجا أكثر مما ينبغي فهو لم يدفع رشوة في حياته وعاش طوال سنوات عمره معتمدا على دخله المحدود وقد توفيت زوجته بسبب عجز كلوي لأنه لم يستطع توفير المبلغ اللازم لعلاجها رغم أن كل من صادفه لم يصدق أن من في وضعه لا يملك ثروة كبيرة.&ويواجه شيريميتيف مأساة أكبر عندما ينشر ابن أخيه واسمه باشا، مقالة ينتقد فيها فلاديمير وتركته فيتعرض إلى إلقاء قبض ويطالب المسؤولون بمبلغ 10 آلاف دولار مقابل إطلاق سراحه وإسقاط التهم عنه ولكن سرعان ما يرتفع المبلغ إلى 300 ألف دولار ما أن يعلم هؤلاء المسؤولون بأنه ممرض فلاديمير. ولا يملك شيريميتيف الذي يحب باشا إلى حد بعيد هذا المبلغ وهنا يسقط في معمعة مواجهة مع الواقع المعاش في روسيا حيث كل شئ يباع ويشترى بمبالغ غير منطقية. &من الواضح أن الكاتب أراد بهذه الرواية انتقاد أوضاع الفساد والجشع في روسيا التي يحكمها فلاديمير بوتين وهي أوضاع قد تقضي على أجيال كاملة قادمة. ولكون هونيج طبيب سابق فقد أتقن وصف حالة الخرف التي يعاني منها الرجل العجوز حيث يمر بحالات هلوسة وهذيان نكتشف من خلالها بأنه مارس الإبتزاز والإختلاس وأصدر أوامر بقتل صحفيين وكأن "قتل صحفي شكل من أشكال الرياضة". ونكتشف أيضا أن العجوز فلاديمير يشعر برعب هائل من هاجس يرافقه على الدوام يتمثل بمحاولة رأس رجل شيشاني، فصل عن جسمه، الإنتقام منه. ويسرد الكاتب تفاصيل دقيقة في حياة فلاديمير اليومية بوجود ممرضه مع تداخلات مع شخصيات الرواية الأخرى وينوه إلى أنه لا يشعر بالندم على الإطلاق ثم يفسر ذلك بالقول بأنه بلا ضمير أساسا ويكتب "أعمق جزء من شخصية الإنسان هو الذي يبقى معه إلى النهاية" وهو الغرور قدر تعلق الأمر بفلاديمير الذي يؤكد في إحدى لحظات صحوته "الرجل الشريف في هذه الحياة رجل جبان". وإن واجه واقعا صعبا ف "الخطأ خطؤه. ذلك أن الأذكياء يتكيفون".&
تقع الرواية في 329 صفحة وصدرت في بريطانيا.&