إيلاف+

تراث البدو في رم والبتراء من روائع التراث العالمي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تراث البدو في وادي رم والبتراء من روائع التراث العالمي الانساني

حمد الحجايا من وادي رم: لم تكن الرمال السائلة على وجه البطاح في صحراء وادي رم وهضاب البتراء الوردية بتشكيلاتها الصخرية وكنوزها الاثرية الرائعة هي وحدها مصدر السحر والجمال الذي تميزت به تلك المنطقة سياحيا على قدر ما هنالك من جمال اخاذ /للتراث الشعبي البدوي للقبائل البدوية/ التي تعيش في تلك المناطق. وبالرغم من قساوة الصحراء لكنهم الفوا العيش فيها وبادلوها الحب بالوفاء والعطاء فاحبتهم.. ليتمكنوا من مواصلة العيش فيها فنقشوا على صخرها الوردي اروع حكاية ولهم مع رمالها اجمل حياة. كانت هضاب البيضا الوردية تتعشق خيوط الشمس الذهبية في صبيحة ذلك اليوم الخريفي المشرق لتجفف بقايا الندى العالق بجسدها المرمري من ليلة صحراوية باردة..

ولكنها اخذتنا بين ذراعيها بكل حنان ودفء عندما قادتنا اليها خطانا في الجولة الصحفية التي نظمها الصندون الاردني الهاشمي للتنمية البشرية في البتراء ومنطقة البيضا ووادي رم على اثر اعلان منظمة اليونسكو موءخرا باختيار الواقع الثقافي للبدو في تلك المناطق كاحدى روائع التراث الشفوي وغير الملموس للانسانية في العالم. كان جهدا مميزا قامت به موؤسسات تنموية وثقافية ريادية في المملكة عملت مع ممثلي القبائل الاردنية والجمعيات التعاونية السياحية العاملة في تلك المناطق بمشاركة باحثين اردنيين واجانب استمر اكثر من عام لاظهار الحالة المميزة للتراث الثقافي الشعبي في البادية الاردنية كتراث حضاري عالمي يستحق كل الاهتمام والحماية ضمن اهتمام وطني وعالمي.

يشار الى ان هذا العمل الثقافي الوطني للتراث الشفوي البدوي في البادية الاردنية قدم لمنظمة اليونسكو ضمن اكثر من /60/ طلبا من مختلف انحاء العالم للنظر فيها من قبل لجنة التحكيم الدولية الثالثة والتي فاز بها هذا العمل بهذه الجائزة العالمية التي تعني التقدير والاهتمام لهذا التراث المميز وضمان الدعم والتمويل لخطة عمل لحماية روائع التراث العالمي الذي ترعاه المنظمة وموءسسات عالمية مهتمة بهذا الجانب الثقافي الحضاري.

كان في استقبالنا بالبيضا القريبة من البتراء والتي يطلق عليها/ البتراء الصغيرة/ ذلك البدوي المعتز ببدويته الشيخ سليمان العمارين رئيس جمعية البيضا السياحية وعدد من اعضاء الجمعية من ابناء المنطقة الذين كان لهم الدور الكبير في مساعدة الباحثين والموءسسات الوطنية ممن قاموا بهذا العمل الثقافي المميز وقدموه للعالم باجمل صورة ليحصل على اعتراف اليونسكو بالتراث الشفوي البدوي كارث انساني عريق على مستوى العالم.

واستطاع الشيخ العمارين الذي يسكن وعشيرته البدوية /العمارين/ منطقة البيضا بهمته وايمانه القوي ان يزرع الامل والعزم في ارواح الشباب لاحياء منطقتهم واستغلال أي بادرة امل تمكنهم من توفير العيش الكريم لهم ولاسرهم التي تتجاور /200/ اسرة لا مصدر دخل لها في ظل الظروف المعيشية الصعبة الا من خلال هامش بسيط من فتات ما يتبقى لهم من / السياحة/ في منطقة البتراء.

يقول الشيخ العمارين انه سعيد بالحصول على الجائزة العالمية من اليونسكو والتي بذلنا من اجل الحصول عليها الجهد الكبير بالتعاون مع الموءسسات الوطنية التي دعمت المشروع وجهد الباحثين الاردنيين والاجانب بمباركة وجهود سمو الاميرة بسمة التي ساعدتنا كثيرا في هذا العمل. ويضيف انه بالعمل الجماعي والجهود المخلصة الصادقة دائما يكون هناك نجاح..

ونحن في هذه المنطقة ومن خلال الجمعية نعمل من اجل ايجاد فرص خلاقة لمشاريع تنموية سياحية تسهم في توفير لقمة عيش كريمة لاغلب الاسر الفقيرة بهذه المنطقة والتي لا تملك أي مصدر عيش الا من خلال المشاريع السياحية التي تعمل عليها جمعيتهم. ويشير العمارين الى ان تراثنا البدوي هو اعز ما نملك ونحن نحافظ عليه بقدر استطاعتنا لكونه جزءا مهما من حياتنا وارثنا ولكن هناك الكثير من العقبات التي تحول دون التمسك به والمحافظة عليه من الاندثار..فكل وسائل الحياة الحديثة التي اصبحت تغزو الريف والبادية تشكل عامل جذب للتخلي عن اسلوب حياتنا البدوية التي نعيشها وفيها من الجمال والروعة ما يفوق أي اسلوب حياة اخرى مهما كانت ناعمة ومحببة.

ويبين اننا نعيش الحياة البدوية على طبيعتها في بيوت الشعر ونستمتع بهذه الحياة التي تتسم بالصفاء والنقاء والهدوء..لكن في ظل انعدام مقومات الاستمرار في تلك الحياة البدوية من تربية المواشي او الزراعة التي تعتمد عليها الحياة البدوية اصبحت هناك مشكلة في مواصلة العيش بدون هذه المقومات التي لا بد من توفر مصادر عيش اخرى ناجحة لاستمرارها.

ولذلك كان المشروع الثقافي للمحافظة على هذا التراث المرافق لطبيعة الحياة البدوية فرصة وبادرة امل لتطوير مشاريع تنموية تحافظ على هذا الموروث وبنفس الوقت توفر مصدر دخل كريما للاسر التي تعيش الحياة البدوية. من جانبها تقول الباحثة الاردنية نادين طوقان من الهيئة الملكية الاردنية للافلام والتي عملت مع الفريق الباحث ان التراث البدوي الشفوي الذي شملته محاور الدراسة وقدم لليونسكو تضمن التعبيرات الشفوية والعادات والتقاليد الاجتماعية وما يتضمنها من فنون ادائية في الاعراس والمناسبات البدوية ووسائل المعرفة اضافة الى الحرف اليدوية التي يمارسها البدو في حياتهم. وتوضح ان العمل شمل كذلك الهوية الفلكلورية في البادية الاردنية من غناء وشعر وموسيقى/ الربابة والشبابة والعود/ والقصص المروية بطريقة ممتعة تظهر الهوية الجماعية للمنطقة اضافة الى القضاء البدوي لحل المشكلات والنزاعات عند تلك القبائل.

واظهر العمل قدرة القبائل البدوية على العيش في بيئة قاسية من خلال المهارات التي يمارسها البدو في حياتهم اليومية مثل السير لمسافات طويلة في البيئة الصحراوية القاسية وقدرتهم على تقصي الاثر وتسلق الجبال وممارسة الصيد وتربية الماشية وطرق صنع بيوت الشعر. ويعد العمل الحائزعلى جائزة اليونسكو انجازا وطنيا ومحط فخر لكل الاردنيين بشكل عام وللمجتمعات البدوية في البتراء والبيضا ووادي رم بشكل خاص والتي ستوجه الاهتمام العالمي لهذه القيم الفريدة المميزة للقبائل البدوية والمعروفة بالكرم واحترام الضيف والقدرة على التعايش مع بيئتهم الطبيعية..

وهذا بحد ذاته يعد هدفا لليونسكو ترمي من خلاله الى تحفيز الثقافة العالمية لبناء السلام من خلال التنوع الثقافي والتعددية والحوار وبناء القدرات. يذكر ان اليونسكو كانت قررت عام /1997 / ضرورة اعلان جائزة لروائع التراث الشفوي وغير الملموس للانسانية بعد ان تبين وجود نقص في الاهتمام بالتراث الثقافي غير الملموس والمهدد في مختلف ارجاء العالم خاصة في المجتمعات التقليدية مما يتطلب جهودا لحماية هذه الموروثات الغنية للاجيال المقبلة.

وعلى اثر هذا التوجه العالمي شكلت لجنة اردنية للتراث الثقافي الشفوي وغير الملموس والتي قادت عملية تقدم الاردن لهذه الجائزة اذ تم تقييم الاعمال المقدمة من قبل هيئة محكمين دولية تضم /16/ خبيرا مختصا في هذا المجال.. ومنذ انطلاقة هذه الجائزة في عام /2001 / تم تعيين سمو الاميرة بسمة بنت طلال بصفتها مختصة وموءلفة وباحثة في علم الانسان والقضايا التنموية كعضو في لجنة المحكمين الدولية ومن ثم تم تعيين سموها رئيسة لهذه اللجنة للاعلان الثالث.

بترا

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف