الشعوذة في الأردن: أشكال وألوان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عامر الحنتولي من عمان: الحاجة سميعة.. الحاجة ام عميرة.. الحاج أبوسلطان.. الحاجة مدللة أسماء لرجال ديم مفترضين يتخذون من الدين لبوسا فيما هم مشعوذين هدفهم الوحيد الجباية لأموال من وقعوا أسرى خزعبلات وأساطير ومشاكل نفسية نحت منحى التلبس بالجان وعشقه لبني البشر وربطه لهم عن الزواج والإنجاب والهناء كل مع شريكه الآخر ذكورا واناثا. وفي تلك البيوت القديمة الآيلة للسقوط التي يشير اليها سكان الحي القديم في مدينة
سلطانة اسم مستعار لفتاة أردنية تنهض مع اشراقة كل شمس وتنسل من بين أفراد أسرتها المتدينين في منزل متواضع جدا في الزرقاء صوب الجامعات الأردنية الخاصة التي يتميز طلبتها بأنهم ذو ثراء وترف مرتفع يجعلهم هدفا سهلا ومأمونا لأصحاب مهن وحرف كثيرة وهناك تفرد سلطانة لـ"إيلاف" شنطتها المليئة بالقطع الورقية النقدية الأردنية الكبيرة التي جنتها من الإدعاء لطلبة وطالبات بأنه مربوط لهم عن النجاح والزواج والتوفيق من قبل أعداء لهم وأنه يتعين عليهم دفع المال لقاء فك السحر بمعرفتها، وهنا تؤكد سلطانة بأن الجزع البشري يقود زبائنها الى الدفع بل والتوسل بالعمل سريعا لفك الربط.
وتتابع سلطانة وهي واحدة من مئات الفتيات اللواتي يعملن في نفس المجال زبائني يمنعوني من التوبة لله لأنهم أصبحوا زبائني الدائمين ولايستعنون عني في كل خطوة يخطونها لمعرفة طالعهم تقول سلطانة غالبا أضحك عليهم حسب وضعي المالي فإن كنت بحاجة للمال أبالغ في وصف الخطر وان كنت مبسوطة ماليا أقول لهم "توكلوا على الله طريقكم خضراء ومافيها شئ".
مع غروب الشمس تقول سلطانة أركب الباص المتجه الى الزرقاء للعودة الى أسرتي محملة بمالايقل يوميا عن 200 دينار أردني.. تقول أحاول تغيير البيت الذي نقطنه لأنه قديم جدا ودخلنا الشهري بالآلاف لكنها تستدرك قائلة نخشى ان يعرف الناس اننا نكسب كثيرا ونمارس الدجل والشعوذة، حيث تكشف لـ"إيلاف" بأن أمها تمارس نفس العمل لكن بأسلوب مختلف حيث تتحين تقاعدها الوشيك بسبب المرض لتتولى العرش الذي يدر لوالدتها دخلا يوميا صافيا قدره 2000 دينار أردني.. تقول متحسرة أمي تكسب عشر أضعاف ماأكسبه وهي جالسة مرتاحة لاتغادر الطابق السفلي لمنزلها الذي حولته الى وكر آمن للضحك على الذقون واستثمار مشاكل الناس وأوجاعهم.. باختصار ان والدتها هي الحاجة سميعة ذات الصيت الهائل في مدينة الزرقاوي التي لاتحتاج منك أكثر من زيارة واحدة لتحقق لك المراد ثم تدعي أنها تعالج بالقرآن الكريم لكنها لاتلبث الا ان تتمتم بأشياء لاتبدو مفهومة لك وتخربش بأحرف لامعنى لها على ورق ثم تدسه في حجاب لك لتطلب منك ان ترقد فوقه لليلة واحدة ثم تقول متهكمة أتسمعني لليلة واحدة وليس لشهر كما تقول لك "صبحية المجنونة".
خارج بيت الحاجة سميعة الذي كان درجه الخارجي يروج بي بفعل الإهتزاز حيث هو آيل بالفعل للسقوط على رأس من فيه وانا أهم بالدخول اليها تقول احد الفتيات التي تنتظر دورها للدخول الى سميعة انها تحمل لها (الحيلوان) لأنها وفقت بالعودة لزوجها بعد ان كانت قاب قوسين من الطلاق بفعل مشاكل كثيرة.
كانت سلطانة قد أوصتني بألا أحمل معي (تلفون أبوكمرا أو كمرا) لدى الدخول الى والدتها عقدت العزم بأن أكشف انها دجالة أم لها اتصال حقيقي مع الجان فقلت لها ان زوجتي بادرة واسم أمها فريدة وانا اسم أمي عزيزة -وكلها معلومات لاأساس لها حيث كاتب هذه السطور لم يتزوج بعد- وأعاني من مشاكل مع زوجتي ولانطيق بعضنا البعض كما انها لاتنجب وانا متزوج من ست سنوات وهنا أطلقت الحاجة سميعة تنهيدة قوية وكنت قد ارتعبت أن تكون قد اكتشفت كذبي عليها لتفاجئني بالقول "أولاد الحرام ماخلوا لأولاد الحلال مطرح ياابني.. ثم تابعت زوجتك بادرة كان واحد قريبها بيحبها موت ولما تزوجتم انت وليس هو قرر الإنتقام منها بعمل عمل لها ورميه في قاع البحر الميت.. بدك تفكه (سألتني) أجبتها نعم ياليت قالت بكرة بتيجي لعندي ومعك كيس سكر وكيس رز وخمسين كيلو طحين ومبلغ تحت الحساب.. ولما سألتها عن الحساب قالت هات معك 500 دينار أردني دفعة من الحساب.
يقول الدكتور أحمد القاسم الطبيب النفسي لـ"إيلاف" بأن ظاهرة اللجوء الى المشعوذين أخذت تتسع بشدة في المجتمع الأردني لغياب أي جهد توعوي حقيقي من مخاطر الدجالين اللذين غالبا مايوهمون المريض بأنه مريض فعلا ويثيرون في نفسه المتاعب على اعتبار ان أقرباء له هم اللذين ربطوا أو عملوا سحرا له وقال ان أحد المرضى جاءه الى عيادته منهارا بشدة بعد راجع عشرات المشعوذين لحل لغز الكوابيس المفزعة له أثناء نومه، حيث ان أحد المشعوذين نصحه بأن يذبح بيده قبل النوم دجاجة ويمرمغ بها فراشه وينام فوقه حتى الصباح!!. وقال الطبيب النفسي الأردني ان مشكلة المريض كانت انه لايزال يتذكر حادث السير الذي قتل والده فيه أمام أعينه ولايقوى على نسيانه لشدة تعلقه بوالده.