إيلاف+

الجامعة العبرية من لطفي السيد حتى نسيبة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أسامة العيسة من القدس: يواجه الدكتور سري نسيبة، رئيس جامعة القدس، حملة فلسطينية ضده بسبب توقيعه لاتفاق تعاون مع الجامعة العبرية بالقدس، وصلت إلى حد إصدار بيان منسوب لكتائب شهداء الأقصى تم فيه "هدر دم" نسيبية.
و الدكتور سري نسيبةتتركز اتهامات المعارضة لنسيبة على ان خطوته مع الجامعة العبرية هي نوع من التطبيع، وجاءت وسط نقاش اكتسب بعدا عالميا حول دور الجامعات الإسرائيلية بعد مقاطعة نقابة المحاضرين البريطانيين لجامعتين إسرائيليتين ثم التراجع عن ذلك.
والمفارقة انه بعد عقود من تأسيس الجامعة العبرية على جبل المشارف المطل على شرق مدينة القدس، ما تزال العلاقة مع هذه الجامعة تثير النقاش داخل الأوساط الفلسطينية.
في عام 1925 افتتحت الجامعة العبرية، وحضر ليشارك في الافتتاح اللورد بلفور صاحب الوعد الذي يصف في الأدبيات الفلسطينية والعربية بالوعد المشؤوم.
وقررت الحركة الوطنية آنذاك مقاطعة الاحتفال ورأت في حضور بلفور استفزازا وتحديا لمشاعر الفلسطينيين.
وأصدرت بيانا قررت فيه: عدم مشاركة السكان في الاحتفالات التي تقام من اجل اللورد بلفور، والإضراب يوم وصول بلفور، والامتناع عن لقائه بصورة خاصة أو عامة، ومنعه من دخول الأماكن المقدسة، والطلب من الصحف العربية الصدور بإطار اسود مع تعليقات مختصرة بالإنجليزية حول وعد بلفور.
واستجابت الجماهير آنذاك لقرارات الحركة الوطنية وشهدت فلسطين إضرابا شاملا وصدرت الصحف بإطارات سوداء تندد ببلفور.
ونظم مهرجان منددا بالزيارة في الحرم القدسي الشريف وألقى خليل السكاكيني، المفكر والناشط المسيحي، كلمة من على منصة الحرم ضد زيارة بلفور ودعاه للمغادرة لأنه يزور البلاد خلافا لرغبة أهلها.
ونظم الشاعر اسكندر الخوري البيتجالي، وهو ليس من الشعراء أصحاب المواقف الوطنية الواضحة، عن تلك المناسبة شعرا، مما يشير إلى مدى السخط الذي كان يعتمل ضد الجامعة:
الله اكبر كل هـ ذا في سبيل الجامعة!
ما تلك جامعة العلـ وم بل المطامح جامعة!
إن السياسة أوجد تها والسياسة خادعة
من لندن هرولت تضرم نار هذي الواقعة
يا لورد ما لومي عليك فأنت اصل الفاجعة
لومي على مصر تمد لنا كفا صافعة
يا (سيد) قد جئتنا وقلوب قومك هالعة
وشهدت جامعة المطا مع لأ العلوم النافعة
أرأيت كيف تحيط بالعرب الذئاب الجائعة
لو جاء هذي الأرض (احمد) قبل يوم الجامعة
لرأى فلسطينا تقيم له المحافل ساطعة
ولهرولت من كل حد ب للقاء مسارعة
نشكو لكم منكم بني مصر ظروف الواقعة
أوهمتم الأعداء إنا امة متقاطعة
لا تشمتوا أمما غدت فينا وفيكم طامعة
وما ذكره الشاعر في هذه الأبيات باسم "سيد" و"احمد" هو المفكر المعروف احمد لطفي السيد الذي حضر حفل افتتاح الجامعة مندوبا عن الحكومة المصرية.
والشاعر اسكندر الخوري هذا هو نفسه من كتب قبل ذلك بسنوات قليلة مرحبا بالانتداب البريطاني قائلا:
بني التايمز قد فزتم وبالإنقاذ قد جئتم
بلاد القدس شرفتم فآهلا أينما بتم
وتغير موقفه شيئا فشيئا مع وضوح أهداف الاحتلال البريطاني وممارساته وتشجيعه للحركة الصهيونية التي تجندت لانشاء الجامعة العبرية على جبل المشارف الذي يطلق عليه أيضا اسم جبل سكوبس على اسم قائد روماني نصب معسكر لجنوده على الجبل الذي يشكل امتدادا لجبل الطور (جبل الزيتون).
وصب شعراء غضبهم على الذين حضروا افتتاح الجامعة مثل المطران الإنجليزي (مكنس) ومفتي القدس آنذاك كامل الحسيني، وسال الشاعر وديع البستاني المفتي، شعرا عن ملابسات هذه المشاركة:
افتني بالله بالكعبة بالحجر الأسود بالركن الأغر
إن علت في عزها شامخة فوق راس الطور تلهو بالعبر
وغدت جامعة عبرية ونهى الحاخام فيها وأمر
أيقول الشيخ والقس انئد إن للمطران والمفتي حجر
والطور هو جبل الزيتون في القدس الذي بنيت الجامعة العبرية بجانبه على جبل سكوبس، ولكن الشاعر يستخدم ما هو شائع بان الجامعة مبنية على (جبل الطور)
ورد على البستاني شقيق المفتي الحاج أمين الحسيني، الذي عينه الإنجليز فيما بعد مفتيا بعد وفاة شقيقه كامل، فنظمها الشاعر في هذه الأبيات:
يا أخا العرب اتئد حكما ولا تعجلن باللوم ان أمر بدر
إننا نحن بني الشرق لنا في هراء القول عشق مستمر
ليس في الأقوال خير يرتجى ارني الفعل والا فازدجر
إنما الأعمال مسبار الفتى إن يكن خيرا أتى أو يك شر
(إن علت جامعة عبرية فوق راس الطور تلهو بالعبر)
ولئن راحت يد واضعة حجرا اسود أو كان أغر
أترى ترفعها أقوالنا ذاك بيت الشعر لا بيت الحجر
فدع القول أخا العرب وخذ معولا وابن معي مجد عمر
وضع اليمنى بيسراي وقم نحو جيش العرب للعرب انتصر
أو فحارب جيش جهل هائل بظبا العلم وما تحوي البدر
فإذا أنت عن العرب وعن نصر جيش العلم تنأى فاستتر
ولم تؤثر القصائد التي نظمت ضد الجامعة العبرية في بقائها في شرق القدس، حتى في عام 1948، عندما بقي القسم الشرقي من القدس تحت سيطرة الحكومة الأردنية، وحظيت الجامعة بحماية ضمن اتفاقات الهدنة، وكان يصلها بانتظام إمدادا من القسم الغربي من المدينة الذي أصبح جزءا من دولة إسرائيل الناشئة، عبر موكب يخرج من القسم الغربي بحماية دولية إليها.
وبعد حزيران (يونيو) 1967، وسقوط كامل القدس في القبضة الإسرائيلية، توسعت الجامعة العبرية، التي تدرس كل موادها باللغة العبرية، واشتهرت بمكتبتها الضخمة والتي كانت تضم كل الدوريات العربية الهامة التي تصدر في الدول العربية، ومن بينها صحف المقاومة الفلسطينية الممنوعة من دخول المناطق الفلسطينية، فكان يقصد مكتبة الجامعة نشطاء الفصائل الفلسطينية ليطالعوا فيها صحف هذه الفصائل التي كانت تصدر في بيروت، وتحرص إدارة الجامعة على توفيرها لطلبتها.
وتخرج في الجامعة العبرية كثير من العرب الذين عملوا في الأعلام والسياسة مثل الدكتور عزمي بشارة عضو الكنيست القومي العربي، وعصام مخول عضو الكنيست الشيوعي، ووليد العمري مراسل قناة الجزيرة القطرية في فلسطين وغيرهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف