الشباب السوري وثقافة أبراج الحظ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حسام شحادة من دمشق: تعتبر ثقافة الأبراج، ركناً أساسياً من أركان الارتباط بالخرافات والأوهام السحرية، والتي تعد سمة أساسية من سمات الإنسان العاجز المضطهد والمقهور الباحث دائماً عن التكيف مع حياته
وانتشار الخرافة والأساطير يرتبط بمستويات الحرمان والقهر وشدة وتضخيم الإحساس بالعجز وقلة الحيلة أو انعدام الوسيلة... حول هذه المسألة توجهت إيلاف الى عدد من الشباب وسألتهم لماذا نلمس حضور الخرافة والاسطورة ومنها قراءة الفنجان والكف وقراءة الأبراج عند الغالبية من الشباب والشابات فكانت لنا هذه اللقاءات:
خالد المير يقول: التعاطي مع الأبراج هو ضرب من الوهم يعكس قلق الشخصية وعدم توازنها، شخصية مسلوبة الإرادة وعاجزة تطرب لدغدغة عواطف كاذبة على أمل كاذب في أن يتحقق لها ما ترجو وما ترغب.
وفيما إذا كانت ثقافة الأبراج هي تجسيد لقناعات فكرية أو خلفيات ايديولوجية متراكمة تاريخياً، يقول عيسى مهنا: "إن علاقة الارتباتط بين الشباب وبين غياب مثل هذه المعتقدات الخرافية ليس إلزامياً وليس ضرورياً. أي أن تكون العينة من الشباب لا تلغي حضور المعتقدات الخرافية والأوهام في ثقافتهم، حيث لازال قسم كبير من الشباب تسيطر عليه جملة معتقدات خرافية كثقافة التعلق بالأبراج وقراءة الكف أو الفنجان، فهذا يشكل واحداً من المكونات الأساسية لمفاهيمهم الثقافية وهذا يرتبط ارتباطاً عضوياً بالثقافة السائدة.. فالاعتقاد بأن الحظ قادم من خلال الأبراج يلعب دوراً في تحديد ملامح مستقبلهم، وأن هذا الحظ هو بمثابة الآلية المتحكمة بمجريات أمورهم المعيشية فالحظ هنا عملياً هو المجهول ولكن ليس أي مجهول، بل المجهول المتنفذ القادر على الفعل بوجوده الخاص لأن المتحكم الفعلي بأمور حياتهم حتى اللحظة غير مدرك من قبلهم".
سمير علي يقول: "الايمان بالفعل القادم من خلال ثقافة الأبراج هو نتاج حتمي للايمان القدري المرتبط بحالة القهر والاضطهاد والتي يعاني منها الشباب، وبالتالي فإن عملية معرفة المستقبل من الأبراج وسيلة مريحة للبعض المقهور والمغلوب على أمره كيما يتلافى حالة العجز الحقيقي التي يعيشها، وبالتالي ثقافة الأبراج قد تؤمن حالة توازن وجودي في حياة مليئة بالقلق والخوف من المجهول.
أميمة طاهر تعتقد: "أن الايمان بالفعل القادم من ثقافة الأبراج هو نتاج حتمي للايمان القدري المرتبط بحالة القهر والاضطهاد والتي يعاني منها الشباب، وبالتالي فإن عملية سبر ملامح المستقبل من خلال قراءة الأبراج قد تكون وسيلة مريحة لهذا الانسان المغلوب على أمره والمقهور حتى يتمكن من تلافي حالة العجز الفعلي والحقيقي التي يعيش.. والدليل هو سلوك قارئ الأبراج أثناء ممارسته لهذا الطقس.. إنه يلعب دوماً على مسألة القلق والطمأنينة، فهو يثير مخاوف صاحب الحاجة ويؤكد على قلقه ويضخم الأخطار التي مر بها أو التي تنتظره كي يعود فيشعره بالطمأنينة وعلى إمكانية الخلاص والفرج بعد الشدة.
أستاذ علم الاجتماع خالد دباغ يقول أن الايمان بحقيقة المعلومات التي تقدمها الأبراج وقدراتها الخارقة تحقق وظيفتين: الأولى معرفية حيث تعد إجابات تملأ الفراغ المعرفي العلمي الموضوعي، والثانية نفسية بحيث يتحول هذا الإيمان الى وسيلة دفاع يلجأ إليها الإنسان المقهور وأشكال الاعتقاد هذه، ما هي إلا سمات للإنسان الذي يتصف بانعدام منطق التفكير العلمي والتحليل المنطقي الموضوعي للظواهر المحيطة سواء أكانت طبيعية أم اجتماعية أم سياسية، وأيضاً سمة لإنسان يشعر بالدونية الإنسانية وبالتالي الدونية عن الفعل والتحكم بالظروف المحيطة، والعلاقة القائمة بين هذين العاملين علاقة جدل كلي، تشكل الأرضية الأولية له بالذات المقهورة والمستلبة المذعنة لكل الأحوال والظروف والأوامر والسلطات.
في الختام، نرى أن فئة مهمة من شريحة الشباب لازالت تحت تأثير أفكار وثقافة قراءة الأبراج الى هذا الحد أو ذاك، وسواء كان هذا الخضوع مدركاً من قبل الشباب أم غير مدرك، فهي شريحة تحتاج الى الكثير من التأهيل الاجتماعي والثقافي لكي تكون حالة فاعلة اجتماعياً وطاقة خلق وإبداع.
إن ثقافة الأبراج لدليل على وجود شرخ عميق في مسيرة الفعل الاجتماعي العقلاني وما يعكسه في المشروع النهضوي المستقبلي في مرحلة تاريخية تتسم بالانفتاح في عصر العولمة بكل أبعادها وهذا يتطلب إعادة عصرنة على الصعد والمستويات حتى يتمكن الشباب من معرفة خصائص وأنماط تفكيره وحاجاته ومتطلباته المعرفية وتطلعاته الإنسانية.